فدوى طوقان وسلّة الزّهر / سيلة الظهر
أثناء مرور فدوى طوقان، شاعرة فلسطين والعرب الكبرى بقرية " سيلة الظهر" الواقعة على جانبي الطريق الرئيسي الذي يربط مدينة نابلس الصامدة بمدينة جنين المجاهدة في فلسطين، وهي متجهة إلى قرية دير الأسد لحضور المهرجان الأدبي الكبير الذي أُقيم على شرفها، سالتني وهي العارفة بالطبع، ما هذه القرية؟ قلت : سيلة الظهر . قالت: معقول ؟ كنت أظنّها سلّة الزهر !! انظرْ معي أليستْ سلة زهر ؟! قلت : بلى وابتسمت من كل قلبها ، وبدا عليها الزهو والسرور ، وراحت ترمق القرية ، وترنو بحنوّ ومودّة إلى كروم اللوز والمشمش التي تكتسي بها روابي القرية وخلايلها وجنبات وديانها ، وهي في عنفوان إزهارها ، وإبّان عقد ثمارها ، قالت: يا الله ! ما هذا السحر ! ما هذه الروعة! ما هذا الجمال ! إنّ هذه البلدة قصيدة لم تخطر ببال شاعر !! وما كان مني في مثل هذه اللحظة المدهشة، وفدوى طوقان شاعرة ترسم بالكلمات ما يرسمه الرسّام بالألوان، والموسيقيّ بالألحان إلا أن ثنَّيت على قولها، وأثنيت على كلمتها الشاعرية العذبة التي قالتها وهي مندهشة ومبهورة : انظر معي! أليست سلة زهر؟! ولما انقضى شهر رمضان، وحلّ عيد الفطر،كتبت إلى شاعرتنا المبدّاة والمفدّاة، فدوى طوقان، بطاقة معايدة قلت فيها بعد عبارات التبجيل والاحترام: فدوى! وأنتِ النّدَى هَلَّتْ نسائمُهُ مع القصيدِ ، فأوحى اللحنَ للوترِ وغرّدَ الطيـرُ شــدواً في مرابِعِهِ بينَ الزهورِ فأعطى الشَّجْوَ للشجرِ وألهمَ الراعيَ المنسـابَ في دَعَةٍ مع الغُنَيْمـات بينَ السّهْلِ والوَعَرِ نشيـدَ شبّابةٍ شَبَّ الحنينُ بها مع الأصيلِ فأغرى النجمَ بالسهرِ غنّى لجفرا ودلعونا قصائدَ مَن غنّى النسيـــبَ لبنت الدَّلِّ والخّفَرِ قد كنتِ في رحلةٍ هانَتْ مصاعبُها لمّا التقيتــــكِ ميعـــاداً مع المطرِ فقلتُ و"الديرُ" في أُرجوحةٍ رَقَصَتْ لبّيكِ يا أختَ إبراهيمَ ! وانْهَمِري على جروحِ بلادي بلسماً عَطِراً وأسعفيها بمــوّالِ الجوى العَطِرِ واسْتَنْـزلي النّورَ من " عِيْبالَ " أُغنيةً في"ذا الظلامِ " لصبـحٍ منه مُنْتَظَرِ وَلْتَسْمعي ما يقولُ اللوزُ من وَلَهٍ بما شعـرتِ بهِ ، أو صُغْتِ من دُرَرِ ما الدربُ يُوصِلُ بنتَ النّارِ نابُلُساً بـِ "سيلةِ الظهرِ" غيرَ الحُلْم في السَّفَرِ و" سيلةُ الظهرِ" فيها اللوزُ مزدهرٌ حقاً على مَـدِّ عينِ المرءِ والنَّظَرِ حسناءُ غنّاءُ تاهَتْ في مفاتِنها ظميـاءُ لميـاءُ في دَلِّ وفي خَفَرِ لفّاءُ هيفاءُ والإشـراقُ زنّرَها عرباءُ هدباءُ مثلُ الطيفِ في السّحَر لما مررتِ بها وقتَ الأصيلِ وقد طلعتِ بالأمل المنشود في العُمُرِ رسمتِ عنها بكلْمات كَرُمْتِ بها رسماً جميلاً بديعـــاً خالدَ الأثَرِ وهي التي من قديمِ الدهرِ رائعةٌ ولا تزالُ وتبقى حلـوةَ الصُّـوَرِ قد سُمِّيَتْ باسمِها حتى مررتِ بها مثلَ الربيـعِ فصارتْ " سَلَّةَ الزَّهَرِ " الشاعر سعود الأسدي وكان لأبناء البلدة موقفاً مشرفاً في حادثة استشهاد الإعلامية في قناة الجزيرة شيرين أبوعاقلة التي استشهدت أثناء تغطيتها لإقتحامات اليهود لمخيم جنين الصادم وعند مرور جنازتها من وسط البلدة حيث شاركت مجموعة كبيرة من سكان البلدة في وداعها عند نقل جثمانها إلى القدس