الاستيطان في القرية - بيتا - قضاء نابلس

ويعتبر جبل العرمة رمزًا تاريخيًا، فهو الأعلى بعد جبل عيبال في المنطقة، ويشرف على بلدات بيتا وعورتا وحوارة وشرق نابلس، ويحوي الجبل آثارًا كنعانية يزيد عمرها على 5 آلاف عام، تشمل بقايا قلعة و18 كهفًا ضخمًا كانت تستخدم لتخزين المياه والحبوب.

ويذكر الأهالي كيف هدد رئيس الوزراء الصهيوني السابق إسحق رابين بهدم البلدة "بيتا بيتا"، وبالفعل هدم نحو 30 منزلًا ونفى خمسة من أبنائها واعتقل العشرات وقسَّمها جغرافيًا إلى "عليا وسفلى"، لكنها ازدادت قوةً وتوحدًا.

استيطان جديد

"بيتا غالية علينا وأعطت الصهيوني دروس.. قالتلوا لا تحلم بأرضي ولا تفكر عليها تدوس"، هذه الكلمات لأغنية ظهرت في الثمانينيات وما زال السكان يتداولونها رافضين محاولات الاستيطان الجديدة.

أقيمت مستوطنة جبل صبيح خلال أقل من شهر مطلع مايو/أيار الماضي، كأول مستوطنة في بيتا بعد خمس محاولات فاشلة طوال أكثر من 30 عامًا، وتهدد هذه المستوطنة بقطع تواصل القرية ومصادرة أراضيها، فهي تجثم فوق 20 دونمًا (الدونم ألف متر مربع) وتحتل الجبل بأكمله.

قابل أهالي بيتا إجراءات الاحتلال بانتفاضة مستمرة على مدار الساعة، رفضًا لتهجيرهم وإقامة المستوطنة، وقدموا خلال شهر أربعة شهداء ومئات الجرحى.

وعن سر التوحد والثبات في القرية يقول نشأت الأقطش أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت وصاحب منزل قريب من قمة جبل صبيح: "بيتا عاهدت الله وأهلها على ألا يسكن أراضيها مستوطنون، وهو عهد ممتد منذ عام 1988 حين تعرضت لبدايات المحاولات الاستيطانية للسيطرة على أراضيها".

ويتابع الأقطش في مقال له أن أهالي البلدة يستندون إلى ثأر قديم، وقصة بطولية يستمدون منها نضالهم، إذ تمت صياغة مقاومتهم ونضالهم يوم 6 من أبريل/نيسان 1988، حين هاجم مستوطنون القرية ووقعت مواجهات مع الأهالي قُتلت فيها مستوطنة.

وقرر جيش الاحتلال الانتقام باقتحام معظم بيوت القرية، لكن الأهالي تصدوا لقوات الاحتلال فاستشهد ثلاثة منهم، واعتقلت القوات الإسرائيلية المئات، وأبعدت ستة من أبنائها إلى جانب هدم 13 منزلًا.

يضيف الأقطش الذي يصف نضاله اليومي بكونه يعمل مع أبناء بلدته من أجل الحفاظ على منزله وأهله أن قصة المستوطنة تتجاوز بيتا وصولًا إلى نية المستوطنين فرض حزام استيطاني يقطع شمال الضفة الغربية عن وسطها عبر ربط مستوطنات (أرائيل وتفوح وأفيتار ومغدليم).

وحسب المعلومات الصادرة عن الاحتلال فإن مساحة البؤرة الاستيطانية اليوم (التي كانت سابقًا نقطة عسكرية للجيش وأخليت في ثمانينيات القرن الماضي) تبلغ عدة كيلومترات، لكنهم يخططون لضم 600 دونم، وتسكن فيها حاليًّا 42 عائلة يهودية فيما سجلت أكثر من 75 عائلةً للسكن فيها.

عنوان المواجهة

يسرد أهالي البلدة عمرها النضالي الذي بات جزءًا من هويتها، فيقول الدكتور أمجد أبو العز: "الندية من صفات سكان بلدة بيتا فهم يعتبرون أنهم ند للاحتلال والمستوطنين"، مشيرًا إلى أن قرية بيتا هي البلدة الوحيدة التي لا يدخل إليها المستوطنون ويخرجون دون مقاومة.

سكان القرية يقاومون أي مستوطن أو جندي يحاول الدخول للقرية بأي وسيلة متاحة حتى لو كانت الحجر أو إغلاق شارع، في رسالة للاحتلال أنه إذا أراد دخول بيتا فلن يدخلها برضا السكان، لذا لا يستطيع الجيش الدخول بجيبات مكشوفة.