التاريخ النضالي والفدائيون - عِبْدِس - قضاء غزة


 
مقاومة عبدس
 تُعد
عبدس من أكثر القرى مقاومة للاحتلال، حيث صمدت في وجه الألوية الصهيونية الخاصة وكبدتهم خسائر فادحة. وقد وقفت هذه القرية عصية على الجيش الصهيوني حتى اضطر الجيش الإسرائيلي بسبب بسالة أهلها واستماتتهم في الدفاع عنها إلى الاستعانة بألوية خاصة لدخولها مثل: لواء جفعاتي.
 
لقد أصبحت قرية عبدس وما جاورها طبعاً خاوية هادئة ساكنه وادعة على غير عادتها، لا تسمع فيما إلا أصوات هدير عربات الاحتلال، وشخشخة أجهزة الاتصال اللاسلكي تضرب في جنيات القرية إلى جانب نباح الكلاب، وصياح الديكة، وهديل الحمام، والذي أخذ ينتظر أصحابه الذين غابوا هذا الصباح عن إطعامه وإروائه.... في حين عبثت جنود الاحتلال في منازل المواطنين بحثاً من غنائم، تركها أصحابها على أمل العودة إليها قريبة..إلا أن المؤامرة العالمية كانت تدور في تلك الآونة حيث عملت عربات وجرافات العصابات اليهودية لهدم تلك المنازل الوادعة وسووها بالأرض، كما عمدوا إلى تغير معالم القرية وحتى اسمها الذي غيره الإحتلال إلى نقبا جنوباً وكفار شابيرا شمالاً... وعلى الجانب الآخر كان اللاجئون والذين بلغ عددهم 726 ألف لاجئ فلسطيني. ومنهم لاجئو قرية عبدس طبعاً يحطون رحالهم في مناطق قطاع غزة (غزة- المعسكرات الوسطى- خانيونس- رفح) التي بقيت تحت الإدارة المصرية آنذاك، ومنهم من حط رحاله في مصر والأردن والضفة الغربية وحتى سوريا ولبنان ثم دول العالم الاخرى ومن يومها أصبح لدينا مصطلح الشتات الذي ما فتئ يتردد على الألسنة والمسامع منذ العام 1948.

 دخول الجيش المصري والحرب والهجرة

 ما إن انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين، وإعلان قيام دولة إسرائيل من تل أبيب حتى كانت كتائب الجيش المصري تتقدم نحو فلسطين مروراً بالعريش وغزة حتى حطت رحالها في مركزها العام بالمجدل آنذاك بقيادة اللواء أحمد الوادي، على رأس أكثر من 130 ألف مجند إضافة لعدد من متطوعي حركة الأخوان المسلمين، وآخرين من المقاومة الفلسطينية، هذا وعرف من القادة والضباط المصريين الذين قادوا عملية الدفاع عن فلسطين جمال عبد الناصر وزكريا محي الدين وعبد الحكيم عامر ومصطفى حافظ وأحمد عبد العزيز (عسكري مصري)، ومحمد نجيب وأنور السادات .

 
ومما يذكر أن كتائب وسرايا الجيش المصري عملت على الانتشار بين القرى والمدن الجنوبية من فلسطين، حتى دخلت سريتان من سرايا الجيش المصري إلى قرية عبدس بناء على طلب من وجهاء القرية. الذين نظروا إلى قريتهم وقد أحاطتها المستوطنات اليهودية من نقب جنوباً وكنب جولس غرباً وببار تعبيه شمالاً الشمال السوافير فطلبوا النجدة من القوات المصرية التي رابطت يوم ذاك في قرية الفالوجة المجاورة بقيادة الضبع الأسود طه بيك، فاستجابوا للطلب وأرسلوا سريتين إلى قرية عبدس، تمركزتا على تلة ظهرة حمدان في الشمال الغربي من القرية. هذا وذكر الشهود أن عدد القوات المصرية في عبدس بلغ 350 جنديًّا في حين ذهب آخرون إلى أنهم 500 وفي رأي آخر أنهم 200 أو 300. يقودهم اليوزباشي رفعت نقيب بحيث استقبلهم السكان والحرس المحلي بالترحاب، وقدموا الخدمات كالطعام والماء، وفي حين طلب الجنود المصريون من السكان العمل على حفر خنادق أرضية، استقاموا تحت كروم العنب الذي بدأ ينضج للتو فاستظل الجنود بظله واستطعموا بطعمه، وتأهبوا بمعية الحرس المحلي لمواجهه أي اعتداء من جانب العصابات اليهودية التي ما أخذت تجند حتى الفتيات اليهوديات اللواتي كن يحملن السلاح ويمشين الخيلاء على مقربة من المستوطنات.

 في 8 تموز 1948م وبينما كانت الهدنه تشارف على الانتهاء، تحرك لواء على الجبهة الجنوبية بغية الاتصال بالقوات الإسرائيلية في النقب ومع أنه أخفق في تحقيق هذا الهدف، فقد نجح في توسيع رقعة سيطرته جنوباً. إذ احتل كثيرا من القرى في منطقة غزة، وقد هاجمت الكتيبة الثالثة من لواء جفعاتي عبدس، خلال ليل 8 تموز فاشتبكت في معركة طويلة مع سريتين من الجيش المصري كانتا منتشرتين هناك، بحسب ما ذكر تاريخ حرب الاستقلال وأنتهت القوات الإسرائيلية من تطهير الموقع في ساعات الصباح الأولي فقط كما سقط في الفترة ذاتها تقريباً بيت عفا وعراق سويدان وفق ما جاء في بلاغ عسكري إسرائيلي استشهدت به صحيفية نيويورك تايمز ومن غير الواضح هل طرد سكان عبدس في تلك الفترة أم لا، لكن رواية الهاغاناه تشير إلى أن الإسرائيلين غنموا بعض المعدات العسكرية المصرية. حاولت القوات المصرية استعادة القرية في 10 تموز إلا أنها أخفقت وتكبدت خسائر فادحه بعد أن اصطدمت بوحدات إسرائيلية متمركزة فيها. وقد جاء في تاريخ حرب الاستقلال ان هذا الانتصار في موقع عبدس كان بمثابة نقطة تحول في مسيرة (غفعاتي). إذا إنه اعتباراً من ذلك الانتصار لم تنسحب قوات اللواء من الموقع إلى أن انتهت الحرب .

 
ورد في مصدر آخر أنه قبل يومين من نهاية الهدنة الأولى وصلت إلى عبدس مجموعة من أفراد الجيش المصري وعسكر على قبة في الحارة الغربية من القرية تشرف على الطريق بين جولس ومستوطنة نقب، وقبل أن تتم استحكامها في اليوم الأول لانتهاء الهدنة مرت قافلة إسرائيلية فأطلقت عليها النيران وعطلت سيرها فجاءت نجدات إسرائيلية هاجمت القوة المصرية ليلاً، وأضئيت السماء بنيران المدافع والصواريخ وصمد الجيش المصري رغم ضخامة القوة المهاجمة وخسر معظم أفراده، وفي النهاية انسحب الباقون على قيد الحياة تجاه الفالوجة فهاجر سكان القرية في صباح اليوم التالي. وفي اليوم التالي تمكن المصريون بهجوم مضاد من طرد الإسرائيلين من بيت عفا ومن عبدس ولكنهم انسحبوا في نهاية ذلك اليوم دون مبرر وفقاً لأوامر من القيادة العليا.

 هذا ومما ذكره شهود من رجال القرية أن المعركة احتدمت ليلاً حتى الفجر مع أول يوم رمضان 1367هــ الموافق 8/7/1948م عندما انتشر الحرس المحلي لرصد حركات العدو من بين حقول الذرة ومن تحت الكروم بحيث كان ينام النصف ويستيقظ النصف الآخر، إلى قسمين عندما تقدمت قوات العدو تحت جنح الظلام من كرم الكراديش شمال عبدس في أراضي السوافير الغربية وهاجموا الجيش المصري بحيث اضطر الجنود المصريون للانسحاب بعد معركة ضارية في كروم عبدس استمرت حتى الصباح في آخر الهدنة لينسحب معهم سكان القرية نحو الشرق الجنوبي ومما يذكر أن القوات المصرية المنسحبة اجتمعت قرب قرية كرتيا ثم تقدمت واقتحمت بيت عفا ودخلوا عبدس وسيطروا عليها قبيل العصر من اليوم الثاني من المعركة حتي سقط الشهيد الحاج حسين عبد اللطيف عندما أصابته رصاصات لم يـُعرف مصدرها أثناء تواجده في وادي البيار القريب من مكان المعركة المذكورة.

 
إلا ان القوات المصرية قاومت العدوان بقيادة الضابط رفعت، الذي استشهد بعدما نفذت ذخيرته فاستل مسدسه وقاوم به حتى قُتل، قبل أن تنسحب قواته من عبدس تنفيداً لأوامر من القيادة.

 
هذا وفي رواية أخرى ان العصابات اليهودية جاءت من بين الحقول مشاة متسللين ليعتقد الحرس والجنود أن تلك الأصوات المنبعثة من بين الحقول ما هي إلا أصوات حيوانات ليلية، ليتقدم مشاة اليهود حتي داهموا التلة قادمون من اراضي السوافير متجهين جنوباً نحو عبدس حتي اشتبكوا مع الجيش المصري واستمرت المعركة ليله كامله حتي تفرقت جموع الوحدات المصرية وانسحبت من المكان وانسحب معها السكان في حالة من الذعر والارتباك ليستشهد الحاج حسين عبد اللطيف برصاصات طائشة على ما يُـعتقد.

 
وبهذا ينزح السكان نحو بيت عفا وكرتيا والفالوجة والمجدل إلى غزة. ليبدأ رحلة طويلة مع أولئك الذين انضموا للاجئين، ينتظرون ما سيفعله المجتمع الدولي لحل قضيتهم، التي بات مؤكداً أنها مقصودة ومخططة بخطة محكمة الإتقان.

النزوح

 
لقد أصبحت قرية عبدس وما جاورها طبعاً خاوية هادئة ساكنة وادعة على غير عادتها لا تسمع فيما إلا أصوات هدير عربات الاحتلال وشخشخة أجهزة الاتصال اللاسلكي تضرب في جنيات القرية إلى جانب نباح الكلاب وصياح الديكة وهديل الحمام والذي أخذ ينتظر أصحابه الذين غابوا هذا الصباح عن إطعامه وإروائه.

 
في حين عبثت جنود الاحتلال في منازل المواطنين بحثاً عن غنائم، تركها أصحابها على أمل أن العودة إليها قريبة. إلا أن المؤامرة العالمية كانت تدور في تلك الآونة، حيث عملت عربات وجرافات العصابات اليهودية على هدم تلك المنازل الوادعة وسووها بالأرض، كما عمدوا إلى تغير معالم القرية، وحتى اسمها الذي غيره الاحتلال إلى نقبا جنوباً وكفار شابيرا شمالاً.

 
وعلى الجانب الآخر كان اللاجئون والذين بلغ عددهم 726 ألف لاجئ فلسطيني، ومنهم لاجئوا قرية عبدس طبعاً ليحطوا رحالهم في مناطق قطاع غزة (غزة- المعسكرات الوسطى- خان يونس- رفح) التي بقيت تحت الإدارة المصرية آنذاك، ومنهم من حط رحاله في مصر و الأردن و الضفة الغربية، حتى سوريا و لبنان، ثم دول العالم الأخرى.

المرجع

1- موقع العربي   https://arbyy.com/detail997123123.html Read more at: https://palqura.com/village/592/21

2- موقع عائلات قرية عبدس  https://familyibdis.com