قرية رابا معاناة مستمرة بين الاحتلال والجدار والخنازير البرية
جنين - "القدس" دوت كوم - علي سمودي - استهدف الاحتلال الاسرائيلي قرية رابا الواقعة جنوب شرق جنين، بإقامة جدار الفصل العنصري بعد الاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي القرية الزراعية والتي مازال يعاني أصحابها من سلسلة الاجراءات والقيود التعسفية التي فرضها الاحتلال عليهم ومازال يمعن في تخريب المحاصيل وتجريف الأراضي واطلاق الخنازير البرية، بينما يسمح للمستوطنين بالتحرك والاستفزاز خاصة بتحركات مستمرة على قمة جبل السالمة القريب من القرية وسط الاعتداءات على المزارعين ورعاة الماشية والتنكيل بهم.
تعتبر قرية رابا، من أقدم مناطق الريف في محافظة جنين التي تبعد عنها حوالي 20 كيلومتر من الجهة الجنوبية الشرقية، ويحدها من الغرب بلدة الزبابدة والجامعة العربية الأميركية، ومن الشرق قرى بردلة وازيق، ومن الشمال قرى المغير وجلقموس والمطلة، ومن الجنوب مدينة طوباس وقرية عقابا.
قرية رابا التي ترتفع عن سطح البحر 721 متر، يرتبط اسمها بعدة روايات كما يوضح رئيس مجلسها الجديد غسان البزور، فالرواية الأولى تنسب إلى الربوة وهو المكان المرتفع العالي، أما الرواية الثانية فتنسب إلى الاسم الكنعاني (رابيت) والذي تحول بمرور العصور للاسم الحالي، أما السبب الثالث فنسبة لمقام اثري موجود في القرية يسمى مقام النبي "رابين "عليه السلام.
بحسب آخر احصائيات، يفيد رئيس المجلس البزور أن عدد سكان قريته يبلغ حوالي خمسة آلاف نسمة منهم 25% من اللاجئين اللذين شردتهم العصابات الصهيونية في نكبة عام 1948م، ووصلوا إلى القرية التي احتضنتهم أهلها وفتحوا أبوابهم لإيوائهم، واستقروا فيها واندمجوا في الحياة وأصبحوا جزءًا لايتجزأ من السكان، أما مساحة أراضيها حسب البزور، فتمتد على مساحة 27 ألف دونم منها 12 ألف أحراش.
ويشير البزور إلى أن القرية اشتهرت قديمًا بالزراعة البعلية من حبوب وقمح، إضافة للوزيات مثل العنب والزيتون، كما اعتمد الأهالي على تربية المواشي، لكن حديثًا أصبح جزء كبير من الأراضي وخاصة السهلية، تعتمد على الري (المزروعات المروية) بالاعتماد على أغلب الآبار السطحية الخاصة، وكانت هذه المصادر رزق أهالي القرية بشكل عام الذين يتوجهون اليوم أكثر نحو الوظائف العمومية والتجارة والعمالة في الداخل إضافة إلى الزراعة.
وتتميز القرية بوجود مقابر وآثار رومانية قديمة، لكن الأهم بالنسبة للبزور كما يفيد، احتضانها مقامًا أثريًا "مقام النبي رابين"، حيث يوجد بداخله محرابًا من الجهة القبلية، كما تبرز بشكل واضح معالم أثرية قديمة.
بنيت رابا، على مسطح هيكلي تبلغ مساحته حوالي 2500 دونم، تم المصادقة عليها عام 2019، ويؤكد البزور حرص المجالس القروية المتعاقبة على النهوض والتطوير والتنمية، موضحًا أنه يوجد في القرية حاليًا ثلاثة مدارس للإناث والذكور وجميعها بحاجة لإضافة غرف صفية، أو بناء مدرسة جديدة بسبب ارتفاع عدد الطلاب فيها، كما يوجد في القرية روضتين للأطفال وبحاجة للدعم والمساعدة.
وأشار البزور، إلى أهمية تطوير العيادة الصحية التي تتبع لوزارة الصحة، وتزويدها بكادر طبي يواضب على الدوام يوميًا لأن الطاقم الموجود يداوم ثلاثة أيام أسبوعيًا، مما يضطر المرضى للتوجه لمدينة جنين للعلاج مما يكبدهم تكاليف مادية مرهقة.
وذكر، أن هناك نشاط وحركة رياضة في القرية، يقودها نادي رابا الرياضي والذي يعتمد باستمراريته على الدعم من الأهالي والمجلس، وهو بحاجة إلى ملعب ومقر للحفاظ على دوره ورسالته ولاعبيه المتميزين الذين يضطرون للالتحاق بمراكز النوادي في القرى المجاورة بسبب هذه الظروف.
وأكد البزور، أن مجلسه البلدي الجديد المنتخب مع بداية عام 2022م يسعى للعمل بكل السبل للبحث والتواصل مع جميع الوزارات والمؤسسات ذات الصلة والداعمة للحصول على الدعم والتمويل اللازم لتنفيذ رزمة من الاحتياجات والمشاريع للقرية والتي لاغنى عنها، للتوفير على المواطنين في الجهد والتعب والتنقل بين المحافظات وتحسين أي خدمات سابقة من ايرادات هذه المشاريع، موضحًا أن من أهم الاحتياجات، تعبيد الطرق الرابطة الرئيسية بطول مايقل عن 6 كيلومتر مع الجامعة العربية الاميركية، وطرق محافظة طوباس والقرى المجاورة، وتعبيد وتأهيل الطريق الرئيسية رابا - الزبابدة، موضحًا أن هذا الشارع أصبح غير مناسبًا لاستخدامه، إضافة لتعبيد الطرق الداخلية وبناء جدران استنادية وأرصفة لحماية الشوارع الواقعة في المنحدرات التي أدت المياه إلى خراب أجزاء كبيرة منها.
وأوضح البزور، أن المجلس يولي التعليم اهتمامًا كبيرًا ويعمل على دعم المدارس والطلبة بشكل كبير ، لكن هنالك حاجة ماسة وملحة لانشاء مدرسة جديدة في الحي الغربي بسبب الضغط على المدارس وخاصة مدرسة البنات التي تضم أعدادًا كبيرة من الطلبة من الصف التمهيدي حتى الثانوية العامة بما يشكل ضغطًا كبيرًا يجب ايجاد حل سريع وعاجل له.
المشكلة الأكبر بالنسبة لأهالي القرية، عدم توفر شبكة صرف صحي حتى اليوم، ويشير البزور، إلى أهمية استجابة الحكومة الفلسطينية لمطلب الأهالي لإنشاء هذه الشبكة لحل هذه المشكلة المستمرة التي تشكل مكرهة صحية، حيث مازال الأهالي يستخدمون حفر آبار حول منازلهم، إضافة للمطالبة بشق طرق زراعية واستحداث اخرى جديدة للتسهيل على المزارعين للوصول إلى أراضيهم خاصة في مناطق الجدار، وإنشاء مصدر طاقة للكهرباء البديلة وإقامة مشروع طاقة شمسية كبديل عن الكهرباء القطرية الإسرائيلية.
وذكر، أن المجلس يسعى لبناء مجمع للجمهور لاستخدامه كمقر عام لتلبية الاحتياجات وتوفير الخدمات المتعددة وأن يضم مكتبات عامة وأبنية ومقر لرياض الأطفال والمراكز الشبابية والنسوية والجمعيات الخيرية والتعاونية في القرية.
وذكر، أن القرية التي تتمتع بطبيعة خلابة، وتحتضن أماكن للتنزه والترفيه بحاجة إلى مشروع ترفيهي، يمكن من خلاله تحويل الأماكن الحرجية لمواقع وقرى سياحية، إضافة لبناء مقر للنادي الرياضي وإنشاء ملعب للفرق الرياضية والتدريبات الخاصة بهم .
تعمد الاحتلال بناء جدار الفصل العنصري داخل وبمحاذاة أراضي رابا من الجهة الشمالية والجهة الشرقية، وبحسب البزور، فقد اقتطع جزء كبير من أراضي القرية الزراعية والتي أصبح يعاني أصحابها من ممارسات الاحتلال واعتداءاته كلما وصولوا إلى أراضيهم واقتربوا من جدار الفصل العنصري، بالإضافة إلى قيام الاحتلال بتخريب الأراضي المزروعة وتنفيذ عمليات تجريف دائم.
وذكر أن المزارعون في المنطقتين الشمالية والشرقية، يعانون من قوات الاحتلال في فصل الربيع، بسبب تنظيم المناورات والتدريبات العسكرية ومنع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم طوال هذه الفترة بالإضافة إلى تخريب وتجريف هذه الأراضي، وخلال الموسم الأخير خربت وأتلفت قوات الاحتلال ما لايقل عن 250 دونمًا.
وأضاف: الاحتلال يسمح للمستوطنين بالتسلق إلى قمة جبل السالمة التي لا تبعد عن المساكن 200 متر ويحتلونها لعدة أيام، واحيانا لعدة ساعات وخلال تواجدهم يقومون بالاعتداء بالضرب على المزارعين ومطاردة ومضايقة وطرد رعاة الماشية.
وأكد البزور، أن الاحتلال يتعمد إطلاق الخنازير البرية في أراضي القرية والتي تنتشر بشكل خطير حتى تصل للمنازل الواقعة على أطرافها، وتقوم بمهاجمة وتخريب المحاصيل الزراعية، وخاصة الأشتال والخضار، وفي المناطق السهلية تهاجم البيوت البلاستيكية وتدمر مزروعاتها، إضافة لما تشكله من خطر كبير في مهاجمة المزارعين خلال تواجدهم في أراضيهم، وهذا أدى إلى تكبيد القطاع الزراعي خسائر فادحة.
يقود قرية رابا مجلس قروي تأسس بعد قدوم السلطة الوطنية في عام 1996م، وحاليًا هو مجلس منتخب يتألف من 9 أعضاء ويعمل كفريق واحد، كما يقول البزور، لتوفير كل الخدمات والاحتياجات للمواطنين، ومن أهم نشاطاته توفير خدمات الكهرباء والمياه والهندسة بشقيها، والبناء والتنظيم والترخيص للمواطنين.
وناشد الحكومة الفلسطينية الوقوف إلى جانب القرية لتستمر بالنهوض ودعمها بالمشاريع اللازمة وتحويلها إلى بلدية قادرة على التنمية والتطوير وتوفير كل متطلبات الإنسان الفلسطيني لتعزيز صموده وثباته فوق أرضه.
المقال في موقعه الأصلي: قرية رابا معاناة مستمرة بين الاحتلال والجدار والخنازير البرية