الأستاذ ابراهيم جاد الله - عَنَبْتَا - قضاء طولكرم

ولد الأستاذ إبراهيم جاد الله في قرية عنبتا قضاء طولكرم عام 1906، والده: محمد أحمد أبو بكر جاد الله، والدته: كافية عبد الفتاح مرعي (من رامين)، شقيقته الوحيدة عزيزة، زوجة: علي يوسف أحمد أبو بكر جاد الله، تزوج من أمنة سعيد محمد جابر (من عنبتا)، حيث أنجبا: خالد، جاد الله، طارق، نعمان، هالة، هدى، وحازم.

تلقى علومه الابتدائية في عنبتا وأنهى دراسته في دار المعلمين، وعمل مدرساً في مدارس قرى سولم قضاء الناصرة والشجرة قضاء طبريا.

وبشهادة العديد من كبار أهالي الشجرة الذين أجرينا معهم مقابلات خاصة ذكروا أنه كان مدرساً فاضلاً له فضل كبير في نشر الوعي الوطني ضد الاستعمار والصهيونية، وبث روح العلم والثورة في الشجرة. وكان من مناضلي ثورة 1936 والقدوة الحسنة للقرية.

من أبرز إنجازاته في قرية الشجرة قضاء طبريا:

- فرقة الكشاف العربي في الشجرة: وهي فرع من جمعية الكشاف الفلسطيني، ويعود تاريخ الحركة الكشفية في فلسطين إلى أواخر العهد العثماني، فقد اهتم الأتراك بها وخاصة بعد نشوب الحرب العالمية الأولى. وفي عهد الانتداب اهتمت إدارة المعارف بتأسيس الكشافة في المدارس.

في عام 1934-1935 المدرسي كان في الشجرة نادي رياضي كشفي اسمه "فوج صلاح الدين"، وكان يضم خيرة شباب الشجرة، والنخبة من الطلبة. وكان لأعضائه بدلات موحدة ونظامية، وأدوات وتجهيزات كاملة، وعلم فلسطيني عليه رسم قبة الصخرة.

من أبرز مؤسسي فرقة كشافة الشجرة "فوج صلاح الدين" الأستاذ إبراهيم جاد الله، وكان سليم الأحمد (سلايمة) قائد فرقة الكشافة.

يقول أبو وليد عثمان علي درويش (سلايمة) من مواليد قرية الشجرة الزاهرة عام 1924:

"ومن أنشطة الأستاذ إبراهيم جاد الله أنه كان يعلم طلابه بعض الأغاني الشعبية الهادفة، و(يدبك) معهم على أنغامها. ومن أغانيه:

                                 على دلعونا على دلــــعونـا         جــــهل الأهـــالــي غير اللونا

                                 يقول لابنه إن رحت مكتب         لاكـسر راسك وعليك أغضب

                                 اسرح بالبقر لجحشك اركب        ما في مكاتب سكتر من هونا!

                                 هاي المكاتب بدها قــــروش       كــل ســـنة مجيدي وأنا معيش

                                 بـدها دفاتر وحبر وريــــشة        ما في مكاتب سكتر من هونا! 

وأيضاً:

                               أهـــــــلـك ودعـــوني ايــــاك         يــا بـو عـــــين حــــوريـــــة

                               لاشـــتريلك ســــــــلاح الزين         من ســــــوق الشــــــــجاعية

                               حـــنا مـــا نهاب الــــــــموت          نــــخوتـــنا عدنـــانـــيـــة

                                    نقصم ظهر الجــبروت                  بالبنادق مجلية

                                    أمتنا رفعت الصــــوت                  رايتها استقلالية

                                    وعد بلفور يا مـمـقـوت                  شؤمك ع اليهودية"

واستمرت الحركة الكشفية في نمو متصاعد حتى قيام الأحزاب والثورة الكبرى. واشتركت فرق الكشافة في أداء واجباتها، فطاردتها الحكومة ومنعت أعضاءها من الظهور بالملابس الرسمية، فتوقفت الحركة الكشفية. 

شارك الأستاذ إبراهيم جاد الله في الثورة الفلسطينية الكبرى، مما ترتب عليه فقدان وظيفته الحكومي، واعتقلته سلطات الانتداب البريطاني بطلب من اليهود في معتقل الصرفند عام 1936، ثم قررت الحكم عليه بالنفي إلى جزيرة سيشل مع محمد عزت دروزة وعوني الخالدي وسعيد الصباغ، لكنها تراجعت عن ذلك.

يضيف ابنه الأستاذ نعمان جاد الله من مواليد قرية الشجرة الزاهرة عام 1935، ويسكن حالياً في الكويت. في رسالة رقيقة أرسلها لي عن هذه المرحلة من حياة والده قائلاً: ... وبقي في سجنه بصرفند، إلى أن تم الإفراج عنه، بعدها حضر هو وعائلته عام 1936 إلى القدس، إذ عينه الحاج أمين الحسيني، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، حينئذ، مدرساً في دار الأيتام الإسلامية في القدس، التابعة للمجلس الاسلامي الأعلى، إلا أنه استمر في نشاطه الوطني، مما حدا بسلطات الانتداب البريطاني لملاحقته من جديد، حضروا إلى مقر عمله وبيته مرات عديدة لأجل اعتقاله، استمرت مطاردته عدة سنوات، إلا أنهم لم يتمكنوا من القبض عليه، بفضل زملاءه بالعمل، وجيرانه بالسكن، الذين كانوا يضللوا القوات الآتية لاعتقاله. إلى أن صدرت الأوامر عن الكف عن ملاحقته، شريطة مغادرته القدس، تم نقله إلى إحدى مدارس المجلس الاسلامي في يافا، عام 1940، إلا انه آثر أن يُبقي عائلته بالقدس، لانتظام دراسة ابنائه في مدارسها، حيث كان التعليم متوفر لأبناء القدس إلى مراحل متقدمة، خلاف ما كان عليه التعليم، في باقي مدن وقرى فلسطين. وبقي في يافا حتى بداية عام 1948، عام النكبة، حيث اضطرته أن يعود الى القدس بدون عمل.

وفي أواخر نفس العام عيّن ليشغل محاسب مدرسة دار الأيتام الإسلامية بالقدس، ثم انتقل للعمل في وزارة الأوقاف الإسلامية في عمان، إلى أن عين مأموراً لأوقاف محافظة نابلس حتى عام 1967 وبعدها مديراً لدار الأيتام الاسلامية بالقدس، بالإضافة لأن يكون مشرفاً عاماً على أمور المحاسبة لدوائر الأوقاف في الضفة الغربية، وبقي بهذا المركز حتى تقاعد عن العمل عام 1976.

عُرف عن الأستاذ إبراهيم جاد الله حبه لعنبتا وأهلها، وساعد الكثيرين من أبناء عنبتا، الأيتام منهم خاصة، في إدخالهم دار الأيتام الإسلامية، ليتعلموا صَنْعَة، والمرضى منهم في معالجتهم بالقدس.

توفي في القدس عصر يوم السبت الموافق 24/10/1987، وصلِّيَ عليه في صباح اليوم التالي الأحد في المسجد الأقصى المبارك بالقدس، ومن ثم نُقل جثمانه إلى عنبتا مسقط رأسه حيث دفن، بحضور جمع غفير من أهل عنبتا والأصدقاء الذين أتوا من عموم مدن وقرى فلسطين.

الأستاذ فوزي يوسف، الناشر المعروف، في كتاب صدر له، كتب عن الأستاذ إبراهيم جاد الله، فوصفه: "إنه لا يخشى في الحق لومة لائم"، فعلاً هذا العنوان يصف شخصية إبراهيم جاد الله خير وصف.