تاريخ القرية - مجدل يابا / مجدل الصادق: من قرى العرقيات - قضاء الرملة


تفيدنا الدراسات الأثرية والتاريخية إلى أنّ استيطانًا بشريًا بدأ في موقع مجدل يابا منذ 4500 عام قبل الميلاد، وتحديدًا في موقع رأس العين المجاور لموقع المجدل. ثم امتدّ الاستيطان ليصل إلى أراضي مجدل يابا. وورد ذكر لها في الكتابات المصرية القديمة، أي من القرن الثامن عشر قبل الميلاد. وعثر المنقبون على بقايا مقابر وقبور متناثرة في أراضي القرية. وأصبحت مركزًا اداريًا للحكم المصري أيام الفرعون امنحوتب الثاني. ووقعت القرية ومناطقها تحت حكم "الفلستيين" أي 1150 ق.م. وأشارت التوراة إلى الموقع بكونه نقطة انطلاق هجمات الفلستيين على التجمعات اليهودية. ونجح الفلستيون من تسديد هجمتين حاسمتين ضد مواقع يهودية، وتمّ خلال الاخيرة من الاستيلاء على تابوت العهد. وهذا ما يؤكد أهمية الموقع ونبضه بالحياة والحيوية. وفي فترة الحكم الروماني جعلها هيرودس الملك نقطة مركزية على الطريق الرئيسي باتجاه يافا، وأطلق عليها اسم "مدينة انتيباتريس" على اسم والده انتيباتر، وذلك عشر سنوات قبل الميلاد. 

أمّا سفر أعمال الرسل من العهد الجديد فيفيدنا أنّ القديس بولس مرّ فيها وجعل مبيته في أحد بيوتها. وتعرّضت المدينة إلى دمار شبه شامل إثر معارك الرومان ضد مجموعات يهودية ثائرة. وجرت محاولة لإعادة توطين بعض العائلات فيها في نهاية الفترة الرومانية، إلاّ أنّ هزّة أرضية أتت عليها في عام 363 ميلادية. 

وتُفيدنا المصادر التاريخية العربية أنّ عبدالله بن علي عم الخليفة العباسي الأول أبو العباس السفاح قد دعا إلى هذا الموقع 80 أميرًا من العائلة الاموية في عام 750 ميلادية واعدًا اياهم بمنحهم الأمان، إلاّ أنّه أعملَ السيف فيهم وصفاهم جميعًا. في حين أنّ العباس ابن الموفق انتصر على خمارويه بن أحمد ابن طولون في معركة الطواحين القريبة من نهر العوجا المار قرب قرية مجدل الصادق وذلك في 885 ميلادية. وفي فترة حكم الفاطميين تمّإالقاء القبض على افتكين الحاكم الحمداني لحلب بالقرب من نهر العوجا ووضع في سجن قلعة مجدل الصادق.  

 وتلعب القرية، وخصوصًا قلعتها دورًا مركزيًا في المواجهات التي وقعت بين المسلمين والفرنجة (الصليبيون). واتخذها الصليبيون مركزًا لهم يتحكمون بواسطته في المنطقة كافة. وبقي بيدهم إلى أنْ سقطت يافا بيد السلطان ظاهر بيبرس المملوكي في 1266. ولم تمضِ سنة إلاّ واتخذ قرارًا بهدم أجزاء من القلعة منعًا لعودة الفرنجة إليها، أسوة بما تمّ فعله في عدد كبير من القلاع والحصون في طول فلسطين وعرضها.

وورد ذكر للقرية في السجل الضريبي  العثماني الشهير من العام 1596م مشيرًا إلى أنّ عدد العائلات التي سكنت المكان كان ثمانية، وعدد أفرادها حوالي 40 نسمة فقط. وحاول الجنرال كليبر جعلها مقرًّا لجنوده أثناء سيرهم نحو حصار عكا في آذار 1799 إلاّ أنّ قصف المدفعية التركية جعله يعزف عنها.

وبمبادرة من الشيخ محمد الصادق الجماعيني أعادَ الحياة من جديد إلى القرية بعد أنْ استولى على الموقع، وخصوصًا قلعتها التي قام بترميمها وجعلها لسكنى عشيرته من آل الريّان. وكان جيمس فين القنصل البريطاني في القدس قد زار القلعة وبات فيها ليلة وأشار في كتابه "أزمنة مثيرة" إلى وجود آثار لكنيسة بيزنطية إلى جوار القلعة، وبقية نقوش تشير إلى ذلك. وفرضت عشيرة أل الريّان سطوتها على المنطقة وجبت الخاوة والاتاوة من المارين والمسافرين بين يافا والقدس. إلاّ أنّ دورهم هذا تراجع ابتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر. عِلمًا أنّهم استمروا في خدمة الدولة العثمانية في تحصيل بعض أنواع من الضرائب.