المجازر في القرية - صَرَفَنْد الخَرَاب - قضاء الرملة
مجزرة صرفند الخراب ارتكبتها قوّات الاستعمار البريطاني في ليلة 10 كانون الأول/ ديسمبر عام 1918، حيث أغارت على قرية صرفند الخراب الواقعة غربي الرّملة، وحرقت المنازل وقتلت أهلها، وكانت الحصيلة استشهاد العشرات من أهالي القرية وتدميرها وتهجير مَن تبقى منهم، معتمداً على مجموعة من المصادر الأساسية التي بنى عليها مادّته وهي الذاكرة الجمعيّة لأهالي البلاد، ومن ثمّ الأرشيفات البريطانيّة والصهيونية، وكذلك المذكّرات، والصور الجوّية.
وفي هذا السياق، يقول الحاج حسن حسين العويني (1928)، وهو من أهالي قرية صرفند الخراب:" كان لهذه القرية أراض شاسعة، فقام الأتراك سنة 1882 بإعطاء اليهود قطعة أرض منها وبنيت عليها مستعمرة ريشون لتسيون أو بالعربي "عيون قارا" التي تقع شمال القرية بــ 3 كم، أما في جنوب قرية صرفند فبُنيت مستعمرة "نتسيونا" في نفس الوقت، ثم بنيت مستوطنة بير يعقوب شرقي البلدة بنحو 2 كم. وكانت الأرض في ذلك الوقت تسمى "جفتلك" أي للسلطان".
صرفند الخراب وأصل الحكاية
بالعودة إلى أصل الحكاية كما يرويها أصحابها، أصحاب البلاد الأصليين، فقد روى جبر سليم محمد، ابن قرية صرفند الخراب للباحث الفلسطيني أكرم زعيتر عام 1932، حادثة مداهمة السلطة العسكرية البريطانية لبلدته صرفند الجديدة.
وأشار إلى وجود مخيم للجيش الإنجليزي حول بلدة صرفند، كما كان إلى جانب القرية 3 مستعمرات يهودية تفتح أبوابها لليهود الانجليز ليأتوا إليها للسكر والعربدة، وكان هؤلاء الجنود يمرون في طريقهم للعودة إلى معسكراتهم بالبلدة وهم سكارى، وقد ضايقت هذه الأعمال أهل القرية الذين اضطروا إلى الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم عبر تعليق أجراس في دكاكين البلدة لتقرع عندما يدخل هؤلاء الجنود إلى القرية.
وكثيراً ما دارت اشتباكات بالأيدي والعصي والحجارة بين أهالي البلدة والجنود السكارى، كانت تنتهي بطرد هؤلاء الجنود من القرية. لكن في أحد الأيام، زعمت حكومة الاحتلال البريطاني أن رجلاً من المعسكر وُجد مقتولاً، مدعية أنه قُتل في بلدة صرفند الخراب، مع أن البلدة، وفق حديث جبر سليم محمد، كانت بريئة من دمه، وعلى إثر ذلك قامت قوة من الجيش بمداهمة بيوت الصرفند أثناء النهار وجمعت كل ما في القرية من عصي وسكاكين لتجرد رجالها من السلاح.
ثم بحلول الظلام، هجم الجنود على القرية، وهنا دقت الأجراس في البلدة، واجتمع المدافعون عنها وهم عزل من السلاح، وحينها لجأ الأهالي إلى تهريب النساء والأطفال إلى بناء قديم في القرية، لا يعرف دهاليزه إلا أهلها، قبل أن يخرجوا لمقابلة الجنود، فمنهم من نجا ومنهم من قُبِض وقتل، قبل أن يقوم الجيش الانجليزي بإحراق كافة منازل صرفند الخارب.
في الصباح، انسحب الجيش تاركاً القريَة خربة محترقة، وجثث الرجال ملقاة أرضاً، والسكان هائمين على وجوههم، فقد أصبحوا لا يملكون حتى الخبز ليأكلوه. أمّا الجرحى، فمنهم من قضى نحبه بعد عذاب شديد، ومنهم من بقي بعاهة لازمته مدى الحياة.