احتلال القرية - عِرِاقْ سُوَيْدَانْ - قضاء غزة

سلمت السلطات البريطانية عشية انسحابها في 15 أيار/ مايو 1948 أهل القرية مركز الشرطة الذي كان موجوداً في القرية، وبعيد ذلك التاريخ دخلت القوات المصرية فلسطين وصدرت الأوامر إلى الكتيبة الأولى لمركز الشرطة الذي كان يتحكم في الطريق بين المجدل وبيت حبرين فضلاً عن تحكمه في الطريق الداخلي نحو النقب فقد حاولت العصابات الصهيونية من دون طال وفي ثماني هجمات منفصلة أن يستولوا على هذا المركز في الأشهر اللاحقة، وقد نقل المؤرخ وليد الخالدي عن كتاب (تاريخ حرب الاستقلال)  أنه (لا يوجد هناك موقع في البلد هاجمنا مرات كثيرة، مثلما هاجمنا ذلك الوحش على التلة).

عندما أعلن بدء الهدنة الأولى، كانت القرية لا تزال خارج نطاق الاحتلال، وما أن انتهت الهدنة الأولى التي حددت بدء (الأيام العشرة) حتى حاولت العصابات الصهيونية، مجدداً الاستيلاء عليها، إذ  أصدرت الأوامر إلى وحدات من لواء هنيغف (النقب) بالاستيلاء على مركز الشرطة، بينما أنطيت بوحدات من لواء "غفعاتي" مهمة احتلال القرية ذاتها. واستناداً إلى تاريخ حرب الاستقلال احتلت الكتيبة الرابعة من لواء "غفعاتي" القرية لفترة قصيرة ليل 8-9 تموز/ يوليو غير أنها اضطرت إلى إخلائها فوراً لأن وحدات لواء هنيغف أخفقت في احتلال مركز الشرطة، وكان من المستحيل الدفاع عن القرية من دون احتلال ذلك المركز، وبعد ذلك التاريخ بيومين أوردت صحيفة (نيورك تايمز) أن العصابات الصهيونية قصفت بالطيران موقع  القرية وغيره من الأهداف في منطقة عزة.

وفي وقت لاحق سقط مركز الشرطة تحديداً بتاريخ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر على يد الكتيبة التاسعة من اللواء المدرع بعد هجوم كثيف شنته خلال الهدنة وعقب عملية "يوآف"، وكان الهدف منه الاستيلاء على المركز تحديداً، كانت الخطة تشتمل على: قصف مدفعي ممهد بقوة لا مثيل لها من قبل (خلال الحرب)، و وبعد ذلك هجوم بالمشاة والدبابات. واستناداً إلى (تاريخ حرب الاستقلال)، لم تشهد العصابات الصهيونية خلال الحرب (نيراناً كهذه منصبة على هدف واحد)، وبعد ساعتين من القصف العنيف دمر حائط مركز الشرطة على يد وحدة صهيونية كانت تتقدم نحوه، أما المدافعون المصريون الذين صمدوا فيه ستة أشهر تقريباً فقد (خرجوا من الحصن مذهولين ومصدومين واستسلموا). وجاء في تقرير مراقبي الأمم المتحدة الذين شهدوا ذلك الهجوم. أن الموقع تعرض لقصف طائرات من طراز فلاينغ فورتس ب- 17 كما جاء في تقرير نشرته (نيورك تايمز) أنه بعد أن سمع صوت إطلاق النار، وصل مراقبا الهدنة (أحدهما أميريكي والآخر بلجيكي) إلى المكان مع ضباط الارتباط الصهاينة،  ثم طلب منهما الضباط الصهاينة مغادرة المكان بحجة عدم توفر الأمن، ورفض المراقبان الطلب، فاعتقلتهما الشرطة "الإسرائيلية" واحتجزتهما حتى المساء وقد أوساط الأمم المتحدة احتجاز المراقبين بأنه (محاولة متعمدة لإجهاض الإشراف الفعلي على الهدنة).

في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر بعد يوم من الهجوم جاء في بلاغ أصدرته العصابات الصهيونية أن القوات المصرية انسحبت بعد استسلام مركز الشرطة من قرية عراق سويدان وقرية بيت عفا المجاورة، واستشهدت صحفية (نيورك تايمز) بهذا البلاغ الذي جاء فيه كما قالت الصحفية، أن الجنود الصهيانة احتلوا هاتين القريتين لكنها لم تذكر هل بقي السكان فيهما أم لا، وقد كتب الجنرال "يتسحاق ساديه" وهو مؤسس البلماح وأول قائد من قادته وصفاً شاملاً للهجوم على مركز شرطة عراق سويدان وأشار فيه إلى أن (اسم عراق سويدان بحد ذاته كان يبعث على الاحترام لدى مقاتلي وحدات العصابات الصهيونية، وبعد احتلال القرية ومركز الشرطة، اشتد الخناق على آلاف المدنيين والعسكريين الذين حجزوا داخل (جيب الفالوجة).