احتلال القرية - الخِصَاص/ صفد - قضاء صفد

كانت الخصائص هدفاً لهجمة من نوع "أضرب واهرب" شنتها "الهاغاناه" في الأسابيع الأولى من الحرب. ففي 18 كانون الأول/ ديسمبر1947، أغار أفراد من القوة الضاربة للهاغاناه على القرية تحت جنح الظلام، فجالوا في أنحاء القرية وأطلقوا نيران أسلحتهم ورموا القنابل ونسفوا منازل عدة. وقد استُشهِدَ من جراء الغارة 12 مدنياً (منهم 4 أطفال) وهذا استناداً إلى الأرقام التي يودرها المؤرخ الصهيوني "بني موريس". وذكر تقرير أوردته صحيفة (نيورك تايمز) أن عدد القتلى كان 10، بينهم 5 أطفال، وأضاف أن بعض الضحايا دفنوا تحت أنقاض منازلهم.

أنكرت الهاغاناه أول الأمر مقتل الأطفال، لكن ناطقاً باسمها أقر بذلك لاحقاً، وجاء في رواية الصحيفة أن الهجوم كان انتقاماً لمقتل رجلين من شرطة المستعمرات اليهودية في منطقة صفد. 

ويذكر موريس أن عدداً من ضباط استخبارات الهاغاناه المحليين ومن القادة المدنيين عارض العملية( الانتقامية) المخطط لها، غير أن قائد البلماح "يغآل ألون" وافق عليها. وبعد بضعة أيام قال ناطق باسم الهاغاناه إن أحد المنازل التي نُسِفَتْ كان قاعدة للقوات السورية واللبنانية، وأضاف: "إنه لمن المؤسف حقاً أن يكون الأطفال نياماً في هذا المركز العسكري الصغير الحجم، وأن يكونوا ذهبوا ضحايا غارة كهذه...".

 وقد جرى تقويم الهجوم على الخصائص في اجتماع رفيع المستوى لبعض المسؤولين الصهيونيين، من عسكريين ومدنيين، في 1-2 كانون الثاني/ يناير 1948. ويلخص بني موريس ما يبدو أنه كان رأي الأكثرية في ذلك الاجتماع (الذي حضره رئيس الوكالة اليهودية دافيد بن- غوريون، وموشيه دايان): (مهما يكن استعمال القوة كريهاً فهو وإن اشتط به مثمر في المدى الطويل).

واستناداً إلى موريس فإن سكان الخصاص فروا من قريتهم بتاريخ 25 أيار/ مايو 1948 موريس، في نهاية عملية "يفتاح" بعد نحو خمسة أشهر من هجوم الهاغاناه. وقد نسب تقرير للاستخبارات الصهيونية تفرق شملهم إلى حملة الحرب النفسية التي شنت في أثناء هذه العملية. لكن نزوحهم كان جزئياً فيما يبدو، لأن بعض السكان مكثوا في منازلهم لمدة تزيد على العام بعد ذلك إلى أن طردهم جيش الاحتلال منها بالقوة. ففي منتصف ليلة 5 حزيران/ يونيو 1949، أحاطت شاحنات الجيش بالقرية وأكرهت السكان على الصعود إليها (بالرفس والشتائم والإهانة)، وذلك استناداً إلى كلام أحد أعضاء الكنيست من "مبام" يستشهد موريس به. وقال السكان أنهم (أُجبِروا على هدم منازلهم بأيديهم)، وأنهم عوملوا معاملة (البهائم). ثم أفرغوا من الشاحنات على سفح تل تسوطه الشمس في جوار قرية عكبرة، وتُرِكُوا هناك (تائهين في البرية عطاشاً جياعاً). وقد عاشوا هناك في أوضاع مزرية لأعوام كثيرة بعد ذلك.

المصدر:

"نبذة تاريخية عن قرية الخصاص قضاء صفد من كتاب كي لاننسى"، موقع فلسطين في الذاكرة، الرابط: https://www.palestineremembered.com/Safad/al-Khisas/Story26773.html