قرية آبل القمح - زيتون ولوز ونوّار
الكاتب : الأب رائد أبو ساحلية، راعي كنيسة القديس يوسف للاتين في الرينة
تقع على تلة مستطيلة متدرجة الارتفاع على يمين الشارع ونحن في طريقنا الى المطلة وقبل الوصول اليها بأربعة كيلومترات.. لا يمكن ان لا تستوقفك هذه التلة فتعتقد بأنها كانت مسكونة منذ غابر الأزمان كحصن أو قلعة تتربع بين السهول وتُشرف على بحيرة الحولة قبل أن تصل الى لبنان.
وبالفعل فإنها كانت كذلك، ولكنها الآن أصبحت جرداء إلا من بعض أشجار الزيتون واللوز والبطم التي تحيطها من كل الجهات كما يحيط السوار المعصم وتعلوها تصارع الريح على أطراف قمتها...
كيف كانت ومن سكنها وأين ذهبوا؟ رغم أنه كان لديهم مقبرتين للمسلمين بمساحة ٢٥ دونما ومقبرة للمسيحيين بمساحة ٢٥ دونما أيضاً.. وحتى القبور لم نجدها لأن الحشائش والأشواك تغطيها.. وما وجدناه بعض أماكن الحفريات التي تكشف عن ماضيها العريق وتتغاضى عن تاريخها القريب لولا بعض حجارة بيوتها المتناثرة هنا وهناك على مساحة الـ ١٠٠ دونم التي كانت تقوم عليها القرية.
سنروي لكم الحكاية بالمعلومة والصورة، من كتاب الدكتور المؤرخ شكري عرّاف: "رقاد وقيام القرى والمدن الفلسطينية"
آبل القمح
تقع هذه القرية إلى الجنوب من المطلة بحوالي 4 كم، ترتفع 336م عن سطح البحر، تحيط بها أراضي المطلة من الشمال، السنبرية والزوق التحتاني من الجنوب وإلى الغرب منها الحد اللبناني. كانت من أعمال جبل عامل. يقع إلى الشمال منها تل الكَرخ وإلى الغرب خربة نيحا وإلى الشرق مقام السلطان إبراهيم.
شربت القرية من عين الرويحية التي تبعد عنها حوالي كيلومتر واحد، استعملوا مياهها لريّ أراضيهم، أما عين كُردية فقد شربوا منها، وكانت تبعد عنهم 1.25كم. كان في القرية اَبار قديمة لم يستعملوا ماءها.
ذُكرت في لوائح تحتمس الثالث المصري باسم "أبير" (1468ق.م.) وشيشاك المِصري (925ق.م.) وتغلت فلاسّر الأشوري (732ق.م.).
عرفها الرومان باسم "أبيلين-Abelane" وذكر أوسابيوس القيصري أنها مسقط رأس ولادة النبي إليشَع باسم "بيت مِحولا" جنوب بيسان، وهذا لا ينطبق عليها.
ذكر إبشرلي وزميله أنها كانت قرية موقوفة عام 870هـ/1465م وقد تبعت تبنين.
مرّ بها الرحالة الألماني زيتسٍن وقال إنها مأهولة بالمتاولة.
وقد ذكرها بطرس البستاني في دائرة معارفه عام 1876 بقوله: "اَبل القمح قرية في قضاء مرج عيون، التابع للواء بيروت. وهي في نواحي بانياس حسنة الموقع بين مرج عيون وبحيرة الحولة، فيها نحو 45 بيتًا".
ضُمّت إلى فلسطين عام 1923، جذر آبل ساميٌ يُفيد المرج والخصب. أسموها قديمًا "آبل المياه" لوفرة عيونها و"مرج القمح"، وقد تكون قامت على موقع "آبل بيت مَعْكة" التي تعني مرج الظُّلم. وهذا ما ظنه كل من أولبرايت واَلت، ولا أساس لذلك إذ أن جوار التل هناك يخلو من أراضي صالحة للحرث، كما أن الفخار الذي عثروا عليه كان من فترة البرونز المتأخر وفترة الانتقال إلى عصر الحديد فقط.
تبعت هذه القرية قضاء مرج عيون أيام العثمانيين، أُلحقت بفلسطين عام 1923.
من حمائلها: أبو الليل، الخطيب، الروبة، عبلة والمطران/جديدة مرج عيون، قدورة ونبهان.
وقد كان قسمٌ من سكانها مسيحيين، وكان فيها كنيسة، كانت أكثرية السكان من الشيعة المتاولة وكان عددهم 230 شخصًا و100 مسيحي في عام 1945.
أدار سكانها عددًا كبيرًا من مطاحن مرج الحولة، خاصةً مطاحن وادي العيون/البراغيث، كما ربوا شجر التوت الذي تغذت دودة القز من أوراقه لإنتاج الحرير.
إتخذ مباني البلدة شكل المثلث بما يتماشى مع جغرافية الأرض.
دفن المسلمون موتاهم في مقبرتين مساحتهما 25 دونمًا، على حين دفن المسيحيون في مقبرة بلغت مساحتها 25 دونمًا.
احتلتها القوات الإسرائيلية يوم 10 أيار 1948.
ملكت القرية 4615 دونمًا، بيع منها 1470 دونمًا لليهود وهذا يوضح أن 2195 دونمًا كانت للعرب منها 26 دونمًا للوقف الإسلامي و519 دونمًا ملكًا للكنيسة، كانت مساحة مسطحها حوالي 100 دونم على قمة التل، وكان معدل ملكية العائلة 12 دونمًا.
أُقيمت على أراضيها مستوطنة كفار يوڤال، على بعد 1.5 كم من الموقع عام 1952.