الثروة الزراعية - بَيّتْ لاهِيْا- محافظة الشمال - قضاء غزة

كانت قرية بيت لاهيا قبل مئات السنين عبارة عن غابة جميلة تحيط بها الأشجار الضخمة اليانعة وتتخللها الأشجار المورقة الخضراء ، ومن هذه الأشجار الجميز وهي شجرة ضخمة مثمرة سبع مرات في السنة، وتتحمل الجفاف ، وكان أهالي هذه القرية يأكلون أثمارها المجففة والطرية وتستخدم كذلك في إطعام الحيوانات وكذلك كانت القرية تشتهر بالتوت وهي أشجار عالية مفلطحة أفقياً، وثمارها لذيذة الطعم وتحمل مرة واحدة في السنة ثمراً في شهر أيار.

ومن أهم الفواكه التي كانت تشتهر بها بيت لاهيا تفاحها المعروف بجمال منظره وحسن رائحته، ولذة طعمه، ويعد التفاح من أجود المحاصيل التي تنتجها بيت لاهيا، وقد اكتسب شهرة في أسواق قطاع غزة، حتى أصبح يضرب به المثل ، فيقول الباعة منادين " لهواني يا تفاح" في أسواق خان يونس ورفح وغزة ودير البلح. وكانت تشتهر بيت لاهيا بالعنب الأسمر والأحمر والأبيض، ويجفف ويصنع منه الزبيب وكذلك التين واللوز والخوخ بأنواعه والمشمش والصبر والرمان، وتشتهر بيت لاهيا بشجر السمنوط الذي كان يصنعون من أغصانها السلال وأنواع أخرى للزينة وكذلك يوجد في بيت لاهيا نبات الحلفا الذي ينبت في أراضيها وكانوا يستخدمونه قديماً في تزيين بيوتهم وصناعة القفف والأخراج والأقفاص، وهذا النوع انقرض الآن من القرية.

    وكانت تشتهر قرية بيت لاهيا في زراعة الحبوب القمح والشعير والدرة الحمرة، حيث كانوا في أيام الحصاد يصعد رجل فوق منزل عال من منازل القرية أو في الجامع ويصرخ بأعلى صوته يا أهالي القرية غداً سيبدأ موعد الحصاد وكانوا يسمونها" الطلقة" أي أن الناس ينطلقوا مع بعضهم البعض في يوم واحد إلى الحصيدة وينامون في المزارع لعدد من الأيام حتى يتم الحصد ثم يأخذون ما حصدوه من الحبوب إلى مكان يسمى " الجرن " وفيه يتم عزل القش عن الحب وكانت تسمى هذه العملية عندهم " عملية الدرس" تستخدم فيها الحيوانات ، وفي الربع الأول من القرن العشرين أخذت بيت لاهيا تزرع أشجار الحمضيات التي كانت تسمى في فلسطين" الذهب الأصفر " حتى أصبحت من القرى المشهورة في قطاع عزة بالحمضيات بسبب مياهها العذبة وتربتها الخصبة ، وثمار بيت لاهيا في الحمضيات من أجود أنواع ثمار الحمضيات في قطاع غزة، حتى أصبح محصول الحمضيات الرئيسي في القرية، ولكن بعد عام 1979م اتجهت أنظار المزارعين في بيت لاهيا لزراعة الفراولة " التوت الأرضي " حيث زرعت بيت لاهيا حوالي 70 دونماً عام 1980م وزرعت حوالي 150 دونماً عام 1981م ، وفي عام 1982م وصلت المساحة المزروعة بالتوت الأرضي من بيت لاهيا حوالي 350 دونماً حتى أصبح التوت الأرضي المصدر الثاني بعد الحمضيات، حيث أخذت أنظار الناس في مطلع الثمانينات من القرن الماضي في التوجه لقطع أشجار الحمضيات واستخدام أراضيها في زراعة التوت وهذا سبب انخفاض أسعار الحمضيات وارتفاع أسعار التوت ولأن فائدة التوت كانت ترجع لصالح الحكومة الإسرائيلية.وكذلك اهتم المزارع في بيت لاهيا بزراعة الزهور" الورود".

    وكانت الزراعة تعتمد على مياه الأمطار وبعض الآبار القديمة التي يتراوح عمقها بين 10-20 متراً، كما حفر أهالي بيت لاهيا عشرات الآبار واستغلوا مياهها العذبة لأغراض الشرب وري بساتين الخضار والفواكه وبيارات الحمضيات، ومما ساعد على الزراعة في بيت لاهيا التربة المتنوعة، حيث أن تربة البحر المتوسط غنية بالمواد العضوية والمعدنية معاً،لأنها تتكون من خليط طفيلي يجمع الطين والرمل والحصاة وغيرها، ويجعلها أخصب وأصلح للزراعة وخاصة زراعة الحمضيات والحبوب ، كما تنمو فيها الأشجار الصالحة للرعي، مما يسهل تربية الحيوانات مثل الأبقار والماعز والضان.

كما أن مناخ بيت لاهيا معتدل صيفاً وشتاءً لطيف، فيهب عليها نسيم البحر صيفاً فيلطف درجة حرارتها والأمطار تسقط عليها في شهري كانون الأول وكانون الثاني تساعد على نجاح الزراعة البعلية حول القرية بالإضافة إلى توفر المياه الجوفية.

وتقوم في البلدة بعض الأنشطة التجارية المرتبطة بالمحاصيل الزراعية ، حيث يقوم السكان في القرية بتصدير بعض المنتجات الزراعية كالتوت الأرضي" الفراولة" والخضار والفواكه والورود والحمضيات، وتعتبر بيت لاهيا سلة غذائية" السلة الاقتصادية" للقطاع ككل.