قالوا عنها - بَرّة قِيسَارّيَة - قضاء حيفا

درست في الصف الأول في قيسارية

ومن بين المهجرين من منطقة قيسارية أيضا، أسرة النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد الحاج علي أحمد ( أبو علي) الذي يختتم كل مقالة له بالقول «يقيم رئيس إسرائيل الأسبق عازر وايزمن في بلدتي قيسارية فيما صرت أنا لاجئا في مخيم نابلس». أبو علي المولود في برة قيسارية عام 1938 درس في الصف الأول ابتدائي في مدرسة قيسارية التاريخية، منوها أنّه كان وأترابه من القرية يذهبون لها سيرا على الأقدام، وقد تتلمذ على يد أستاذ من ذنابة طولكرم اسمه أبو عبد الله. وقال إن نحو 15 طفلا وطفلة درسوا معه في الصّف الأوّل داخل مدرسة حجريّة مجاورة للمسجد التاريخي. لافتا إلى أن بناء برة قيسارية جاء على خلفيّة ممانعة الانتداب البريطاني بناء أي حجر في قيسارية التاريخيّة كونها منطقة أثرية. منوها أن برة قيسارية كانت تملك نحو 80 ألف دونم صادر الانتداب نصفها وسجلها على اسم المندوب السامي، وبقي النّصف الآخر مع الأهالي الّذين عملوا في الزراعة وتربية البقر والجواميس، وأن عائلتي مصيعي وعياط كانتا تمتلكان مساحات شاسعة منها وصلت حدود جسر الزرقاء ووادي الحوارث. كما أشار الى أن منازل بلدته بني بعضها من الحجر والأخرى من الطين. ورغم عراقتها كانت قيسارية التاريخية المجاورة قليلة المساحة، كما يؤكد أبو علي، موضحا أن بعض العائلات من بلدتي عنبتا وعتيل قضاء طولكرم شمال الضفة الغربية، منهم عائلة الشاعر والعنبتاوي قد افتتحت لها دكاكين مثلما فعل جده الحاج علي اليماني. كما يستذكر أن والده كان يتردد كثيرا على قيسارية وحيفا ويافا لجلب بضاعة لدكانه في برة قيسارية محملة على الجمال عبر طريق البيّارات. منوها أن ميناء قيسارية كان مرفأ صغيرا ترسو فيه قوارب صيد ( فلوكات) وبعض السفن المحمّلة بالبضائع وقد تراجعت حركتها نتيجة مد سكة الحديد قريبا من المكان.

ويشير أبو علي الى أن عدّة مطاعم ومقاه انتشرت في قيسارية التاريخيّة وامتدت بالأساس في الجهة الجنوبية للميناء. ويتابع بابتسامة «ما زالت في مخيلتي أيضا صورة النّور (الغجر) الذين قدموا من خارج فلسطين واعتادوا على إحياء حفلات بالطبل والزمر في قيسارية وكنا نهرع لمشاهدتها». ويشير إلى أن زيارته الأولى والأخيرة لقيسارية تمت عام 1990 وأنه بادر لقراءة الفاتحة على أرواح أقاربه وأهالي بلدته برة قيسارية ممن دفنوا في مقبرة موجودة حتى اليوم على ساحل البحر شمال قيسارية التاريخيّة على تلة زرعت فيها أشجار الطرفة التي تشبه الصنوبر. ويلفت إلى أن أهالي قيسارية كانوا قد خرجوا في مطلع 1948 بعد مدة وجيزة من قرار التقسيم، متطابقا بذلك مع شهادة يورام كانيوك، وأنّه رافق أطفالا ذهبوا لها وتجولوا بين بيوتها الخاوية. ويستذكر أن أهالي برة قيساريّة اضطروا للرحيل في مارس/ آذار من العام نفسه ، بعد استهداف حافلة كانت تقلّهم إلى حيفا ومقتل بعض ركابها من عائلة الزغل، حاول بعدها شباب من القرية الثأر من مستوطنة بنيامينا المجاورة.

الشيخ والبحر

ويمتلىء الشيخ أحمد علي الأحمد أبو علي غبطة وهو يرد على سؤال ويقول إنّه كان يرافق والده كل يوم جمعة لقيسارية والصلاة في مسجدها الجميل وما زال يحمل في ذاكرته صورة مدهشة للمكان: «كانت كل بلدنا تروح تصلي في ذاك المسجد الجميل قبل أن نبني مسجدا لنا في بلدتنا برة قيسارية الذي هدمه العدو الصهيوني بالكامل. كان مسجد قيسارية واسعا ويزدحم بالمصلين في صلاة الجمعة، وشبّاكه يطل على البحر، فإذا كنت تمد يدك من النافذة كنت تبللها بماء البحر. وما زلت أذكر عمليّات المد والجزر. كنا نذهب في طفولتنا للسباحة قبالة المسجد عند السّادسة صباحا في الصيف فتكون المنطقة الساحلية قليلة العمق بسبب الجزر ويبدو البحر وكأنه بركة استحمام راكدة، ورويدا رويدا يبدأ البحر بالارتفاع حتّى تصل حافة المسجد نتيجة المد ويبلغ ذلك الذروة ساعة الظهر».