تاريخ القرية - يركة / يركا / كفر يركا / من قرى الجليل الأعلى - قضاء عكا

نحن نعتقد أَن بداية الاستيطان البشري في قرية يِرْكا كانت في العصر البرونزي الباكر، الذي يُطلق عليه أَيضًا إِسمُ الفترة الكنعانيَّة الباكرة، وبداية ذلك العصر، أَو بداية تلك الفترة، كانت حوالي عام 3,300 قبل الميلاد، ونهاية تلك الفترة، أَو نهاية ذلك العصر، كانت عام 1,200 قبل الميلاد تقريبًا، والبلدة لا تزل مأْهُولة بالسُّكَّان بشكلِ متواصل منذ تلك الأَيَّام وحتَّى هذه الأَيَّام الرَّاهنة، أَي على مدى مدَّة 5,000 سنة تقريبًا، وهي مأْهُولةٌ بالدُّرُوز مُنذ دعوة التَّوحيد الدُّرزيَّة ونشر المذهب الدُّرزي في القرن الميلادي الحادي عشر (1017 – 1043 بعد الميلاد). نحن نعتقد ذلك استنادًا إِلى كُسُور الأَواني والأَدوات الخزفيَّة والأَدوات المَعْدِنيَّة التي جمعناها من القرية وحواكيرِها، ومُحيطِها القريب، خلال العُقُود الثَّلاثة الأَخيرة، ونحن كُنَّا قد جَمَعْنا كُسُورًا كثيرةً خصوصًا على المُنحدر الجنوبي للقرية، على بُعد عشرات الأَمتار بخطٍّ هوائِيٍّ من الطَّرف الجنوبي للخلوة الموجودة على بُعد مسافة قصيرة إِلى الجهة الجنوبيَّة الغربيَّة من ساحة القرية، المعروفة عندنا بالاسم “أَلحارة”. في ذلك الموضع تواجدت لمدة طويلة من الزَّمان؛ رُبَّما لمئات السنين أَو رُبَّما حتَّى لآلافها، ولو كان ذلك بشكلٍ مُتقطِّع، كومةٌ كبيرةٌ من النُّفايات المنزليَّة، وفي تلك الكومة كان سكَّان القرية، وعلى الأَقلِّ سكَّان الأَحياء القريبة من ذلك الموضع، يُلْقْوْنَ نُفايات منازلهم، ولا بُدَّ أَنَّ كُسُور الأَدوات الخزفيَّة التي جمعناها كانت من ضمن تلك النُفايات، ومن الجدير بالذِّكر أَنَّ بحثًا أَثرِيًّا مُنظَّما من قَبَل دائرة الآثار لم يُجْرَ في القرية، وكلُّ ما أُجْرِيَ بداخل القرية كان بحثًا لمُحتوياتِ مغارةٍ واحدةٍ لدفن الموتَى تعود إِلى الفترة البيزنطيَّة، وكان ذلك في آخر سنوات السِّتِّين من القرن الماضي.

طيلة العصر الكنعاني كانت الَّلغة الدَّارجة عند سُكَّان يِرْكا الُّلغة الكنعانيَّة، قريبة العبريَّة والعربيَّة، وعندما دخلوا في اليهوديَّة أَصبحت لغتهم العبريَّة القديمة، وفيما بعد، وبعد أَن أَرجع الملك الفارسي كُورش اليهود إِلى البلاد من السَّبي البابلي، أَصبحوا يتكلَّمون الآرَامِيَّة إِلى جانب العبريَّة، ومع دخول الإِسلام أَصبحت الُّلغة العربيَّة لديهم الُّلغة الرَّسميَّة، وهي لا تزال كذلك حتَّى اليوم، مع أَنَّ كلماتٍ ومُصطلحاتٍ آرَامِيَّة كثيرة بقيت راسبةً بها ونحن لا نزال نستعملها في حياتنا اليوميَّة. ومن غير المُستبعد أَن يكون بعض سُكان القرية قد تعلموا اليُونانيَّة الكلاسيكيَّة وتكلَّمُوها خلال العصر الهِيليني، وفيما بعد أَيضًا خلال الفترة البيزنطيَّة، حينما أَصبحت النَّصرانيَّة الدِّيانة الرَّسميَّة للدَّولة، خلال تلك الفترة كانوا يتكلَّمون الآرَامِيَّة الجليليَّة، لُغة السَّيِّد المسيح عليه السَّلام، ويُصلُّون بها، إِلى جانب اليُونانيَّة، ألُّلغة الرَّسميَّة للدَّولة البيزنطيَّة، وتشهد على ذلك الكتابات بتلك الُّلغة التي عُثِرَ عليها صُدفةً خلال أَعمل التَّطوير والبناء في الفسيفساء بأَرضيَّات عدد من المباني والكنائس الأَثريَّة القديمة في القرية. ورُبَّما تعلَّم بعضُهُم الَّلاتينيَّة الكلاسيكيَّة خلال الفترة الرُّومانيَّة، وتكلَّموا بها، ورُبَّما تكلَّموا لاتينيَّة العصور الوُسطى خلال الفترة الصَّليبيَّة، تمامًا كما نتكلَّمُ نحنُ اليوم العبريَّة إِلى جانب العربيَّة.