روايات أهل القرية - الغابسية / وادي المجنونة - قضاء عكا

يروي الحاج خليل محمد جليل خلف الله (أبو غازي) من سكان الغابسية قبل النكبة شهادته فيقول: (في يوم الجمعة، الحادي والعشرين من أيار عام 1948، وفي الساعة الخامسة صباحا، سمعنا ضجيجاً في البلد من الجهة الشمالية الغربية، ومن هناك بدأ اليهود بدخول البلد وتركوا مجالاً للناس للهروب من الجهة الشرقية. وعندما تأكدنا بأن اليهود هجموا على البلد تذكر الناس أن هناك اتفاقية سلام، فطلب الوجهاء من أحد الشباب، واسمه داوود خليل زينة، الصعود إلى سطح المسجد ورفع الراية البيضاء، وعندما صعد الشاب ورفع الراية أطلق اليهود النار عليه وقتلوه، وكان هذا أول شهيد في الغابسية ذاتها. وبعدها واصلوا دخول البلد والناس تخرج منها، حتى خرج أكثر من نصف السكان، وحين وصل الجيش اليهودي إلى مقبرة البلد كان هناك ثلاثة أشخاص يُعدون القهوة، فدعوا الجنود لاحتساء القهوة، فلبى الجنود الدعوة، وقاموا بعد احتساء القهوة باحتجاز الثلاثة، وكانوا رجلا وابنه وجمّالاً اسمه (طملاوي)، وساروا بهم إلى جهة الشمال. وحسب ما وصلنا من معلومات فقد أخذوهم إلى موقع معركة الكابري وقتلوهم).
ويتابع الحاج أبو غازي: (واصل الجيش اليهودي دخول الغابسية، حتى إذا وصل إلى ساحة المسجد، كان هناك بيت فيه ثلاث عجائز وصبية اسمها وفية عبد الدايم، زوجة أحمد أبو السبل، وكانت تحمل ابنها، فدخلوا عليهن البيت، ومن شدة الخوف سقطت وفية وماتت على الفور. ومن الجهة الأخرى التقى الجنود زوجة ذيب الجرش، وكانت طاعنة في السن، فشاهدوا الولد في حضنها، فأخذوه منها وقتلوها، وقيل إن الولد ما زال حيا حتى يومنا هذا، ويعيش مع اليهود. ثم التقوا برجل مسن، وكان إماما عمره يزيد عن 89 سنة، واسمه توفيق عبد الرازق، فاقتادوه، ولم يعد. وفي الحارة قًتل حسين حماد، وبلغ مجموع القتلى 12 شهيداً).
 ويروي الحاج أبو غازي قصة ذلك الرجل الذي سمع بجرائم العصابات الصهيونية فمات: (وصلت أثناء موقعة مصافي البترول صحيفة عربية إلى ديوان القرية، وبدأ أحدهم يقرأها على مسامع الحضور في الديوان، وكان موزع القهوة يطوف على الضيوف، حتى إذا وصل القارئ إلى جملة أذكرها جيدا (اليهود يلقون بالعرب في براميل الزفتة) وإذا برجل وفي يده فنجان قهوة يضع الفنجان من يده، ثم اتكأ على الكرسي ومات. وكان اسمه (مرعي حماد
).
 ويضيف: (وفي ليلة من تلك الليالي سمعنا صوت تفجير، وبعد الاستفسار ظهر أن التفجير في قرية الكابري، فقد فجّر اليهود في بداية عام 1948 بيت فارس سرحان، عضو الهيئة العربية العليا، وبقدر الله لم يكن سرحان في بيته، لكن الحادثة جعلت الناس يخافون أكثر، فتشكلت دوريات لحراسة البلد، بعضهم مع سلاح بدائي، وآخرون من غير سلاح، دون أن يكون هناك أي تنظيم رسمي)
.