معلومات عامة عن كراد البَقَّارَة/ قرى المناطق المجردة من السلاح - قضاء صفد
معلومات عامة عن قرية كراد البَقَّارَة/ قرى المناطق المجردة من السلاح
قرية فلسطينية مزالة، كانت تتربع على نتوء صخري بركاني في الطرف الجنوبي لسهل الحولة غربي وادي المشيرفة، الذي ينتهي بنهر الأردن، شمال شرقي مدينة صفد وعلى مسافة تصل إلى 11كم عنها، بارتفاع 125 م عن مستوى سطح البحر، كانت أراضي القرية تقدر بنحو 2261 دونم.
احتلت القرية في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1956، مع بدء العدوان الثلاثي على مصر، على يد الوحدة 101 من جيش الاحتلال، حيث هاجمت القرية وطردوا سكانها ودمروها.
الحدود
كانت قرية كراد البقارة تتوسط القرى والبلدات التالية:
- قرية تليل شمالاً.
- قرية الحسينية من الشمال الغربي.
- قرية كراد الغنامة غرباً.
- قرية الويزية من الجنوب الغربي.
- قرية يردا جنوباً.
- أما الحدود السورية (الجولان السوري) فيحدها من الشرق.
أهمية موقع القرية
يعتبر البعض قريتي كراد الغنامة والبقارة قرية واحدة، وعلى هذا النحو فإن أهمية موقع القريتين يعود لكونهما "مشرفتان على سهل الحولة وتبعدان ما لا يزيد عن 3.2 كم عن الحدود الفلسطينية السورية، وبمسافة مماثلة تقريباً عن جسر بنات يعقوب.
سبب التسمية
استناداً للمؤرخ مصطفى الدباغ، لعل كلمة "كراد" تحريف "أكراد" من أحفاد الأكراد الذين استقروا في فلسطين في العصور الوسطى وبعدها، أو من "الكرادة" أصحاب الكرود، والكرود في العراق تسقي الأراضي والبساتين.
أما كلمة البقارة فهي أطلقت على القرية لأنه أهلها عملوا بشكل أساسي في رعاية وبيع الأبقار.
معالم القرية
لم يكن في القرية أي مبانٍ خدمية أو إدارية، لم يكن في القرية عيادة طبية أو مركز صحي أو مسجد، واقتصرت معالم القرية على مقامين كان أهالي القرية يحترمنهم ولهم مكانة مقدسة لديهم، وهما:
- مقام أبو الريش: كان يدعى موجود غربي القرية.
- مقام بنات يعقوب: يقع جنوب القرية.
- كان أهالي القرية كانوا يدفنون موتاهم أمام هذين المقامين.
السكان
قُدِرَ عدد سكان القرية عام 1931 بــ 245 نسمة، وكانوا يقيمون في 54 منزلاً، ارتفع العدد عام 1945 إلى 360 نسمة، ووصل عام 1948 إلى 418 نسمة جميعهم من المسلمين ويقيمون في 92 منزلاً.
قُدِرَ عدد اللاجئين من أبناء القرية عام 1998 بــ 2565 نسمة.
عائلات القرية وعشائرها
يذكر كبار السن من أهالي القرية، بالإضافة لأهالي قرية كراد البقارة، أن أهالي القريتين هما في الأصل عشيرة واحدة من أصول كردية، ويرجح المؤرخ مصطفى الدباغ أن يكونوا نزلوا في فلسطين في العصور الوسطى وما بعدها، وفي تلك الفترة وحتى القرن الثامن عشر كانت المنطقة تُعرف باسم "كراد الخيط" إلى أن تم فصل القريتين عن بعضهما في وقت لاحق.
ويؤكد أهالي القرية أنهم لم يكونوا يعرفون أو يتكلمون اللغة الكردية، وأنهم يتكلمون العربية فقط، ولا يعرف عن أصولهم الكردية أي شيء.
فيما يرجح البعض أن تسمية القريتان "كراد" أتت من صفحة الكرادة والكرادة تعني في اللهجة العامية كما يشرحها المؤرخ مصطفى الدباغ، هم أصحاب الكرود، والكرود في العراق تسقي الأراضي والبساتين.
الحياة الاقتصادية
كانت الزراعة النشاط الأساسي لأهالي القرية، وقد قدرت مساحة الأراضي الصالحة للزراعة بــ 2021 دونم، منها:
- 60 دونم: كان مزرعاً بالبساتين المروية.
- 1961 دونم: كانت مخصصة لزراعة الحبوب من قمح، شعير، ذرة، حمص، وفول وغيره.
إلى جانب الزراعة كانت مهنة تربية الماشية، من الماعز والأغنام والأبقار بشكل أساسي مورد الزرق الأساسي لأهالي القرية، ومن اسم القرية كراد البقارة، يتضح مدرى اهتمام أهالي القرية باقتناء الأبقار والاعتماد عليها في تأمين موارد رزقهم، حيث يقومون ببيع الفائض عن الحاجة من ألبان وأجبان وحليب في القرى والبلدات المجاورة، كما باع أهالي القرية فائض الإنتاج من الحبوب والمحاصيل الزراعية في القرى والبلدات المجاورة، بالإضافة لشراء أهالي القرية ما يحتاجونه من مواد لا يتم إنتاجها في القرية، مثل: السكر، الكاز، الزيت، الزيتون، وغيرها.
التعليم
لم يكن في القرية أي مدرسة خاصة بها، أما أبناء القرية الراغبين بالتعلم كانوا يذهبون إلى شيخ في قرية تليل المجاورة، ومنهم من كان يدرس في قرية الرأس الأحمر، هناك بعض الأشخاص درسوا في مدينة صفد، ولكن عددهم قليل جداً.
القرية والمناطق المجردة من السلاح
عقب المعارك التي كانت تدور بين العصابات الصهيونية والجيش السوري على مقربة من أراضي قريتي كراد الغنامة وكراد البقارة، غادر بعض أهالي القريتين باتجاه الأراضي السورية، ومكثوا هناك إلى أن تم التوقيع على اتفاقيات الهدنة بين سورية وحكومة الاحتلال، حيث تم توقيع الاتفاقية في تموز/ يوليو 1949 وبموجب تلك الاتفاقية وقعت مجموعة أراضٍ وقرى فلسطينية ضمن منطقة مجردة من السلاح، وفق ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين ومن هذه القرى: يردا، النقيب، منصورة الخيط، السمرا، خربة أبو زينة، كراد الغنامة، كراد البقارة، وخان الدوير.
كان الاتفاق ينص أن يعود سكان هذه القرى إلى قراهم على أن تكون خالية من أي وجود عسكري سوري أو "إسرائيلي"، وأن تكون هذه المنطقة تحت إشراف لجنة من منظمة الأمم المتحدة.
عاد أهالي تلك القرى إليها، ولكن سلطات الاحتلال لم تكن ترغب باستمرار هذه الاتفاقية، وبدأت تمارس المضايقات بحق سكان هذه المنطقة لدفعهم لتركها والرحيل عنها.
أما عن قريتي كراد الغنامة وكراد البقارة، فقد قامت سلطات الاحتلال بترحيلهم قسراً إلى قرية شعب قضاء مدينة عكا في الداخل الفلسطيني المحتل، وهناك فرضت عليهم منع تجوال استمر ثلاثة أشهر وكان ذلك في الأشهر الأولى من عام 1951، في تلك الأثناء تقدمت سورية إلى مجلس الأمن حول ترحيل سكان المناطق المجردة من السلاح قسراً من أراضيهم، الأمر الذي دفع مجلس الأمن أن يصدر قراراً يوم 18-5-1951 ، والمتضمن وجوب إعادة المواطنين العرب سكان المناطق المجردة من السلاح الذين أجبرتهم حكومة "إسرائيل" على مغادرتها، وتشرف على إعادتهم لجنة الهدنة المشتركة بطريقة تقررها اللجنة.
ونقلاً عن الروايات الشفيهة تحدث كبار السن من أهالي قريتي كراد الغنامة وكراد البقارة أن الصهاينة كانوا يحاولون جاهدين السيطرة على أراضي القرية بذرائع مختلفة، لكنهم فشلوا، وبقي أهالي القريتين قاطنين فيها حتى عام 1956.
وعن احتلال القرية وطرد أهلها منها، يذكر الباحث "خالد بدير" في بحثه "فلسطينيو المناطق المجردة- قريتا البقارة والغنامة نموذجاً":
" عندما بدأ العدوان الثلاثي على مصر، استغلت سلطات الاحتلال انشغال العالم بهذه الحرب، وأنزلت الوحدة 101 بقيادة "إرئيل شارون" في المنطقة المجردة من السلاح، وكان ذلك يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1956، ومن بينها قريتي كراد الغنامة والبقارة حيث أجبر الجنود أهالي القريتين على مغادرتها بقوة السلاح، وبعد ساعات من المقاومة من أهالي القريتين، استطاع جنود الاحتلال إجبارهم على ترك القرية، وحملوهم في شاحنات، ثم ألقوا بهم على الحدود السورية، وبعد أن انقطع أملهم بالعودة إلى قريتهم عبروا الحدود السورية، واستقروا في مناطق الجولان السوري حتى عام 1967.
وعقب احتلال الجولان في حرب 5 حزيران 1967 لجأ أهالي كراد البقارة والغنامة المقيمن هناك، إلى مدينة دمشق أقاموا في مخيمات الشتات الفلسطيني هناك.
القرية بين عامي 1948-1956
أشرنا في فقرة سابقة إلى أنه تم تهجير وترحيل أهالي القرية منها عدة مرات، وفي كل مرة كان الصهاينة يدمرون منازل القرية، أعاد أهالي القرية بناء ما دمره الصهاينة بعد عودتهم إليها، وعند عودتهم آخر مرة في تموز/ يوليو 1951، أقاموا مؤقتاً في خيام، ريثما أعادوا بناء منازلهم المدمرة.
وفي السنوات الخمس اللاحقة التي كانت القرية خلال ضمن المنطقة المنزروعة من السلاح وفقاً لما جاء في اتفاقية الهدنة 1949، لم يكن لدى أهالي القرية أي نوع من الخدمات الصحية أو التعليمية وغيرها.
عاش أهالي القرية في تلك السنوات ظروفاً صعبة، حيث أعادوا بناء منازلهم بالطين والحجارة، اقتصر اقتصاد قريتهم على ما يزرعونه من محاصيل في أراضي قريتهم.
كان يُمنع على أهالي القرية الخروج من قريتهم دون إذن أو تصريح من الشرطة "الإسرائيلية" التي كانت مرابطة على أطراف القرية خوفاً من تواصل أهالي القرية مع الجيش السوري وتزويده بتحركات القوات "الإسرائيلية" في المكان.
لم يكن هناك أي إحصائية دقيقة حول عدد سكان القرية في تلك السنوات، ولكن قُدِرَ عدد سكان المناطق المجردة من السلاح جميعهم بــ 2200 نسمة، وذلك عام 1956 ومن ضمنهم أهالي قرية كراد الغنامة الذين عادوا إليها عام 1951.
احتلال القرية
تعرضت قريتا كراد الغنامة وكراد البقارة خلال حرب الــ 48 لعدة هجمات، وقد غادرها أهلها وعادوا إليها عدة مرات خلال تلك الحرب وفي السنوات التي تلتها، وعن تلك الحرب وما حصل في قريتي كراد الغنامة والبقارة، ما ذكره المؤرخ "وليد الخالدي" نقلاً عن مصادر "إسرائيلية" عدة.
- عقب مجزرة الحسينية التي ارتكبت أواسط آذار: مارس 1948 في القرية المجاورة لكراد الغنامة، غادر بعضاً منهم القرية، وعادوا بعد فترة وجيزة.
- وعندما بدأ الصهاينة عمليتهم "يفتاح" التي كانوا يهدفون منها للشيطرة على مدن وقرى الجليل الأعلى، غادر أهالي القرية أو جزءاً منهم عقب الهجوم على قرية العلمانية القريبة قليلاً وذلك يوم 22 نيسان/ أبريل 1948، ليعودوا إليها بعد فترة وجيزة أيضاً.
- لم تتعرض القريتان لهجومٍ مباشر أو تجري فيها معارك كما جرى في القرى الأخرى، وربما موقع القريتين وإشرافهما على الحدود السورية، إضافةً لوجود قوات من الجيش السوري على مقربة منهما جعل مصير القريتين وبعض القرى الصفدية الأخرى مصيراً مختلفاً عن صيرورة الأحداث التي كانت تجري إبان الحرب.
- بموجب اتفاقيات الهدنة الموقعة بين سلطات الاحتلال وسورية في تموز/ يوليو 1949 أعيد أهالي القرية إليها، ليعاد طردهم مرة أخرى عام 1951 وتتم إعادتهم رغماً عن إرادة الصهاينة بإشراف لجنة مشتركة من فريق الأمم المتحدة، حيث بقي أهالي القرية صامدين فيها إلى أن قامت الوحدة 101 من الجيش الإسرائيلي بقيادة "أرئيل شارون" بطرد أهالي القرية بقوة السلاح ودفعهم باتجاه الحدود السورية، وتم تدمير القرية كلياً.
القرية اليوم
دُمِرَتْ منازل القرية بالكامل، عقب احتلالها وطرد أهلها عام 1956، واليوم تتبعثر الأنقاض و أكوام الحجارة و بقايا المنازل في أرجاء الموقع، الذي يغلب عليه العشب و شوك المسيح ونبات الصبار. أما مستعمرتي "غدوت" و "مشمار هيردين" اللتين أسستا في سنة 1949، فهما تبعدان عن موقع القرية 1كم إلى الشرق و 1,5 كم الى الجنوب على التوالي.
أهالي القرية اليوم
عاد جميع أهالي القرية إليها عقب كل مرة غادروها، باستنثاء عدد منهم الذين بقيوا مقيمين في قرية شعب منذ ترحيلهم إليها قسراً عام 1951، بعض أبناء القرية الذين بقيوا في قرية شعب انتقلوا في السنوات اللاحقة إلى مدينة شفاعمرو قضاء مدينة حيفا، ولايزالوان يقميون فيها حتى يومنا هذا.
أما أهالي القرية الذين عادوا إليها عام 1951 بقيوا فيها حتى 30 تشرين الثاني 1956، حيث تم طردهم باتجاه الجولان السوري، وعقب احتلال الجولان توجهوا إلى مدينة دمشق وأقاموا في المخيمات القريبة منها: مخيمي السبينة واليرموك.
الباحث والمراجع
إعداد: رشا السهلي، استناداً للمراجع التالية:
- الدباغ، مصطفى."بلادنا فلسطين الجزء الأول- القسم الأول". دار الهدى: كفر قرع، ط1991، ص: 162.
- الدباغ، مصطفى. "بلادنا فلسطين- الجزء السادس- القسم الثاني". دار الهدى. كفر قرع. ط 1991. ص: 31- 39- 56- 168- 169.
- الخالدي، وليد. "كي لاننسى قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل عام 1948 وأسماء شهدائها". مؤسسة الدراسات الفلسطينية: بيروت. 2001. ص: 355- 356.
- عراف، شكري. "المواقع الجغرافية في فلسطين الأسماء العربية والتسميات العبرية". مؤسسة الدراسات الفلسطينية: بيروت. 2004. ص: 490.
- أبو مايلة، يوسف. "القرى المدمرة في فلسطين حتى عام 1952".الجمعية الجغرافية المصرية: القاهرة. 1998. ص: 29.
- الحشاش، عبد الكريم. "قبائل وعشائر فلسطين". مكتبة الأقصى: دمشق. 2005. ص: 23-24-25.
- "قرى صفد المدمرة". وكالة وفا للأنباء والمعلومات. ب.ت. ص: 66- 67.
- العباسي، مصطفى. "صفد في عهد الانتداب البريطاني 1917-1948". مؤسسة الدراسات الفلسطينية. بيروت: لبنان. ط2. 2019. ص: 148- 156- 251.
- أ.ملز B.A.O.B.B. "إحصاء نفوس فلسطين لسنة 1931". (1932). القدس: مطبعتي دير الروم كولدبرك. ص: 105.
- "Village statistics1945". وثيقة رسمية بريطانية. 1945. ص: 10.
- "كراد الغنامة- قضاء صفد". موقع فلسطين في الذاكرة. تمت المشاهدة بتاريخ: 11-1-2023.
- "مقابلة التاريخ الشفوي للنكبة الفلسطينية مع السيد شتيوي فياض من قرية كراد البقارة". الضيف: شتيوي فياض. المحاور: ركان محمود. مكان المقابلة: مخيم اليرموك: دمشق. تاريخ المقابلة: 12-3- 2009. تمت المشاهدة بتاريخ: 10-1-2023.
- "مقابلة التاريخ الشفوي للنكبة الفلسطينية مع السيد يوسف خلف من قرية كراد البقارة- الجزء الأول". الضيف: يوسف خلف. المحاور: ركان محمود. تاريخ المقابلة: 13-3- 2009. مكان المقابلة: مخيم السبينة: ريف دمشق. تمت المشاهدة بتاريخ: 10-1-2023.
- "مقابلة التاريخ الشفوي للنكبة الفلسطينية مع السيد عبدو عثمان قطيش حجاج من قرية كراد الغنامة- الجزء الأول". الضيف: عبدو عثمان قطيش حجاج. المحاور: ركان محمود. مكان المقابلة: مخيم السبينة: ريف دمشق. تاريخ المقابلة: 11-3- 2009. تمت المشاهدة بتاريخ: 9-1-2023.
- "مقابلة التاريخ الشفوي للنكبة الفلسطينية مع السيد عبدو عثمان قطيش حجاج من قرية كراد الغنامة- الجزء الثاني". الضيف: عبدو عثمان قطيش حجاج. المحاور: ركان محمود. مكان المقابلة: مخيم السبينة: ريف دمشق. تاريخ المقابلة: 11-3- 2009. تمت المشاهدة بتاريخ: 9-1-2023.