تاريخ القرية - قِيَسارْيَة - قضاء حيفا

العصور القديمة

اسم قيسارية تعريب لسيزاريا (Caesarea)، الاسم الروماني الذي أُطلق على المدينة التي خلفت برج ستراتو. أما الثغر البحري، فقد أنشأه ستراتو (Strato)، حاكم صيدون، في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، مستعمرةً تجارية فينيقية. 

العصور الوسطى

 بناها هيرودس (Herod) الكبير (توفي سنة 4 ق.م) ودعاها سيزاريا (أي قيصرية؛ تيمناً بسيّده القيصر الروماني أغسطس قيصر) بين عامي 22 و10 ق.م، وتطورت إلى مرفأ مزدهر في عهد الرومان، وظلت كذلك أيام البيزنطيين (وقد أظهرت تنقيبات حديثة تحت المياه أن الميناء آية من آيات البناء البحري).وشهدت قيصرية تحول أول رجل غير يهودي إلى المسيحية (أعمال الرسل: 10).

في القرن الثالث للميلاد كانت مركزاً لعلماء المسيحية، وذلك بفضل وجود أوريجينس (Origin) (توفي سنة 254م تقريباً) وكتبته فيها. كما أن أول قائمة مفيدة لأسماء مدن فلسطين، وهي تلك المعروفة بعنوان Onomasticon، كانت من نتاج يوسيبيوس (Eusebius) القيصري (القرن الرابع للميلاد).

انتقلت قيصرية إلى يد العرب سنة 640م تقريباً، وخصّها الجغرافيون والمؤرخون المسلمون والعرب باهتمام كبير. فقد ذكر اليعقوبي (توفي سنة 897م) أنها كانت آخر مدينة فُتحت في أثناء الفتح العربي.

وكتب ناصر خسرو، في سنة 1047، يصفها بأنها مدينة جميلة ذات جداول، ونخيل، ومسجد جميل يتمتع المصلّون فيه بمشهد البحر، وسور حصين.

 كانت البلدة أيضاً موطناً لشخصيات عربية ذائعة الصيت، ولا سيما عبد الحميد الكاتب (توفي سنة 750 م) الأديب المشهور في فن البلاغة. إلا أن نجم قيسارية بدأ بالأفول لاحقاً. وقد وصفها ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) بأنها كانت أشبه بقرية منها ببلدة. وعندما وقعت في يد الصليبيين نهبوها، ثم بنوا فيها مرفأ وجعلوها مقراً لرئيس الأساقفة، إلى أن احتلها السلطان المملوكي الظاهر بيبرس في سنة 1265م، ويقال أن أمر بهدمها، وربما يقصد في ذلك هدم التحصينات العسكرية فيها.

العصر الحديث

وقعت كما حال قرى ومدن فلسطين تحت الحكم العثماني منذ عام 1517م.

الجدير ذكره أنه على الرغم من احتلالها المتكرر عبر الأزمنة إلا أنها حافظت على طابعها العربي، حيث بقي فيها عدة عائلات عربية، ولكنها كانت أشبه بالخربة منها بالقرية، إلى أن وفد إليها عدداً من مسلمي البوسنة والهرسك (البوشناق) عام 1878م هرباً من النمساويين المحتلين لبلادهم، واستقروا فيها وأعادوا إليها نشاطها المعهود، ويذكر الباحث شكري عراف أنهم أيضاً عمروا قرة أم العلق، الزرغانية، الشونة، برج الخليل، حديد والصفصاف.

ويقول أوليفانت أنهم بنوا حوالي 20 منزلاً حجرياً، ومخازن للمؤن وأقبية حجرية.

احتلها البريطانيون عندما احتلوا بلادنا نهاية عام 1917م، وخلال تلك الفترة (فترة العثمانيين ولاحقاً البريطانيين) كانت قرية تتبع إدارياً لمدينة حيفا.

سقطت قيسارية بيد العصابات الصهيونية عقب هجومهم عليها وارتكابهم مجزرة دموية بحق أهلها الآمنين، لتقع قيسارية منذ يوم 15 شباط/فبراير 1948 وحتى اللحظة حت حكم الصهاينة.