خارطة المدن الفلسطينية
اشترك بالقائمة البريدية
معلومات عامة عن قرية عتيل
المجازر في القرية - عتيل - قضاء طولكرم
في الذكرى الـ77 لمجزرة عتيل..
إن حادث عتيل أمر لا يستهان به، فهو عدا عن كونه سابقة خطرة، فإن فيه مساسًا لحرمة الدين وتحقيرًا للمصحف الشريف وانتهاكًا للعرض. وإن الإقدام على واحد من هذه الأمور يكفي لأن يسيل الدم أنهارًا، فكيف بإقدام الأنذال أعداء الأمة العربية على ثلاثتها
قرية عتيل من قضاء طولكرم، على مسافة 12 كيلومترا إلى الشمال الشرقي منها. تحدها من الشرق قرية علار، ومن الغرب إبثان ويما، ومن الشمال باقة الشرقية وباقة الغربية، ومن الجنوب قرية دير الغصون.
كانت قرية عتيل بين الأعوام 1936-1939 مركزًا للثورة ضد الإنكليز. من أبنائها كان عبد الله الأسعد الذي وقف على رأس فصيل كبير مكون من أبناء القرية والقرى المحيطة بها. كان عبد الله الأسعد تابعًا لقيادة القائد عبد الرحيم الحاج محمد من ذنابة، وله صلة وثيقة بالقائد يوسف سعيد أبو درة في قضاء جنين والروحاء والكرمل. أنيطت بعبد الله الأسعد مهمة تنفيذ أحكام الإعدام التي كانت تصدرها محكمة الثورة ضد الجواسيس، وقد نفذها بدون تردد أو رحمة. شارك فصيل عتيل في الأعمال العسكرية ضد الإنكليز، لذا كانت القرية معرضة للأطواق والاجتياح، ففي يوم الجمعة 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1938 هاجم الثوار سيارة عسكرية مملوءة بالجنود فجرحوا سائقها بجروج مميتة، وأصابوا جنديًا آخر بذراعه من كتيبة 'رويال سكوتش'، فردّ الجيش على النار بالمثل وقتل اثنين من المهاجمين. بناء على معلومات تفيد بأن المهاجمين جاؤوا من عتيل ضرب الجيش طوقًا محكمًا على هذه القرية1، ثم قام لاحقًا بنسف عشرة بيوت فيها.2 يبدو أن السائق المذكور قد لقي حتفه، لذا فإن جنود كتيبة رويال سكوتش لم ينسوا ما فعله ثوار عتيل!
في الأول من ديسمبر/كانون الأول 1938 قُتل مختار قرية عارة، وابن عم مختار قرية قنير. الروايات الشفوية التي جمعناها من كبار السن في عاره تؤكد على أن الاغتيال تم على يد عبد الله الأسعد وهو من عتيل.3 في عصر يوم الثلاثاء 6/12/1938 أطلقت النار على رجال شرطة يهود بالقرب من بيارة عطا بالخضيرة.4 في مساء ذلك اليوم اشتبكت قوات بريطانية من كتيبة رويال سكوتش مع فصيل كامل في قرية عتيل. وقد أسفر هذا الاشتباك عن استشهاد عربيين وجرح اثنين آخرين، وجرح جندي بريطاني من الكتيبة المذكورة، وضبط ثلاث بنادق5. يشير عزرا دانين إلى أن الثوار نجحوا في قتل ضابط بريطاني ما أدى إلى قيام الجنود بإجراءات صارمة ضد سكان عتيل.6 لم يكن الأمر مجرد اشتباك عابر، وإنما خططت السلطات للأمر من قبل، فقد أشارت صحيفة 'دافار' العبرية إلى أن القوات البريطانية خلال التفتيش ألقت القبض في عتيل يوم الأربعاء على اثنين من أعضاء محكمة الثورة، واثنين من معاونيهم وعلى 34 شخصًا بعضًا منهم كان قد حضر من القرى المجاورة للمحاكمة.7 يؤخذ من الرسالة التي أرسلها عبد الله أبو ليمون، ابن قرية عتيل، إلى القائد أبي كمال عبد الرحيم الحاج محمد أن عبد الله الأسعد وعبد القادر الصادق نجحا في يوم الأربعاء صباحًا في الانسحاب بسلام والإفلات من الطوق الذي ضربه الجيش على عتيل. لأهمية هذه الرسالة نورد ترجمة لها عن الإنكليزية8:
عزيزي أبا كمال
أكتب إليك وأنا أشعر بالحزن الشديد بسبب الفاجعة التي وقعت في بلدنا عتيل في يوم الأربعاء الماضي. أبو ناصر عبد الحصور بخير وهو بصحة جيدة. عبد الله الأسعد موجود الآن في منطقة أبي ناصر ولم يصب بأذى. الحادثة التي وقعت في القرية كالتالي: عندما قدمت من عندك أنا وعبد القادر الصادق وصلنا إلى القرية الساعة الثامنة. عبد القادر وحارسه كانوا بالقرب من القرية في الساعة العاشرة. الحراس علموا بقدوم الجنود وقاموا بإطلاق النار عليهم وقتلوا خمسة منهم. بعض أعضاء الفصيل المحاصرين حاولوا فك الحصار. عبد الهادي بن راجح القطيش قُتِلَ، بينما شخص آخر اسمه مخلوف محمد جرح بجروح بالغة، وثالث اسمه محمود من باقة الغربية جرح بجروح خفيفة في رجله. بعض المجاهدين نجحوا في الهروب، وقسم آخر اختبأوا في البلدة وبدّلوا ملابسهم واختلطوا بسكان القرية. نجح الجيش في الاستيلاء على خمسة بنادق من أولئك الذين تم أسرهم. الفظائع التي ارتكبها الجنود كانت كثيرة. كالعادة قتلوا رجالنا وأهانوا مساجدنا ومزقوا القرآن واغتصبوا النساء وسرقوا الأموال الخاصة إلى جانب حرق بيوتنا. من بين الذين قتلوا كان رجلا اسمه محمد الحسين الناصر الذي أُخذ من الجامع وتم إطلاق النار عليه خارج القرية. شخص واحد أخذ من بيته وأطلقت النار عليه. دخل الجنود إلى بيت صفية زوجة محمد خليل شكري، كي يغتصبوها، فلما قاومت أطلقوا النار عليها. بعض الجنود دخلوا إلى بيت عبد الرحيم الفالح، وقد وجدوه برفقة ذيب عمر ورشيد محمد الرشيد. سيق ثلاثتهم إلى كومة الحطب واشعلت فيهم النار. معظم الرجال لا يزالون في الفراش نتيجة للضربات التي تلقوها. أخذ الجنود معهم أكثر من 40 رجلاً وأتلفوا كل الأغذية في القرية. غالبية العائلات تركت القرية وانتقلت إلى القرى المجاورة لأن معظم البيوت قد هدمت. أراد الجنود اغتصاب النساء ومزقوا ثيابهن واغتصبوا بعض الأولاد. هيا أعط أوامر إلى جميع المعنيين وإلى جميع المدن ليعلنوا الإضراب بسبب حادثة عتيل، على المحامين والزعماء تقديم احتجاج إلى المندوب السامي. المخلص لك : عبد الله أبو ليمون-عتيل.
يبدو أن الرسالة أعلاه كتبت على عجل يوم الخميس الموافق 8/12/1938، وقبل أن تتضح الصورة الكاملة. إذ أن عبد الهادي راجح قطيش (أبا مفيد) لم يستشهد وعاش طويلاً في عتيل حتى وفاته في 14/9/2011. (راجع موقع عتيل كوم)
بتاريخ 12/12/ 1938 لخص أكرم زعيتر ما حدث في عتيل بما يلي9: ' كنا قد طلبنا إلى القائد عبد الرحيم الحاج محمد وغيره أن يزودونا بأسماء الذين قتلوا، أو عذبوا، أو اغتصبت أعراضهم في مأساة عتيل لترجمة المأساة وإرسالها إلى النواب البريطانيين وإلى وزير المستعمرات لأن ذكر الأسماء هو البينة القاطعة. وقد تلقينا رسالة جوابية عممناها على الصحف وترجمناها إلى الإنكليزية، وبعثنا بها إلى المراجع الرسمية والصحافية البرلمانية، وفيها نماذج مما اقترفه الجيش ثابتة في الأسماء. منها دخول الجند إلى مسجد القرية وسوقهم محمد الحسين الناصر إلى خارجه واغتياله، كما اخذوا عوض محمد التقي ورموه بالرصاص ثم مثّلوا برأسه وحطّموا جمجمته وداسوها بالأقدام. ودخلوا بيتًا فوجدوا فيه امرأة اسمها صفية زوجة محمد خليل الشكري وطلبوا منها الفاحشة فامتنعت فأطلقوا النار عليها فاستشهدت. كما دخلوا بيتًا فيه ثلاثة أشخاص هم: عبد الرحمن(؟) الفالح، وذيب عمر اسيا، ورشيد محمد رشيد، واستاقوهم إلى مخزن مملوء بالحطب والزبل وأشعلوا النار في المخزن وأغلقوا عليهم الباب فاكلتهم النار. رحمة الله عليهم. كما هدموا سبعة بيوت وأحرقوا 25 دكانًا. ولم يبق في كل القرية شيء من الفراش، أو الخزائن، أو الزجاج، أو الآنية لم يتحطم أو يُنهب'.
تفيد الروايات الشفوية إلى أن جنود الكتيبة رويال سكوتش حاصروا عتيل من جميع الجهات ودخلوها وسط إطلاق نار كثيف. ثم أمروا الرجال بالتوجه إلى المدرسة والنساء والأطفال إلى الجامع، وكان الجو قارسًا شديد البرودة، وأنهم أخرجوا الشاب محمد الحسين من الجامع حيث اختبأ بين النساء وقتلوه صبرًا بدم بارد. وخلال التفتيش أشعلوا النار في متبن ما أدى إلى موت ثلاثة حرقًا وهم: عبد الرحيم، وذيب عمر آسيه، وعوض. وقد تم تدمير 23 منزلاً تدميرًا تامًا.10
ما قامت بة القوات الإنكليزية في عتيل هو بكل المقاييس مجزرة رهيبة راح ضحيتها ستة شهداء وهم: محمد الحسين الناصر، عوض محمد التقي، صفية زوجة محمد خليل شكري، عبد الرحيم الفالح، ذيب عمر آسيه، رشيد( أو رشاد) محمد رشيد؛ ناهيك عن جرح العديد منهم مخلوف محمد، وشخص اسمه محمود من باقة الغربية، واعتقال العشرات من الأهالي والتنكيل بهم بفظاظة وقسوة متناهية. لقد أصبح يوم الأربعاء 7/12/1938 يومًا مشهودًا في تاريخ فلسطين، وقد شعرت قيادة الثورة، آنذاك، بحجم المأساة وتأثرت بها عميقًا وطويلاً ففي 21/12/1938 أصدرت تلك القيادة بيانًا موقعًا من القادة: يوسف سعيد أبو درة، عبد الرحيم الحاج محمد، عارف عبد الرازق، حسن سلامة، وعبد الرحمن الصالح حول مأساة عتيل، وفيه دعت الشعب إلى إعلان الإضراب العام في يوم الجمعة 23/12/1938 تعبيرًا عن الاستنكار الشديد للأعمال البربرية التي قام بها الإنجليز في تلك القرية.11
علق هذا الحصار الغاشم في ذاكرة الناس في عتيل فاسموه حصار أو طوق 'سكوتش' نسبة إلى الكتيبة الإسكتلندية الملكية (رويال سكوتش) التي قامت بأعمال بربرية منها اغتصاب نساء وقتل عزّل وحرق أحياء وتدنيس المسجد وتمزيق القرآن!