سلسلة رموز فلسطينية (69)... القاص والشاعر والكاتب ركان حسين

سلسلة رموز فلسطينية (69)... القاص والشاعر والكاتب ركان حسين

سلسلة رموز فلسطينية (69)... القاص والشاعر والكاتب ركان حسين  | موسوعة القرى الفلسطينية

هو قاص و شاعر وكاتب فلسطيني، من مواليد عام 1966 في منطقة المزيريب في درعا جنوب سوريا.

يقيم منذ سنوات في ألمانيا قادماً من سوريا إثر المجازر التي قام بها نظام الأسد الساقط.

واعتمد هنا بشكل كامل على مقالة الشاعر والإعلامي ماهر رجا لاستحضار سيرة ركان حسين "بوابة المطر" للفلسطيني راكان حسين واحتمالات الحكاية، المنشورة في صحيفة القدس العربي في الثامن من آب/ أغسطس  عام2021.

وهنا المقالة: صدرت عن دار «كل شيء» ناشرون للنشر والتوزيع، المجموعة القصصية الأولى للكاتب الفلسطيني راكان حسين تحت عنوان: بوابة المطر، جاءت المجموعة في 153 صفحة من القطع المتوسط، وضمت 15 نصاً قصصياً.

ينشغل الكاتب بمغامرة تكوين مدار مختلف وعالم خاص للحكاية لديه، مع هاجس الدخول إلى فلسطين من الأبواب الأخرى، أو كما يقول هو «العودة إلى سرد الحكاية من أرض إبداعية مختلفة في المحتوى والأسلوب»، وهو يفعل ذلك بترحال شاسع الخيال ما بين الأسطورة – الخرافة والواقع – ما بين تعدد الهجرات ومناطق الاغتراب والشتات، في الأمكنة المؤقتة والمحطات والمرافئ، في الطريق إلى البلد المحتل عبر الابتعاد عنه، والطريق إلى الحب عبر رثائه، والطريق إلى استقرار القلب والروح والجسد، عبر سفر لا ينتهي، ومن ثم الطريق إلى الهُوية عبر حكايات الغجر الذين لا هوية أو وطن لهم.

هذه الحياة، الأشياء والتفاصيل والصور والشخصيات والأحداث، يقاربها راكان بشفافية ولغة أثيرية وبأناقة وسعة خيال اللغة والصورة، مغلفة بعفوية عارفة بأشكال مختلقة من السرد والتدفق الحكائي الحي.

في «بوابة المطر» ملامح من كلاسيكيات القصة القصيرة، لكن القارئ يشعر في الوقت نفسه بأن هناك شيئاً خفياً يجعل هذه المجموعة القصصية أشبه بمخاطرة من كاتب يتجاسر على مقاربات سحرية للأحداث والأماكن والمحطات التاريخية، في سيرة الكتابة القصصية الفلسطينية.. ثمة مصادفات مقصودة في تلاقي الواقعي بالمتخيل، واليومي الحاضر بالماضي المحفور على رُقُم وأحافير من مصائر أناس بهيئات مختلفة، لكن كل ذلك يأخذ القارئ إلى الفردوس المفقود، الذي قد يكون فلسطين بصورة «مغار حزور» تارة، أو فلسطين أيضاً، لكن بهيئة «المزيريب» القرية السورية الجنوبية تارة أخرى، تلك القرية التي احتالت على روح راكان، إذ تشبهت بفلسطين، وربما غافلها هو أحياناً بأن رمى عليها عباءة فلسطينية.

وببساطة يستدرج راكان إلى مدارج قصصه روح الخيول البرية فيتركها تتدفق، لكنه يمنحها في الأثناء سمات حاذقة من الرمز العميق الظلال، ويفتح أمامها أبواب الزيارات لوقائع ومصائر من تاريخ كنعان. الكهوف والمقابر والخرافة والأرواح الهائمة، وفكرة البدوي عن الليل والوحشة، وفناجين القهوة وروح الشمس، وأسرّة الأساطير المبجلة في خيال بيت الشَّعر وعواء الذئاب على أطياف الريبة. كل ذلك في حكايات تتجول بين ردهات الماضي والحاضر في التباس مدهش، حيث الزمنان كطيفين يلتقيان متعبين، ويحكيان لبعضهما ما فعله الأمس بالقلب، وما أدمى المضارع من الهجرات وغياب الأحبة الأبدي وويلات الحرب وضياع الهوية.

راكان حسين ابن مغار حزور في فلسطين المحتلة، لكنه ولد في المزيريب قرب درعا عام 1966، بين بحيرة ونافذة تطل على شجر الحلم. وقد كتب عن القرية وفلسطين بروح الخيال البدوي فمنح ذلك نصوصه تلك الرقة الملفعة بوحدة البراري، التي تؤوّل الأشياء بالخرافة الممكنة، وتدخل الكهوف التي يتهيب منها الآخرون، وتمنح الحب مكانة الوردة البرية النادرة.

يكتب في «بوابة المطر» بقلب معذب وصور وأسماء متعددة حالماً بالعودة إلى فلسطين، وماشياً في سرده لحكاياته على همس سيرينات الغواية اللواتي دفعن به إلى ارتياد بلاد الأخيلة والمخاطر والغربة والجراح والفقدان في هذه المجموعة.

عن سر علاقته بالحكاية يقول: «المضافة البدوية كانت بلاد العجائب بالنسبة لي منذ كنت ذلك الولد الفلسطيني اللاجئ البدوي الذي تجتذبه كقوة خفية أحاديث وروايات الرجال وكبار السن في الأمسيات» كان ذلك عالماً سحريا ألقى به في الحلم وحمل خياله كل مساء إلى بلدان الدهشة النائية، مرة كمسافر مجهول وأخرى كإنسان يحمل اسماً ما، مرة كمحارب وأخرى كضائع في الصحارى، مرة كشيء مسحور في مدينة الحكايات وأخرى كأمير، مرة كعاشق مفعم بالحياة وأخرى كقتيل بلا ضريح.

«بوابة المطر» هي المجموعة الأولى لراكان حسين، لكنها تبدو نتاج كاتب محترف، لا يشبه أو يقلد سواه، وإنما يقدم للقارئ مغامرة فريدة وممتعة في آن معاً، بما تلتقطه من اللحظات الساطعة في العادي من الحياة. وقد جاءت أشبه برحلة من وحي المستحيل والموت والغبطة والخوف والأمل والعجز والبطولة، وعلى امتداد عناوين مشاكسة لقصص كـ»الطوفان» حيث يعيد المطر الحياة للخرائب ويفتح بوابة العودة، و»الخبيئة» حيث التوق الطفولي إلى مشيئة خارقة من حجر الكحل الكنعاني، إلى التغريبة الثالثة نحو أوروبا، حيث يكتشف الفتى راكان بأنه يحمل اسماً آخر وذاكرة «شتاتنلوس» أو «الساعة» ساعة الضابط الألماني العائد من الحرب العالمية الأولى بكل ضجرها ودهشتها، على يد مهاجر ولاجئ ربما لا يعني لها شيئاً.

كان على راكان أن يبتعد عن المزيريب وبالتالي يزداد ابتعاداً عن فلسطين، ثم كان عليه أن يكتب من ألمانيا عن ذلك الغياب وينتظر قليلاً. ينتظر كمن أطلق صرخة أمام واد عميق ووقف يصغي للصدى. ومن الجهة الأخرى يأتي الصوت. لكن من حيفا هذه المرة. فالحكايات سبقته إلى هناك.

راكان حسين كاتب فلسطيني، عاشت عائلته مرارة اللجوء مرتين؛ من «مغار حزور» قضاء طبريا إلى «خراب نجيل» في الجولان إلى مخيم درعا فالمزيريب جنوب سوريا.

يعيش الآن في مدينة إيسين الألمانية التي وصلها قبل سبع سنوات. عمل مدرسًا لثلاثة وعشرين عامًا في سوريا، وبدأ كتابة القصة قبل عشر سنوات لكنه لم يبدأ بنشر نتاجه الا في السنوات الخمس الماضية في صحف ومواقع الكترونية مختلفة. صدرت مجموعته الأولى «بوابة المطر» قبل شهرين عن دار «كل شيء» في حيفا.

بقلم الكاتب: أ.نبيل محمود السهلي