اكتشف معبر كرم أبو سالم
يُستخدم معبر كرم أبو سالم البري أو كيرم شالوم، حسب التسمية المعتمدة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في مرور الشاحنات التي تحمل البضائع من الكيان العبري نحو قطاع غزة المحاصر.
يعدّ معبر كرم أبو سالم الشريان الأول لقطاع غزة المحاصَر منذ سنة 2006، حيث يمر من هذا المعبر البري معظم السلع التي يستهلكها سكان غزة، من الوقود والمواد الغذائية الأساسية. فما وظيفة المعبر؟ وما أهم المواد التي تمر عبره؟ وما أبرز الأحداث التي شهدها منذ تشييده حتى الآن؟
أين يقع معبر كرم أبو سالم؟
يقع معبر كرم أبو سالم -أو معبر كيرم شالوم، وفق التسمية المعتمدة رسمياً في الكيان الإسرائيلي- في جنوب شرق قطاع غزة، وبالضبط في نقطة التقاء الحدود بين مصر والكيان الإسرائيلي وقطاع غزة.
يقع هذا المعبر غرب كيبوتس كيرم شالوم. وكيبوتس تعني مستوطنة زراعية وعسكرية، وهي تجمع سكني تعاوني يضم مجموعة من المزارعين والعمال اليهود، الذين يعيشون ويعملون بشكل جماعي، وتتراوح أعدادهم بين 40 و1500 مستوطن صهيوني.
ويبعد معبر كرم أبو سالم نحو 40 كيلومتراً عن مدينة غزة شمال القطاع المحاصَر، فيما يبعد مسافة 105 كيلومترات عن معبر ترقوميا، الذي يصل بين الضفة الغربية والكيان العبري.
أصل تسمية معبر كرم أبو سالم
حمل المعبر تسمية كرم أبو سالم، نظراً إلى قربه من كيبوتس إسرائيلي يحمل اسم كيرم شالوم، كما هو معروف لدى الأوساط الإسرائيلية. حيث يتبع المجلس الإقليمي لأشكول، وهو أحد المجالس الإقليمية الموجودة في غلاف غزة.
تأسس هذا الكيبوتس سنة 1967، بعد احتلال دولة فلسطين، على يد أعضاء "هشومير هتسعير"، وتعني الحارس الشاب، وهي منظمة عالمية للشباب الصهيوني أُسست سنة 1913 بغرض تنشئة الشباب اليهودي على حب "إسرائيل".
المواد المسموح لها بالعبور في معبر كرم أبو سالم
يُستخدم معبر كرم أبو سالم البري أو كيرم شالوم، حسب التسمية المعتمدة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في مرور الشاحنات التي تحمل البضائع من الكيان العبري نحو قطاع غزة المحاصر، وتشمل مختلف مواد البناء والتشييد، من الحديد والإسمنت والطوب، ولكن بكميات قليلة، إذ تقول إسرائيل إن حماس تستعملها في بناء الأنفاق تحت الأرض بهدف الهجوم على غلاف غزة.
وتسيطر "إسرائيل" على المعبر بشكل كلي داخل الكيان، فيما في الجانب الفلسطيني (قطاع غزة) تشغله أسرتان فلسطينيتان مُنحا الامتياز من السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وبتفويض كذلك من حركة حماس، التي تسيطر على القطاع منذ 2006.
ويجري التنسيق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، من طرف وزارة التجارة والصناعة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله. كما يوجد في معبر كرم أبو سالم أيضاً، بعثة من الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية، التي ترأس مكتب الاتصال داخل المعبر، التي تعمل على "حل" أي مشكلات أو نزاعات متعلقة بالمعبر، حسبما اتُّفق عليه بين الأطراف المعنية بالمعبر.
عراقيل معبر كرم أبو سالم
يواجه العابرين في معبر كرم أبو سالم الكثير من التحديات الأمنية، نظراً لما يتعرضون له من تهديد وابتزاز من عناصر من سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تسيطر على المعبر. حيث يواجه المارين من هذا المعبر الكثير من العراقيل والاستفزازات، ويبتزهم عناصر المخابرات الإسرائيلية، مقابل السماح لهم بالعبور دخولاً وخروجاً.
وتتعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال السائقين الفلسطينيين في المعبر، ثم اقتيادهم نحو أقبية المخابرات قصد التحقيق معهم لأسباب تافهة وغير مقنعة، مستعملةً أسلوب الابتزاز والتهديد في أحيان كثيرة، هدف الحصول على معلومات، حول أماكن وجود عناصر حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إذ تستغل حاجتهم الملحة إلى السفر، من أجل جلب مواد البناء والتشييد. فيما الذين يرفضون التعامل مع المخابرات الإسرائيلية يُضيَّق عليه، ولا يُسمح لشاحناتهم بالعبور إلا بعد مرور ساعات وأيام.
حوادث شهدها معبر كرم أبو سالم
منذ افتتاحه للمرة الأولى قبل 18 سنة، أي في عام 2005، شهد معبر كرم أبو سالم -أو معبر كيرم شالوم وفق الرواية الإسرائيلية الموجهة- الكثير من الحوادث والعمليات، التي أظهرت ضعف جيش الاحتلال الإسرائيلي، رغم ما يدعيه من قوة، ورغم ما يمتلكه من أجهزة متطورة.
ولعل عملية الأسر التي قامت بها عناصر تابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" لأحد الجنود الإسرائيليين سنة 2006، أبرز حدث شهده معبر كرم أبو سالم منذ إنشائه قبل 18 سنة، إذ أسرت عناصر الحركة عريفاً في جيش الاحتلال الإسرائيلي يدعى جلعاد شاليط، في الخامس والعشرين من شهر يونيو/حزيران من نفس السنة.
بعد تسلل عناصر من المقاومة الإسلامية إلى إسرائيل عبر نفق تحت الأرض من قطاع غزة. وقُتل أيضاً خلال العملية التي أطلقت عليها حركة "حماس" "الوهم المتبدد"، جنديان اثنان من جيش الاحتلال، وجُرح 3 جنود آخرين، ما سبَّب إحراجاً كبيراً لإسرائيل التي تزعم أنها أقوى جيش في الشرق الأوسط.
رغم المحاولات الإسرائيلية لاسترداد الأسير شاليط، عن طريق القوة العسكرية ومحاولة دخول القطاع برياً، بهدف حفظ ماء وجهها أمام العالم، فإنها فشلت في ذلك فشلاً ذريعاً، كما فشلت في استرجاع شاليط، إلا بعد مرور نحو 6 سنوات، في عملية تبادل للأسرى في الثامن عشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول سنة 2011.
شهد معبر كرم أبو سالم أحداثاً أخرى، حيث فجر فدائيون فلسطينيون سياراتهم التي فخخوها بالمتفجرات في بوابة المعبر. واستعمل الاستشهاديون الفلسطينيون ناقلة جند مدرعة وسيارتين جيب، فجِّرت اثنتان منها، مما أسفر عن استشهاد 3 من منفذي العملية الفدائية، وإصابة 13 من جنود جيش الاحتلال، وفق بيانات للجيش الإسرائيلي.
وتبنت حركة المقاومة الإسلامية حماس الهجوم، حسبما صرح به أبو عبيدة، المتحدث العسكري باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس". حيث ذكر أنه كان من المقرر أن تنفَّذ العملية بأربع سيارات مفخخة، انفجرت ثلاث منها، وانسحبت الرابعة في اللحظات الأخيرة من الهجوم. ووصف أبو عبيدة هذه العملية الاستشهادية بأنها "هدية للشعب الفلسطيني المقاوم تحت الحصار، وهي عملية عسكرية صافية لم تستهدف إلا العسكريين لا المستوطنين".
وكان آخر حادث شهده معبر كرم أبو سالم، في عملية "طوفان الأقصى"، حيث نشر الإعلام العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، لقطات مصورة توثّق لحظة استيلاء عناصر من الحركة على المعبر، ضمن عملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها حركة حماس رداً على الانتهاكات الإسرائيلية لحرمات المسجد الأقصى المبارك، إذ بسطت عناصر الحركة سيطرتها الكاملة على المعبر البري بشكل كامل، بعد ساعات قليلة جداً من بدء هذه العملية العسكرية التي أطلقها محمد الضيف رئيس كتائب القسام، في السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023، دون مقاومة كبيرة من طرف جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين يحرسون المعبر.
وأسفرت هذه العملية الخاطفة في معبر كرم أبو سالم عن مقتل عدد من الجنود الصهاينة، على رأسهم المقدم يوناتان شتاينبرغ (42 سنة)، قائد لواء "ناحال"، حسبما أعلن دانييل هاغاري، المتحدث العسكري باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتمكنت الحركة من أسر العشرات منه.