روايات أهل القرية - راس العين - قضاء يافا

ابو خالد الرفاعي: يافا،  مكان الاقامة الحالية: مخيم عسكر/ نابلس

 
العمر: سبع سنوات يوم الرحيل

   
كنت أسكن في منطقة محطة سكة الحديد في راس العين قرب كفر قاسم، كان عنا دكان، ونبيع لليهود وللفلسطينيين وللانجليز اللي كانو موجودين في معسكر راس العين، والمحطة هاي كانت رئيسية للقطار، اللي بده ييجي عالبلاد عنا كان الا ما ييجي عهاي المحطه، كان بالدكان عنا نبيع الكاز لاصحاب الماتورات، ونبيع الاكل والشرب للناس كمان، وكان في جارنا لحام اسمه ابو العدس، هلأ صار في مخيم بلاطه، كان ساكن عنا براس العين، كانو موظفين بشتغلو بالسكه الحديد برده ساكنين عنا، وكان ساكن عنا ناس من يعبد وابو حسام خضر كمان.

كانت عنا بياره 49 دونم، واحنا صغار كنا نروح رحلات عليها، وكانو ييجو علينا من يافا شمات هوا لناس، ويقعدو عنا شي عشرين يوم، نقضيها بهالربيع، بالبياره وبهالاراضي الخضرا، كنا نفيق من النوم الصبح نشوف هالخضار الحلو وهالحمام.
راس العين كانت تعطي ميه للقدس، فيها نهر العوجا، كانت الميه تتكرر في راس العين، ومن راس العين لدير اللطرون ومن اللطرون للقدس، معمل الازاز اللي هلأ ببطلاطه كان براس العين موجود، صاحبه زكي نصار كان عنا براس العين، وكانو عيلته عايشه على هالدكان تاعة الازاز.
في ال 48 قتلو جماعه من دار الطيطي، كانو يزرعو بالارض تبعتنا، وانقتل تلاته اربعه من هاي العيله ورحلت عيلتهم، ورحلنا احنا على مجدل الصادق، ومن هناك اليهود كانو يطخو علينا مورتر من مستوطنه موجوده قبل بتاح تكفا، هربنا الى شرق البلد، وصارت المسافه بعيده علينا، لا عنا لا ميه ولا اكل، هربنا عاللد، قعدنا باللد ست اشهر، اجا جيش الانقاز على راس العين، كان لما اليهود يهجمو على بلد تيجي اهل قلقيليه تدافع مع اهل البلد لا انهم يردو اليهود.
اليهود كانت سياراتهم العسكريه من نوع دوج هما يصفحوها ويعملوها مصفحه، لهلأ في منهم وحده ع طريق اللد عاملينها تزكار في دير اللطرون تلا اللد، بتلاقيها محطوطه هناك زكرى بين شجر الصنوبر، وكل سنه بدهنوها، اللي خرب بيتنا احنا، انه جيش الانقاز سحب البواريد والفشك من الناس، وتركونا فاضين من السلاح، اليهود قتلت اكم واحد بدير ياسين، واحنا عشان هيك خفنا وطلعنا من المجازر.
اليهود كانو كل ليله ييجو يضربو ع راس العين، راس العين فيها قلعه مرتفعه، فيها شي عشر خمستعشر مسلح بالبها، وكل ليله ييجي شي ميت يهودي يضربوعالمسلحين، والمسلحين يردو عليهم ويضربو اكم طلقه، احنا كيف كنا نعرف انه اليهود كانو كتار بالليل؟ كنا بالنهار نروح عبياره الموز عشان ناكل موز، نلاقي معمول استحكامات بالتراب، في جور البرتكان، نعد الاستحكامات اللي عالتراب وعجور البرتكان، اربعين خمسين ستين.
كنا لما نروح نجيب القمح من الارض ناخد معنا مسلحين عشان يحمونا من اليهود، انا كنت ولد صغير، واحنا نازلين نجيب القمح شفت حيه، صرت اصيح، الا اليهود بالبياره اللي جنبنا، صارو يطخو علينا، شردنا، وبعدها بشوي رجعنا نجيب القمح مره تانيه وجبناه.
خطره راس العين اخدوها اليهود شي خمس ساعات، اجا حسن سلامه خش ع معسكر راس العين وطحا اليهود
  
واستشهد حسن سلامه بالمجدل عند راس العين، ومن يومها رحلنا احنا، احنا خرجنا من بيوتنا بالنهار، مضلش براس العين الا احنا، العمال اللي من كفر قليل ويعبد وغيرها رحلوا، هي اصلا مش بلد المنطقه اللي كنا فيها، هي عباره عن محطه سكه حديد، فيها معسكر جيش انجليزي ومحطه القطار وعنا سبع دنومه، وفي ماتور الميه عقبالنا.
اجو بال 48 اليهود على البنايه تاعه السكه، حطو شنتات جوا، ابوي راح اعطا خبر لموظف بالسكه الحديد، اسمه احمد اسعد، قالو يا احمد فاتو ناس عمبنى المحطه عند دار مرة الناظر، تعال شوف شو هنه، يهود ولا شو؟ طلعو حاطين اسلحة ومتفجرات هناك. احنا ما طلعنا بارادتنا، احنا طلعنا لانه شلحونا من اسلحتنا وهيك صرنا ما عنا قدره نضل نقاوم بدون سلاح.
الساعه اربعه العصر، ما شفت الا هالتركات بحملو بالجيش العربي، بدهم يروحو، كان ابوي امملي الدكان بضاعه، سالناهم وين رايحين، قال معانا امر نمشي من هون، كان ابوي جايب بضاعه ومركن انه جيش الانقاز العربي قاعد عنا يحمينا، وفجأه بنشوفه بنسحب، كان عبد الكريم قاسم بالجيش العراقي، كان بده ينسف ماتور المي براس العين عشان هاي الماتورات بتودي مي عالقدس لليهود، اجاه امر انه ما ينسفه، وانه يخلي كل شي زي ما هو، ولحد السبعينات لما زرت انا راس العين، ولقيت البنايه تاعة المحطه لساها موجوده، كان في موظف اسمه ابو سمير، نجيب ناصر، اصله من بير زيت، لما زرت داره عند المحطه، انهز بدني، لقيتها زي ما هيه، والزريعه زي ما هيه، يبقى عامل لداره باب شبك، لقيت الباب زي ما هو، انا كنت ولد صغير والعب هناك مع اولاده، احنا عشان عنا نهر لعوجا كانو يرشو دي دي تي عشان الملاريا، اتزكرت الاشياء هاي بسرعه كبيره.
بقول لابني يابا كان في هون اشي زي براميل كبار يكرروا فيهم المي قبل ما يضخوها ويحطو فيها كلور، بس مش مبينه، وين راحت، الدنيا مقلوبه، مشيت لقدام شي ميت متر، وناديت على ابني خالد بقولله يابا تعال شوف، هيها اللي بقوللك عنها، بس طلعت فاضيه، فيهاش ميه، اليهود سحبوها لميه راس العين، منشفه كانت البراميل الكبيره، الميه كانت تنبع من راس العين تروح على تل ابيب والقدس وتوصل كمان لبيتح تكفا، كان في قنايه هناك عند الجريشه يروحو الناس يشمو الهوا فيها، كانت القنايه نضيفه قبل النكبه، بس هلأ المي وسخه لان الميه واقفه مش جاريه بالقنايه، سكروها للقنايه.
احنا قعدنا بالمجدل شي شهرين، وبعدها طلعنا عاللد، ما اخدنا اغراضنا معنا، والله ابوي من كتر ما هو حريص راح سكر البواب وحط خشبه عالباب عشان يأمن الباب، وعشان ان اجا حد يفتح الباب ما يعرف يفتحه، ولما قعدنا باللد، واشترينا شويه اغراض، وعند ما اجينا نرحل من اللد منعونا اليهود نحمل أي شي معنا، اللد كانت تدافع وتقاوم، بس اليهود تكالبو عاللد، كان في شوية متطوعين عرب يقاومو، بس امكانياتهم كانت بسيطه، ما كان في معهم قذائف مورتر بالمره، كان بس معهم بواريد وخراطيش وستنات، ومدافع برن، وكان الحصول عليه كتير صعب، الانجليز كانو مسيطرين على حدودنا مع سوريا ومصر عشان هيك كان تهريب الاسلحه كتير صعب، وقبل ما يطلعو الانجليز من البلاد سلمو كل اشي لليهود، احنا كانو يمرئو عنا الانجليز بالقطارات وهما مروحين على حيفا، وبعديها عالبواخر. كان حأ الباروده حأ اربع خمس بقرات.
طلعنا بالترك، سالناه وين انت رايح، قال انا رايح على دير غسانه، وصلنا لدير غسانه، سالنا عن مختارها، اسمه صالح البرغوثي، الزلمه فتحلنا هالدار تاعته، والحاكوره مزروعه كانت شجر صنوبر، وقال لنا اقعدوا هون على بين ما الله يهونها عليكم، وليليتها بالزبط صبحت اللد ساقطه بايد اليهود، مرة ابوي ولدت ساعيتها وجابت ولد، انا امي كانت لساها مش لاحقه فينا، كانت لساها بالعزبه اللي جنب المجدل والمزيرعه وقوليه والطيره، لما سقطت اللد قاللي ابوي بتروح الصبح عند امك بتجيب طناجر وصواني النحاس وبتنام عند ايمك ليله وبترجعش لا تجيبهم معك، والله وصلت بعد الضهر، هلكان، من دير غسانه للمجدل، مشوار بعيد، يمكن اربعين كيلو، مشيت من الجبال، لملمت الاغراض اللي بدي اياهم، وقلت بدي انام لي كمان ليله عند امي، لملمتهم وقلت بجيب حمار وبحملهم عليه، والله فقت الساعه تلاته بالليل، فيقتني امي وقالت يما قوم، والا المدفعية العراقية بتضرب من كفر قاسم عالمجدل واليهود بضربو من الجهة التانية عكفر قاسم، امي حملت ولد وانا حملت ولد من اخوتي من امي، وضلينا نركض لا وصلنا دير بلوط، كانو اهل دير بلوط ييجو عنا كتير ع راس العين، استقبلونا والله اهل دير بلوط، بس الله يكفيك شر هديك الليله، الجمل جنبنا والبقره والغنم والبراغيت اكلتنا محل ما نمنا، وابوي مش عارف وين احنا ولا حد صاحي عالتاني.
عمي اخو ابوي ضل بالعزبه، احنا هربنا عاللد هو اجا ع كفر الديك جنب سلفيت، وضلو هناك لا مات، سكن وعاش هناك، احنا طلعنا قبل ليله من سقوط اللد، في ناس كتير ضيعت ولادها بالطرق، في ناس ماتت من العطش، الناس مشيو كيلوات طويله وميتين من العطش ومشو حافيين، وفي نسوان ولدت في الطرق.
جينا بعديها على نابلس من دير غسانه، بعد العز اللي كنا فيه صرنا نزق عربايات زباله، نعتل، اللي معاه حق عرباي كان زي الملك، تعال على خضر سالم، كان يحط شوال الطحين من شرق نابلس لغربها على ضهره، اشتغلنا بمصانع الاسكمو، وصرنا نعمل الواح تلج شي ميتين لوح باليوم، ونوزعهم عالدكاكين بنابلس، وعالدور والمستشفيات، لما اجينا عنابلس كانت الجوامع كلها لاجئين والمغر والمدارس كمان، المراحيض كانت غير شكل، احنا سكنا ليله وحده في مخيم بلاطه وهربنا، سيد امي رفض يترك قريته وضل هناك ومات هناك.
 المساعدات تاعة الامم المتحدة لا تستحق الذكر مقابل الشي اللي تركناه في فلسطين لليهود، احنا تركنا اراضي خضرا وخصبه لليهود ورحلنا عنها وصرنا لاجئين، انا ما بدي مساعدات اليونروا انا بدي اروح على بلدي، انا عايش هون بشكل مؤقت، شو بدي فيه هدا البيت هون بنابلس بمخيم عسكر، جورج بوش مش وصي علينا حتى يحكي باسمنا ويقول انه ما في حق عوده للاجئين الفلسطينيين، الناس رح تصحى في يوم ما، من لا وطن له لا دين له
.