خارطة المدن الفلسطينية
اشترك بالقائمة البريدية
معلومات عامة عن قرية ميسر/ خربة الشيخ ميسر/ بئر الحمام/ كانت تتبع طولكرم
سبب التسمية - ميسر/ خربة الشيخ ميسر/ بئر الحمام/ كانت تتبع طولكرم - قضاء حيفا
يؤكد سكان ميسر والغالبية العظمى من سكان المنطقة المسلمين أن هذا المقام هو مقام غلام السيدة خديجة بنت خويلد زوجة الرسول الكريم محمد (ص)، هذا الغلام الذي رافق النبي محمد في تجارة السيدة خديجة رضي الله عنها إلى الشام، وقبل أن يتزوجها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقبل أن ينزل عليه الوحي، ويحدثنا ابن هشام في تهذيب السيرة عن ميسره وفي صفحة 37 من كتابه تهذيب السيرة: “فكان ميسره إذا كانت الهاجرة واشتّد الحر يرى ملكين يظلانه – أي النبي محمد (ص)- من الشمس وهو يسير على بعيره” أما في كتاب أنساب الأشراف، الجزء الأول صفحة 97 للبلاذري فقد ورد: “ووجهتّه (أي خديجة وجهّت محمدا) إلى الشام ومعه غلام لها وقيّم يقال له ميسره ، فلما فرغ مما توجّه إليه وقدم مكة، أخبرها ميسره بأمانته وطهارته ويمن طائره (أي محمد- ص-) وقال: كنت آكل معه حتى نشبع- أو يشبع- ويبقى الطعام كما هو” .
وكانت لمقام ميسره وما زالت مكانة خاصة وقدسية مميزة لدى سكان ميسر والمنطقة الجغرافية المحيطة بها بأسرها، معتبرين صاحب هذا المقام من أولياء الله الصالحين، وتتمثّل هذه المكانة بالزيارة لتأدية الصلوات والتبرّك وإيفاء النذور وعلى مدار السنة، أما الزيارات ذات الطابع الخاص المميّز، فكانت في عيدي الفطر والأضحى وفي المناسبات الدينية الأخرى، كالمولد النبوي الشريف وليلة القدر والإسراء والمعراج، وأنا اذكر وكان هذا قبل عقود عدّة تصل إلى ستة، انه في الأيام الأولى من عيدي الفطر والأضحى كانت وفود الأطفال ومن البنات تتوجه إلى مقام ميسره مرتديات أجمل وأبهى الحلل احتفاءاﹰ وابتهاجاﹰ بالعيدين، ويرددن وهن في طريقهن إلى المقام الأناشيد والأهازيج اذكر منها:
سيدي ميسر يبو (يا أبو) نخلة طويلة…
وكذلك: سيدي ميسر وأنا اللّي جاي أزورك… أضوي شمعتك وأشعل بخورك
وأيضا: يا زوار ميسر زوروا رويد رويد. وإحنا زرنا ميسر كرمال الشيخ زيد (الشيخ زيد مقام لولي في مدينة يعبد- وهناك حمولة كبيرة في الوطن تحمل اسمه) يا زوار ميسر زوروه بالعدّة. إحنا زرنا ميسر وعقبال الحجة (والعدّة وما أدراك ما العدّة: رايات وأعلام وطبول وصاجات سنأتي على ذكرها لاحقاﹰ)، وفي هذا السياق فقد ذكر لي أحدهم وهو اليوم في العقد الثامن من عمره أنه رافق، وبمعرفة والدته وموافقتها، البنات في مسيرتهن إلى ميسره متنكرّا بزي فتاة…
ولمكانة وأهمية مقام ميسره المييّزة والخاصة، فقد روى لي والدي رحمه الله أنه ومع حلول عيد الأضحى المبارك كان يقام في ميسر موسم خاص كسائر المواسم في فلسطين آنذاك لثلاثة أيام العيد التي تسبق يوم النحر، تشارك فيه المئات المؤلفة من الرجال والنساء، الشيوخ والأطفال ومن مدن وقرى ألوية: طولكرم ، نابلس وجنين. وكانت تفد وفود المشتركين إلى ميسر وهي تحمل راياتها وأعلامها الخاصة بها ومتعدّدة الإحجام والألوان وتسير الهوينا على دقات العدّة والمكونة من الطبول الصاجات، ويقال أن عدد هذه الرايات والإعلام تخطّى أل 400 علم وراية.
وفي الأيام الثلاثة التي تسبق يوم النحر، أي عيد الأضحى المبارك ، كانت تقام حلقات الغناء الشعبي، الدبكة، السحجة، الحداء، المساجلات الشعرية في الزجل والشعر التقليدي العامودي، أما عن سباق الخيول العربية الأصيلة فحدث ولا حرج، فقد كانت هذه المسابقات بمثابة اللؤلؤة التي تزيّن عقد الجواهر، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه الأيام الثلاثة كانت تستغّل لعرض المنتوجات الزراعية المختلفة والبضائع المتنوعة لتخضع لعمليات البيع والشراء، ناهيك عن الولائم التي كانت تقام طيلة أيام العيد الأربعة والتي تصل قمتها يوم النحر حيث تنحر عشرات الأضاحي والذبائح إكراماﹰ لعيد التضحية، الأضحى المبارك.
خلاصة القول: لقد كان موسم ميسر كزميله موسم النبي صالح في الرملة بمثابة مهرجان شعبي شاركت فيه جميع قطاعات الشعب تجلّت فيه الأخوّة واللحمة الصادقة بأسمى معانيها ما أحوجنا إلى مثله في زماننا الأغبر هذا، والذي طغت عليه المادة والأنانية، نحن بأمس الحاجة إلى مثل هذه “اللمّة” الجميلة التي تشّع إنسانية وطيبة وبراءة.