الجدار الفاصل حول الرام
بتاريخ 22.6.2005، أصدرت محكمة العدل العليا قراراًً مؤقتاً يُلزم الدولة بالإمتناع عن تنفيذ الأعمال لإقامة الجدار الفاصل جنوبي بلدة الرام الواقعة شمال شرق القدس، الى حين الإنتهاء من الإستماع للإدعاءات في القضية. وكانت اسرائيل قررت في البداية اقامة الجدار في هذا المقطع على طول الحدود الخاصة بمسطح نفوذ بلدية القدس، كما تم تحديدها بعد ضم شرقي المدينة في العام 1967. غير أن اسرائيل قررت بناء على طلب من بعض المؤسسات الواقعة في الحي الجنوبي من الرام، في ضاحية البريد، إزاحة مسار الجدار الى الشمال وفصل جزء من الحي عن باقي البلدة.
وتقع بلدة الرام شمال شرق القدس، خارج حدود منطقة نفوذ البلدية. وعلى الرغم من ذلك فإن البلدة ترتبط بتواصل مدني كامل مع شرقي القدس: من الناحية الغربية مع المنطقة الصناعية عطروت وحي بيت حنينا، ومن الجهة الجنوبية مع مستوطنة "نفيه يعقوب"، ومن الشمال مع مخيم اللاجئين قلنديا والذي يقع معظمه خارج منطقة نفوذ بلدية القدس.
إن الجدار الفاصل الذي تتم اقامته يحيط بالبلدة من ثلاث جهات. من جهة الغرب، تم الإنتهاء من بناء جدار بإرتفاع 8 أمتار على طول الشارع الرئيسي الذي يؤدي الى رام الله. ومن الجنوب، سيقام جدار على بعد مئات الأمتار من حدود البلدية والذي سيفصل جزءاً من حي ضاحية البريد في جنوبي الرام عن باقي البلدة. وسوف يمتد الجدار من بيوت المواطنين ولغاية الطرف الشمالي الغربي لـ "نفيه يعقوب". ومن هناك يتوجه الجدار الذي تتم اقامته هذه الأيام، الى الشمال ليحيط بالرام من الناحية الشرقية بصورة تامة تقريباً، من خلال فصل البلدة بواسطة مساحة خالية عن "نفيه يعقوب". ومع أنه من غير المخطط اقامة الجدار الفاصل شمالي البلدة، إلا أن المجال مغلق أمام الرام من هذه الناحية بسبب النتوء الصخري الذي بُنيت البلدة فوقه، ومن تحته يمتد شارع 45 الذي يربط الكتل الإستيطانية في هذه المنطقة مع القدس (شارع بيجن) ومع السهل الساحلي (شارع 443).
وطبقاً لتقديرات رئيس مجلس الرام، فإن عدد سكان الرام يبلغ اليوم حوالي 58.000 مواطن، ويحمل أكثر من نصف المواطنين بطاقات الهوية الإسرائيلية. ويقيم سكان الرام علاقات متبادلة ومتشعبة مع السكان والمؤسسات في شرقي القدس والقرى المجاورة في المحيط في كافة مناحي الحياة، مثل الإقتصاد، التربية والتعليم، الصحة والعلاقات العائلية. ومنذ بدأ العمل في الجدار الفاصل، ونتيجة لبنائه، انتقلت آلاف العائلات التي تحمل الهويات الإسرائيلية الى شرقي القدس.
ومن المتوقع أن يترتب على اقامة الجدار ضرر فادح بكل ما يتعلق بوصول سكان المنطقة الى المؤسسات التعليمية. حالياً يدرس حوالي 20.000 طالب في مدارس الرام، من بينهم حوالي 14.000 يدرسون في شرقي القدس. قسم من المعلمين الذين يُدرسون في هذه المدارس يأتون هم أيضاً من شرقي القدس والبعض الآخر يأتي من البلدات الفلسطينية المجاورة. حوالي 5000 طالب من سكان الرام ممن يحملون الهويات الإسرائيلية يدرسون في مدارس تقع في شرقي القدس، خاصة في بيت حنينا وشعفاط. ومن المتوقع أن يمس الجدار بالتعليم العالي. ومع هذا، فإن معظم الطلاب الذين يسكنون في الرام يدرسون في مؤسسات للتعليم العالي تقع خارج البلدة وسيكون من الصعب عليهم الوصول اليها بعد الإنتهاء من الجدار.
ونتيجة لإقامة الجدار سيلحق الضرر البالغ بقدرة سكان الرام على الحصول على الخدمات الصحية. وحالياً، لا تتوفر على وجه التقريب أية امكانية للحصول على العلاج الطبي في الرام، بإستثناء العلاجات الأساسية. ويحصل الكثيرون من سكان البلدة اليوم على الخدمات الطبية في المستشفيات والعيادات الواقعة في شرقي القدس. ويعاني الآلاف من سكان الرام من الأمراض المزمنة (السكري، ضغط الدم العالي، أمراض القلب، السرطان، أمراض الكلى وغيرها) وهم بحاجة الى العلاجات الثابتة عدداً من المرات خلال الأسبوع. حوالي 95% من حالات الولادة تتم في مستشفيات القدس (بما في ذلك المستشفيات الواقعة غربي المدينة). حوالي 8000 ولد من سكان الرام يحصلون على التطعيمات كل عام في القدس. بالإضافة الى ذلك، يعيش في الرام حوالي 1.500 ولد من المعاقين أو المحدودين على أنواعهم، وبعضهم يتلقى العلاج في مركز تأهيل المعاقين في قلنديا، الواقعة شمال غرب بلدة الرام.
ونتيجة لإقامة الجدار الفاصل سيلحق الضرر البالغ بقدرة سكان الرام على تحصيل أرزاقهم. حيث يعمل القسط الأكبر من القوة العاملة في القدس ومناطق أخرى في اسرائيل. بالإضافة الى ذلك، وبحكم موقع البلدة الإستراتيجي في نقطة المرور ما بين شمال الضفة وجنوبها وبمحاذاة القدس، وبفعل حظر دخول الفلسطينيين الى منطقة القدس ومنع الإسرائيليين من الدخول الى مناطق A في الضفة الغربية، فقد تحولت بلدة الرام خلال السنوات الأخيرة الى مركز تجاري يفور بالحياة. ونتيجة لبناء الجدار فقد أغلقت الكثير من المصانع والحوانيت أبوابها، ومن المتوقع أن تغلق الكثير منها أبوابها أو تقلص نشاطها بسبب الصعوبات التي ستزداد فيما يتعلق بحركة المستخدمين، الزبائن والبضائع.
إن الضرر الذي سيلحق بسكان الرام لا يقتصر على فصل الرام عن القدس، وانما يشمل فصلها عن خمس قرى تقع الى الغرب منها وهي: بير نبالا، الجويدة، بين حنينا، البلد والنبي صموئيل. وسوف يتم احاطة هذه القرى أيضاً وسوف تتحول الى مناطق منفصلة ومغلقة. وتقع بير نبالا مثلا على بعد حوالي نصف كيلو متر من الرام. حالياً، يمكن الإنتقال ما بين البلدات بواسطة عبور الشارع الرئيسي المؤدي الى رام الله، والمرور عبر الفتحة المتبقية في الجدار. وعندما يتم اغلاق هذه الفتحة كما هو مُخطط، سيضطر السكان الى السفر عن طريق رام الله في مسار يصل طوله الى أكثر من عشرين كيلومتراً.