احتلال القرية - أبو غوش / قرية العنب - قضاء القدس

     عام 1948 عام " النكبة" هرب أهالي القرى والمدن في جميع انحاء فلسطين من ديارهم خوفا على االأطفال والنّساء بعد ان شنّت مجموعات مسلّحة من اليهود هجومات ارهابيّة عنيفة على الأهالي العزل. كانت المجموعات اليهودية الارهابيّة (الهاجانا والارجون وليهي) تشنّ هجومات همجيّة على الاهالي العزّل وتقتل النّساء والاطفال وكبار السن قتلا عشوائيا وكانوا احياناً يدمّرون البيوت امام اعين اصحابها.

     كان تدميرعزبة الشّيخ سعيد ابوغوش (المتوفى 1936) على ايدي مجموعات الهاجانا في الأول من ابريل 1948. اقتحم اليهود العزبة في فجرذلك اليوم، وهددوا أفراد العائلة بالقتل إن تأخروا عن الخروج. ولم يعطَ لهم اكثر من ربع ساعة للخروج. فهربت العائلة مشياً على الأقدام باتجاه رام الله ثم الاردن. رحلوا الى الاردن وبنيّتهم الرجعة عندما تنتهي الحرب.

    قال شهود عيان ان اليهود اخرجوا محتويات العزبة قبل نسفها ودمروها تدميرا كاملا بعد ان قتلوا حارسها, ودمروا بئر الماء بالقرب من المنزل في نفس اليوم الّذي أخرجت منه العائلة. ودمروا معصرة الزيتون وطاحونة الحبوب فيما بعد، كما د،مروا المستشفى الخاص للطبيب (ابن المرحوم سعيد ابوغوش المذكوراعلاه), الّذي كان له عيادة في مدينة الرملة. ودمرت جميع القرى المجاورة فيما بعد (القباب وابوشوشة وعمواس) في مايو 1948

    أما في داخل قرية ابوغوش فتتابعت هناك موجتان من الهجرة : الاولى حصلت مباشرةً بعد تدميرعزبة ابوغوش بالقرب من القباب- الرملة وتهجيرالعائلة. ضمّت تلك الهجرة هؤلاء الّذين كانت لهم علاقة مباشرة مع المقاومة (عقدت اجتماعات سريّة للمقاومة الفلسطينيّة عدة مرّات في قرية ابوغوش حيث انضمّ الى المقاومة أعضاء متطوعين من شباب أبوغوش). هاجروا هؤلاء الى الاردن ولم يبقَ منهم الا الشبان الّذين كانوا قد انضموا الى المقاومة. اما الموجة الثانية الّتي جاءت في اعقاب اقتحام الجيش اليهودي لاراض تابعة لأبوغوش حيث أسسوا قاعدة عسكرية على تلك الأراضي لطائراتهم الحربيّة ،وقذفت جميع القرى الواقعة على طريق القدس انطلاقا من تلك القاعدةحيث قذفت قنابل على قرية ابوغوش خلال ثلاث ليالي متتالية بين السّادس والتّاسع من شهر ابريل. هرب الأهالي من بيوتهم، ولجأوا الى الديراي الكنيسة الصليبيّة. وفي العاشر من ابريل بدأت هجرة أغلبية السكان خاصةّ بعد مذبحة قرية دير ياسين (في التاسع من ابريل 1948) الّتي كانت تبعد عن أبوغوش خمسة كيلومتر فقط. ولم يبقَ في قرية أبوغوش بعد الهجرة سوى كبار السّن ومن لم يقدرعلى الهروب

    وصل المشاة من المجموعات اليهودية المقاتلة الى قرية أبوغوش في السّابع والثّامن من ابريل 1948 وواصلوا طريقهم الى القدس دون اي تدخل عسكري من القرية، وذلك بعد أن قذفت الطائرات الحربية القنابل على القرية وأخلت الطريق من المقاتلين. تعهد مختار أبوغوش هو وبعض المخاتير من القرى المجاورة مثل دير ياسين وقرى أخرى مجاورة للقدس بعدم القتال مقابل سلامة اهالي القرية. اتخذ مختار ابوغوش قراره حينذاك بالنيابة عن اهالي القرية. كان على المختار ان يختار بين القتال الّذي حتما سيؤدي الى قتل النّساء والاطفال العزّل وتشريدهم من بيوتهم، وبين عدم القتال وسلامة اهالي القرية وبقائهم في بيوتهم لأنّ القرية لم تكن تمتلك ايّة الة دفاعيّة باستطاعتها الدّفاع عن النّساء والاطفال.

    وبعد أن ابتعد الجيش اليهودي عن القرية، اشتبك مع المقاتلين الفلسطينيين بالقرب من قرية القسطل، الّتي تبعد عن ابوغوش حوالي كيلومتر واحد، بقيادة عبد القادر الحسيني. ودارت معارك عنيفة بين الفلسطينيين واليهود دامت بضعة ايام استشهد فيها اغلب المقاتلين، كما استشهد قائدهم عبد القادر الحسيني.

      بالرغم من أنّ قرية دير ياسين كانت من ضمن القرى الّتي وافقت على عدم القتال مقابل سلامة اهالي القرية، تعرضت هذه القرية لمذبحة همجية قام بها اليهود ضد الأهالي العزل. فقتلوا النّساء والأطفال واغتصبوا البنات قبل قتلهن وشقوا بطن امرأة حامل في الشهر التاسع وأخرجوا الطفل من بطنها وقتلوه. يبرر اليهود تلك العملية بأنّه عند عبورهم الطريق الى القدس اطلق النّار عليهم من قبل افراد يبدو انّهم من دير ياسين، ولهذا حصل ما حصل. كان لمذبحة دير ياسين أثر كبيرعلى أهالي أبوغوش، فسيطر الرّعب عليهم وقرروا الرحيل خوفا على الأطفال والنّساء . ترك أهل أبوغوش القرية بنية العودة بعد انتهاء الحرب

    وبعد انتهاء الحرب وتثبيت الهدنة حاول أهالي أبوغوش العودة الى بيوتهم عبر الحدود الأردنية - الفلسطينية. ولكن الكثيرين منهم قتلوا على أيدي اليهود خلال عبورهم الحدود ومنهم نساء وأطفال. كان اليهود يسمون هؤلاء الأهالى العائدين الى بيوتهم "متسللين غير شرعيين" ويبررون قتلهم بتلك التسمية . 

    حوصرت قرية ابوغوش سنة 1949 لعدّة شهور لمنع اهالي القرية من العودة. وطرد اليهود هؤلاء الّذين عادوا الى القرية. مارس اليهود اجراءات لا انسانية في قرية ابوغوش وأخرجوا "المتسللين" من بيوتهم بالقوة. اعتقل هؤلاء "المتسللون" وتعرضوا للتعذيب، وبعد فترةٍ وجيزة نقلوا الى حدود الاردن واطلق اليهود النارعليهم وهم يعبرون الحدود، فمات اغلبهم. (انظر كتاب بيني موريسو المؤرخ الاسرائيلي وغيره من المؤرخين). وعاد الجيش الاسرائيلي وحاصر القرية مرة أخرى عام 1950 واعتقل الكثيرين من الأهالي. ولم يعرف أحد  مكان المعتقلين. وهناك من يعتقد انهم قتلوا