سبب التسمية - زكريا/ زكريا البطيخ / اسطنبول / من قرى عرقوب - قضاء الخليل

 

 

قال مصطفى مراد الدباغ عن قرية زكريا " اسم معناه من يذكره الله ولا علاقة للنبي زكريا في هذا الموقع". كما يقول في كتابه بلادنا فلسطين ج1/ق 1 ص 632 الحاشية: " ولد يحيى بن زكريا عليهما السلام قبل ولادة المسيح بستة اشهر وكان ابواه متقدمين في السن عندما بشرا بولادته"<فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيداوحصورا ونبيا من الصالحين , قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامراتي عاقر, قال كذلك الله يفعل ما يشاءسورة آل عمران الأية 39 و40 .

هذا وإن سيدتنا مريم ام المسيح عليهما السلام كانت قريبة "ألياصبات" زوجة زكريا(أم يحيى) ويحتمل أن تكون أم ألياصابات عمة العذراء أو خالتها او ابنة عمها , وزكريا والد يحيى هو الذي كفل مريم والدة المسيح بعد وفاة والدها عمران الذي توفي وابنته صغيرة تحتاج الى من يكفلها.

لا نعلم اين ولد يحيى فقد ذهب بعضهم الى أنه ولد في "عين كارم " الواقعة على مسيرة سبعة كيلو مترات غربي القدس وقال آخرون أنه من المحتمل أن تكون ولادته في "يطا" أو في " الخليل" .

ولما بشر والده به كان يعمل في معبد سليمان في القدس. وقصة سالومي معروفة إذ طلبت من "انتيباس" رأس يحيى فاتوا اليه بيحيى من السجن فقطع راسه ووضعه في طبق وسلمه الى سالومي التي اتت به الى امها وذكر بعضهم ان زكريا والد يحيى قتل في الحادث المذكور أيضا" ( انتهى كلام الدباغ).

كما ذكربعض العلماء أن زكريا مدفون في دمشق أو في القدس أو في سبسطية وأماكن أخرى عديدة. والذي يهمنا من الموضوع هو ما يلي


أولا :- من المتعارف عليه الى درجة التواتر هو أن المسيح عليه السلام ولد في المغارة الموجودة في كنيسة المهد في بيت لحم.

أي أن مريم عليها السلام وضعت في بيت لحم.

ثانيا:-يقول الله في كتابه العزيز"وأذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا"

اي ان المكان الذي ولدت المسيح فيه يقع الى الشرق من منطقة سكن اهلها,أي أن بلدة أهلها ليست بيت لحم وإنما هي بلدة الى الغرب منها.

ثالثا:- كما ورد فإن كافل مريم بعد وفاة والدها هو سيدنا زكريا عليه السلام ,إذن فإن اهلها المقصودين هم آل النبي زكريا وعائلته وهم يسكنون في بلدة الى الغرب من بيت لحم وهي التي من المفرض ان سيدنا يحيى ولد فيها.

رابعا:- نقول أن بلدة أهلها ليست بيت لحم لسبب واضح هو أنها ولدت في مكان بعيد عن سكن اهلها الى الشرق,لأن كلمة "انتبذت " تعني ابتعدت والبعد يعني المفارقة عن النظر لأنها كانت في حالة حمل وتخشى العار والفضيحة, فهي لن تكون بجوار أهلها وأعتقد أن مسافة 13 ميل أي حوالي 23 كم هي مسافة معقولة في الأبتعاد بحيث لا يعرفها احد من القرى المجاورة لقرية أهلها وهي المسافة التي تبعدها قرية زكريا , التي تنطبق عليها جميع المواصفات لتكون مركز سكن النبي زكريا عليه السلام ومكان ولادة ابنه يحيى عليه السلام ومقر أهل سيدتنا مريم عليها السلام , ومما يؤكد ذلك خارطة مادبا التي تذكرها بأسم "بيت زكريا" وتضع بقربها كنيسة على إسم زكريا في نفس موقعها الحالي.وتتكون الضيعة من رواق بسطح أحمر له دور واحد بواجهة ذات 3 أبواب تعلوه ساحة بشكل نصف دائرة محاطة برواق أحمر السطح وقد أهتم الفنان بتمثيل المكان إما لأن المكان كان حديث العهد أو لأرتباطه به بطريقة من الطرق.


وكذلك لأن مواصفات الموقع المطلوب لا تنطبق على أي من الأماكن الأخرى التي ذهب اليها الآخرون وهي عين كارم وتقع غرب القدس والقدس شمال بيت لحم يطا والخليل تقعان جنوب بيت لحم أما سبسطية ودمشق فمواقعهما معروفة .

كما أورد الدكتور كامل العسلي في كتابه " تراث فلسطين في كتابات عبدالله مخلص" والذي كان مدير دائرة الأوقاف 1938 - 1944 م. يقول عبدالله مخلص في مخطوطة له لم تنشر بعد وتسمى"أعلام الأسلام في موطن الأنبياء فلسطين" يقول في الورقة 57 من الجزء الأول(لقد زرت ضريح زكريا عليه السلام "في قرية زكريا - قرب الخليل" ثلاث مرات كانت الأخيرة منها في جمادى الأولى سنة 1361 هـ,24 مايو 1924) ولا شك ان الأستاذ عبدالله مخلص قد إطلع بحكم عمله في الأوقاف على كثير من المخطوطات والوثائق التي تؤكد ما يقول.

 

هذا بالأضافة الى صلة الأسم بالموقع وهي صلة لا يمكن التغاضي عنها مع كل الأحترام لما يقوله الآخرون.من هنا نجد أنه من المؤكد ان لزكريا القرية علاقة بزكريا النبي إن كان هو زكريا والد يحيى أم هو غيره. أما أن هذ القبر الموجود فيها هو قبره فالعلم عند الله.

علما بأنه من الثابت لدى علماء التاريخ والأثار أنه لايوجد قبر واحد من المؤكد أنه موضع دفن نبي من الأنبياء إلا موقع قبر الرسول الأعظم محمد بن عبدالله عليه وعلى آله أفضل السلام في المدينة المنورة . أما مدافن الأنبياء الاخرين فأنما حددت بناء على روايات اعتمدت على الرؤيا في معظمها مثل قبور ابراهيم واسحق ويعقوب وموسى وعيسى ويحيى وزكريا ويوسف وغيرهم سلام الله عليهم أجمعين .

وهنا أجد من المناسب أن نتطرق الى أصل إسم زكريا وقدمه وهل هو مرتبط بأسم النبي زكريا ( والد يحيى ) وحده ام غيره حيث تذكر التوراة والأناجيل أكثر من 20 شخصية تسمى زكريا , أم انه أقدم من ذلك بكثير. وسنخصص الفصل القادم بإذن الله لهذا الموضوع المهم والطريف في نفس الوقت لعل الذكرى تنفع المؤمنين

"الشعب الزكري أو الزكراوي"

يقول العالم والبحاثة الفرنسي "كليرمون جانو" في كتاب (Recuil d'Archaeologie Oriental,vol iv, parts 11- 16 page 250)

في مقالة إسمها "الشعب الزكراوي LES PEUPLES DE ZAKKARI

إن الشعب الذي ورد اسمه في "بردية جولينشيف"- الشعب الزكراوي

بردية جولينتشيفGoelenchev papirus

شكل جزا من السكان الذين كانو يعيشون في فلسطين قبل مجيء اليهود اليها ومن الظاهر أنه عاش على الساحل قرب الكرمل ومن المحتمل في (دور .. الطنطورة).

ويعتقد كذلك أن هنالك علاقة بينهم والشعب الذكريني الذي ذكره اسطفان البيزنطي وقال أنهم جماعة عرقية تشكل جزأ من الأنباط وقد تركو ا آثار وجودهم في فلسطين في اسماء المواقع مثل ذكرين , زكريا , خربة زكريا( تقع الى الشمال في منطقة الرملة ويوجد بها مقام يسمى مقام النبي زكراوي), خربة زاكر , بعل زاكر وأهم من ذلك والملفت للنظر أو للسمع أن أهل قرية زكريا يسمون النبي المدفون عندهم ( النبي زكري) ولا يذكرونه أبدا إلا بهذا الأسم حتى الأشخاص الذين يسمون زكريا ينادونهم "زكري" . كما أن النسبة الى قريتنا هي فلان الزكراوي وليس الزكري مما يدل على أن أصل النسبة ليس زكريا وإنما "زكرا" أو "زكرو" وهما متطابقتان في اللفظ عند التفخيم وهي لهجة قديمة مع أن لفظ أهل القرية الحاليين يميل الى الترقيق.

وبشيء من التفصيل نقول أنه في عهد رمسيس الثالث حوالي 1200 ق م جاء هجوم ليبي هدد البلاد في سنة حكمه الخامسة ولكن الملك النشيط الذي كان متاهبا ومجتهدا في تجهيز قوة مصر العسكرية استطاع ان ينجح في ان يرده. وكذلك فإن الهجمات من الشمال خاصة من البوراساتيين والزكريين تزامنت مع الهجوم الليبي . ولكن هذا الهجوم الأخير من الشمال كان مقدمة فقط للهجوم الكبير الذي قاموا به بعد 3 سنوات في عام 1192 ق م.(وصف المعركة موجود على اللوح الثاني في معبد مدينة هابو). حيث انتصر المصريون على"بوراساتي و زكارا" مما أضعف سوريا وسمح لشواطئها أن يسكنها بقايا الجيش الغازي المهزوم.

أما رمسيس الثالث فقد مات حوالي 1167 ق م وابتدات القبائل المهزومة تستعيد مواقعها, حيث وقعت بعد ذلك معركة انعكست فيه الية وذلك لضعف الملوك الذين خلفوا رمسيس الثالث والذين مع أنهم جميعاكانوا يسمون رمسيس إلا انهم كانوا جميعا مجرد أدوات في ايدي الكهنة هذا ما تقوله Golencheff papirus> الموجود في بطرسبرغ ( ليننغراد سابقا) فقد ورد فيها اسم الزكارا ومعظم الأسماء الأربعة عشر تتطابق بشكل ما مع سكان سواحل آسيا الوسطى ومنها( بوراساتي - زاكاري - واشاشا) أما بوراساتي فقد أصبحت بولساتي وأصبحت فلسطين والى الشمال منهم نجد الزكراويين على الساحل الفلسطيني في عاصمتهم"دور" (الطنطورة).

وتشير الأدلة الى أنهم جاؤا من جزيرة كريت.

لقد طابق العالم الأثري "بتري" إسمهم مع بلدة "زاكرو في جزيرة كريت ويقول ان المشكلة اننا لا نعلم مدى قدم اسم" زاكرو" ولأننا وجدنا أن القبائل الأخرى التي تشكل منها سكان فلسطين اخذت اسماءها من سواحل آسيا الصغرى فإن من المحتمل أن "الزكارا" هم العنصر الكريتي في التحالف وكذلك من الممكن أن نطابقهم مع الذي اقترحه المؤرخ "سترابو" ونقله عن"كالينوس" ونسبه الى أصل كريتي وهو يظل أكثر التفسيرات إقناعا على رأي العالم "بتري".

وفي النهاية فأن الشعب الفلسطيني القديم شعب تشكل من عدة اقوام جاء جزء منها من جزيرة كريت والزاوية الجنوبية الغربية لآسيا الوسطى أما ثقافتهم فكانت كريتية وكانوا هم الشعب الذي حمل معه ذكريات وتقاليد ايام الملك العظيم "مينوس"واندمجوا مع الكنعانيين والأموريين والحثيين والعويين.ويدل وجود "الزكراويين" في دور (الطنطورا) وملكهم "باديرا" على أن فلسطين شملت كل الساحل وليس الساحل الجنوبي فقط أو ما يسمى "فيليستيا".

وهكذا نرى أن إسم" زكري" إسم قديم في فلسطين وكان إسما لقبائل شكلت جزا من الشعب الذي سمي في ما بعد بالشعب الفلسطيني.


 

 المرجع

صفحة أبناء قرية زكريا