التراث الشعبي في القرية - بيت جبرين / من قرى العرقيات - قضاء الخليل

  و لمعاصر الزيت في كهوف بيت جبرين نصيب من الزيارة... فلطالما سمعنا أجدادنا وهم يصفون أيام الخير بقولهم "وكانت الآبار تفيض بالزيت"، و ها نحن نجد تلك الابار في معاصر الزيت ماثلة للعيان حيث يتصل التاريخ العريق بالحاضر فتصبح اثار الماضي  منارات تضيء طريق العودة.

ينزل الزائر الدرج الحجري للمعصرة ذات الجدران المرممة والمطلية بالشيد فتبدو وكأنها قطعه اثرية لم تستعمل من الاف السنين، أما معصرة الزيت المنحوتة في الصخر فهي مذهلة التصميم و تحتوي على مختلف اليات استخلاص الزيت بنظام يثير الدهشة وتشمل جميع الادوات المستعملة في مراحل عصر الزيتون والمالوفة بالقرية الفلسطينية حتى خمسين عاما خلت.  تحتوي المعصرة على المكامر وهي جرون محفورة بالصخر لغسل الزيتون وتحضيره للدرس  بواسطة حجر البد وهي صخرة على شكل إطار كبير يدور فوق صخرة فيهرس الزيتون لتحضيره للعصر بالمكبس توافقا مع المثل الفلسطيني "من الشجر للحجر". فتجد بالمعصرة ثلاثة حجارة بد اشارة واضحة لوفرة الثمار.

أما المرحلة الثانية فتتمثلُ في عصر الزيتون المهروس، فقد كانت تفرغ كمية معينة من دريس الزيتون في قفة دائرية مصنوعة في الغالب من ألياف نباتية، ويتم وضعها تحت حجارة ثقيلة، من ثم يتم كبسها من خلال الضغط عليها او ما يسمى"بالشدة" أي تحريك منجنيق جانبي بقوة عدد من الرجال "الشدادة".يستخرج الزيت بالكبس بواسطة جلاميد صخر معلقة بعوارض خشبية فوق قنوات حيث كان يسيل الزيت  ليتجمع بالابار المحفورة اسفله . شاع هذا الطراز من المعاصرالاغريقية المصدر في ارجاء البحر الابيض المتوسط وفي فلسطين خاصة مع فتوحات اسكندر المقدوني الاستعمارية.

بعد ذلك، تأتي المرحلة الثالثة وتتمثل بفصل الماء عن الزيت، حيث يتدفق خليط الزيت "الماء والزيت" الى "جرن أول" مزود بقناة حيث يسري الزيت الطافح على السطح الى "جرن ثان" و تتم عملية جمع الزيت و تعبئته بجرار ومن ثم خزنه بالابار الخاصة.

هذه المعاصر تشير الى وفرة الزيت ورخاء العيش والى ثراء المدينة عبر التاريخ وبصوره خاصة الى  ازدهارها الاقتصادي  في عصر اسكندر المقدوني في القرن الرابع قبل الميلاد حين تبوأت بيت جبرين مكانة عظيمة كونها مركز تقاطع عدة طرق تجارية كان اهمها الطريق التجاري من العراق عبر سوريا والكرك وصولا الى عسقلان وغزه....في ذلك العصر الذهبي ابدع الفنان الادومي فنحت احدى اعظم حاضرات فلسطين وتوافدت مختلف العشائر من مقدونيا واليونان ومختلف القبائل من صيدا والحجاز لتنعم بالامن والامان في المملكة الادومية.