التاريخ النضالي والفدائيون - تُلَيِّل - قضاء صفد

بعد أن أنشأ الصهاينة برعاية صندوق اكتشاف فلسطين، أوّل مستوطنة - مستعمرة زراعية في البلاد، حتى أنهم أطلقوا عليها اسم "الموشاف". كانت أول مستوطنة في البلاد اسمها كما هي حقيقتها الـ"مستوطنة". أقيم "موشاف" على أراضٍ تعود ملكيتها تاريخياً لأهالي قرية تليل الواقعة جنوب بحيرة الحولة قبل اقتلاعها في عام النكبة. كان معظم أهالي تليل من أصول مغربية، وقدموا إلى فلسطين من الجزائر، وتحديداً من مدينة "بليدة" الجزائرية في مطلع القرن التاسع عشر، وأنزلتهم الدولة العثمانية ديار الحولة في حينه. كانت عائلة الحاج حسين الكبير التليلية، هي أول من تنطعت للمستعمرة، رافضة استيلاء اليهود المهاجرين على أراضيهم، فاصطدم أبناؤها بالمستوطنين اليهود الذين كانوا قد تسلّحوا، رافضين طلب أهالي تليل المغاربة في الخروج من أراضيهم. نشب اشتباك أدى إلى وقوع عدة قتلى في صفوف المستوطنين اليهود، وثلاثة شهداء من قرية تليل. على إثر ذلك، توجّه بعض من قيادات صندوق اكتشاف فلسطين إلى الأمير عبد القادر الجزائري المقيم في دمشق، من أجل التدخّل لدى أهالي تليل، وإقناعهم بقبول مجاوَرة مستعمرة "موشاف". لكن الأمير لم يتدخل. لا بل دعم مقاومة قرية تليل لمستعمرة "موشاف"، إلى أن تراجع المُهاجرون اليهود عن مشروع مستعمرتهم ومغادرتها، ما دفع الصندوق بعدها، إلى نقل نشاطه الاستيطاني إلى منطقة يافا على الساحل، ليكون المستوطنون اليهود على موعدٍ مع مواجهة أخرى في قرية ملبس بعد عقدين من الزمن. عد أن أفشل أهالي تليل، مشروع أول مستوطنة في فلسطين على أراضيهم، أُقيمت قرية الحُسينية العربية في الموقع ذاته الذي دارت فيه المعركة. وسُميت الحسينية نسبة إلى عائلة الحاج حسين الكبير التي كانت أول من دفعت بلحم أبنائها لمقاومة المستوطنين الصهاينة.