العطشان.. ضرير ولد مع نكبة قريته يرى العودة قريبة

العطشان.. ضرير ولد مع نكبة قريته يرى العودة قريبة

العطشان.. ضرير ولد مع نكبة قريته يرى العودة قريبة  | موسوعة القرى الفلسطينية

لا يزال المواطن محمود خليل العطشان (68 عاما) يراجع حكايات والده وأعمامه الذين هجروا من قرية الحديثة قضاء الرملة، حين حملوه رضيعا لا يتجاوز عمره شهرين، وهربوا به من بين القذائف والقنابل التي انهمرت على القرية في عام 48.

ورغم أن العطشان ولد ضريرا، إلا أنه يحفظ معالم قريته بكل تفاصيلها، لكثرة حديث عائلته عنها، مع ان الموت غيب من عائلته جميع من عايشوا أحداث النكبة ولحظات التهجير.

وتقع قرية الحديثة على بعد 7 كم شمال شرق مدينة الرملة، وتبلغ مساحة أراضيها سبعة آلاف دونم، وترتفع عن سطح البحر 125 مترا، احتلتها العصابات الصهيونية في 12 تموز 1948 وأقاموا بجانبها بؤرة استيطانية تسمى "أحاديد"، بعد طردهم لـ 900 مواطن من أهلها.

التهجير

يسكن العطشان في مدينة البيرة ويعمل محاضرا في قسم اللغة العربية بجامعة بير زيت، حيث تلقى تعلميه في مدارس رام الله وحصل على شهادة الدكتوراه من الجامعات المصرية، رغم آثار النبكة التي لحقت به وبعائلته.

ويقول العطشان إن أهالي قريته عانوا معاناة شديدة خلال أحداث النكبة، حيث بدأت العصابات الصهيونية بقصف القرية من الجهة الغربية بالتزامن مع قصف مدينتي اللد والرملة، وأن القذائف انهمرت على القرية، ما أدى لتشريد جميع الأهالي.

ويتابع العشطان في حديث لوكالة "صفا": "وكأن رسالة اليهود في تلك اللحظة عليكم بالهجرة إلى منطقة الشرق، فشرد الأهالي إلى قرى رام الله ومنهم عدد قليل ذهب إلى يافا، حتى استقر بأهالي القرية في منطقة مخماس قرب بلدة الرام بالقدس".

ويروي العشطان عن أفراد عائلته الذين عايشوا تلك الأحداث فيقول: "أصيب عدد كبير من الأهالي خلال هروبهم من القرية ومنهم من قتل، حتى أن بعض الأطفال تركوا خلال هروب الأهالي لشدة القصف والقنابل التي تلقتها القرية، وبقي عدد قليل ممن قاموا العصابات الصهيونية".

وعن سبب لجوء الأهالي لمنطقة مخماس يقول: "كانت تربطنا بهم علاقات قديمة وقرابة، حتى أنهم كانوا يرعون الأغنام وينامون في الحديثة هم وأغنامهم، وعند التهجير فتحوا لنا بيوتهم ومضافاتهم احتراما منهم لجدي عثمان العشطان".

ويتطرق العطشان في حديثة إلى أن العصابات الصهيونية شكلت رعبا كبيرا في قلوب الأهالي، وكادت في حينها أن تقع مجزرة، ما أدى لتفرق سكان القرية وتشتتهم بصورة سريعة، حيث هجر العدد الأكبر من الأهالي إلى الأردن، ويبلغ العدد الكلي لأهالي الحديثة الآن أكثر من ستة آلاف نسمة.

حتمية العودة

تحتل تفاصيل قرية الحديثة ذاكرة العطشان، وكأنه عاش كامل حياته فيها، فهو دائم الذكر لمقام اليمني وبئر الماء وكسارة الحديثة، والمناطق المحيطة بقريته مثل بيت نبالا ودير أبو سلامة، وقرية جمزو المهجرة، وأحراش القرية، والبياره.

وينسج العطشان في مخيلته حياة آباءه وأجداده الذين كانوا يزرعون العنب والسمسم والبقوليات ويبيعونها في أسواق مدينة اللد، محدثا عن قريته التي اشتهرت بخصوبة أراضيها ووفرة المياه فيها.

ويقول: "أكثر ما أشتهيه في الحديثة هو الخروب الذي يقطر عسلا، فقد عرف عن القرية في الماضي والحاضر ما اصطلح على تسميته "خروب الحديثة"، حتى أنني أهدي أصدقائي الذين درست معهم في مصر من خروبها، فقد زرتها قبل سنتين واستنشقت هواءها".

وبألم يقول :"صحيح أنني ضرير ولم أر معالم قريتي بعيني، بس أنا بدي أرجع عليها وبدي أرجع أنام في خرايبها، بلدنا ما نباعت لليهود وبيوتها موجودة لهذه اللحظة".

وبحسرة يتابع :"أسخط على كل من أضاع هذه البلاد، وأكاد أقول أن العرب سيحرمون من الجنة لضياعهم لهذا الجمال" .

ويتطرق في حديثه إلى محاولات سماسرة بيع أراضي من قريته إلى الاحتلال في الأردن، فيقول: "سارعت للتواصل مع السفير الأردني وأخبرته بتلك المحاولات الدنيئة، وطلبت منه ملاحقة كل من يسعى لبيع أراضي قريتنا للاحتلال".

ويؤكد العطشان على حتمية عودته لقريته: "يوم العودة اقترب وأراه في وقت ليس ببعيد، وإذا لم أعد أنا سيعودون أبنائي وأحفادي وأبناء بلدي، الحديثة بلدنا وملك لعائلتي وعوائل القرية".