معلومات عامة عن طرعان - قضاء الناصرة
معلومات عامة عن قرية طرعان
تقع بين الجبل والسهل المنسوبين إليها ففي شمالها جبلها الممتد إلى البعنيه والعزير وفي جنوبها الخصب الذي يتصل بسهل البطوف عند رمانه . تبعد طرعان عن الناصرة 13كم باتجاه الشمال الشرقي وتعلو البحر، مساحتها 34 دونماً والشجرة أقرب قرية لها . تبلغ مساحة أراضيها 29743 دونماً وليس لليهود فيها أي شبر .
تعداد السكان
كان فيها عام 1922 حوالي 768 نسمة ارتفع عام 1931م إلى 961 نسمة وفي عام 1945م بلغ عددهم حوالي 1350 نسمة وفي إحصاءات العدو كان في عام 1948م حوالي 1268 نسمة ارتفع عام 1961 إلى 2200 نسمة وكان فيها مدرسة ابتدائية عام 1943م وتعتبر هذه القرية موقع أثري.المرجع
المرجع:
أعلام من القرية
1- محمود قاسم عيساوي : ولد الأستاذ محمود قاسم عيساوي في قرية طرعان بتاريخ: 22.06.1925، تلقّى دراسته الابتدائية في المدرسة الشّاكريّة، وأكمل في كفركنا، ومن ثم انتقل الطالب المتفوق إلى الكليّة الرّاشيديّة في القدس، وقد عجّت الكلية بأمثاله من الطلاب الممتازين الأذكياء. تخرج من الكلية الرّاشديّة في القدس سنة 1944 وعيّن مدرسًا في مدرسه طرعان الابتدائية الرَّسميّة وواكَبَ المدرسة في نموّها، تطوّرها واتِّساعها.
عام 1952 فُصِل من العمل لأسباب سياسيّة، عمل في "الكويكرز" عامًا كاملًا لإجادته اللّغة الإنجليزية. أما سنة 1954، فقد درّس النّصف الأول منها في عرّابة البطوف والنصف الثّاني في عرب الشّبلي.
وكم حدثنا عن المعاناة التي تكبَّدها في ذهابه وإيابه مِن وإلى عرب الشّبلي وعرّابة البطوف، مشيًا على الأقدام بين الأحراش والأشواك والصّخور، كان هذا كلّه ما بين حر الصيف ورطوبته اللّزجة، وبرد الشّتاء والوحل مُتَراكم على الدّروب.
كان يصل وثيابه وحذاؤه مبلّلة بماء المطر، أو بِعَرَقِ التَّعَبِ والإرهاق، وعلى الرّغم مِنْ كلّ ذلك كان يؤمن بِرِسالتهِ المقدسة، ويضحي بكلّ نَفيسٍ لأدائها، وإيصالها إلى طلابه الذّين أحبّهم وأحبوه مع تتابعِ الأجيال.
في 01.09.1973 انتقل للعمل في المدرسة الثّانوية في طرعان وكان من الطلائع، وكبار المشجعين والحاثين على تأسيسها، تحدوه الرّغبة الصّادقة والأكيدة لخدمة أبناء بلده.
عمل معلمًا للدّين الإسلامي والرّياضيات حتى 15.11.77 حيث أقعده المرض العضال نهائيا عن العمل. وهكذا انتقل إلى بقي إجازَةٍ مرضيةّ كان من المفروض أن تدوم حتّى 26.02.78 لكن القدر حتّم الأجل، وفي 24.02.78 - وهو نفس التاريخ الذي كان من المفروض ان يتقاضى فيه راتب التقاعد- رحل ...
كان ابنه يحيى الطّفل يَتوقُ إلى سماعِ صوتِ والِدِهِ الشّجيّ، لكنَّ صوتُ الوالد لم يشقّ سمعَ الوَلَد بعدَ أن اخرس الصوت اسْتِئصالُ الحنجرة، والوالد لم يوصِ ولده الذّي انتظره طويلا، بعد فقده لابنه الأوّل عامر الذّي قضَى ضحيّة طيش سائق حافلة عسكرية على مفترق الكسارة (مدخل طرعان الشرقي).
تميّز المرحوم بذكائه الحادّ، وخلقه الدَّمث الأصيل، وخطّه السَّلس الجميل. عشق الكتاب والقراءة... تدَّبر ما قرأ... كان قلمه يتحرّك فوق صفحات الكتاب أو هوامشه بتوازٍ مع ذبذبات ذهنه وتألق تفكيره، كان يقضي وقته بالمفيد المفيد، قضى ثلث عمره بالقراءة ومؤانسة الكتب، والثّلث الثّاني بالصُّحبة الصالحة أمّا الثالث ففي معترك الحياةِ ومتطلّباتها.
لَنْ أنْسى تلك الأيام التّي كنت أَزورُ بيت خطيبتي... كان عمي (والدها) الأستاذ يجلس على مقعده الخاصّ، بين يديه الكتاب-جليسه دائما وأبدا- وبين أنامله القلم السّائل يدوّن به ملاحظاته القيّمة على جانبي الصّفحات.
أم الوليد زوجته (رحمها اللّه) تُعِدُ الغداء الذّي يحنُّ إليه اليوم كلّ ذوّاقة، بمركباته ونكهتهِ ومذاقهِ: "السّميدة"، "البرغل"، "المجدرة" و"المغربيّة" وَغيرها...
أمّا الأحفاد ... عن الأحفاد حدّث ولا حرج، كانوا يجتمعون في بيته في العطل ويومي الأحد والجمعة، يقيمون البيت على رؤوسهم ولا يقعدوه، يلعبون ... يتراكضون بين الكراسي والطّاولاتِ والغرفِ، يتصارخون... يشدّون بعضهم بعضًا، وتأتي الملاحظات الحذرة العابرة بصوتٍ يكاد يكون مخنوقًا من المطبخ... ونظراتي المزمجرة تشزرهم، وعضّ الشّفتين من خطيبتي تهدّئهم لكنهم، بذكائهم الطفوليّ ينظرون سريعا إلى حين يجلس جدهم الأستاذ الفقيه الذّي يعيش في عالمه العاجيّ الخاصّ مع جلسائه المخلصين!! الكتب، الأوراق والأفكار... وبكلمات شاردة بين الحين والآخر:
– "اتركوهم يلعبوا، خليهن فرحانين بدار سيدهم..."
ردة فعلِهِ كانت تُشجّع الأحفاد، نعم، وكم نعموا ونهلوا من منبع جدهم النَّضاحُ عِلمًا... والخلق الدّمث والوصايا الطّيبة والقدوة المثلى!!!
ووصلوا ... فمنهم اليوم الطبيب، المحامي، القاضية، الطبيبة، الصحفيّ، الصيدليّ، الأستاذ وسيدة الأعمال، المديرة والمخرجة وغيرها من الوظائف المشرِّفة.
انه من أوائل المثقفين الذين ازْدَحَمَت رفوف مكتبته بالكتب، المجلدات والموسوعات على اختلاف موضوعاتها، مؤلفيها ولغاتها. عامل كتبه كجزء منه، كان في كلّ عطلة صيفيّة يغّلف الكتب بالورق والنايلون خوفًا عليها من الغبار والتَّلف.
زيّن صفحات كتبه – خصوصا أول الصفحات – بختم ابتكره وهو آية كريمة من القرآن الكريم : "فيها كتب قيّمة" وذيّلها بإمضائه "الأربسك" الجميل.
برع بلعبة "طاولة الزّهر"، (الشيش بيش) حيث تجمَّع حولها أصدقاؤه ومحبوه بين مشجعٍ، متدربٍ وخاسرٍ لا حول له ولا قوة إمام جبروت هذا الاعب الفتى، منهم على سبيل المثال: سعيد سلامة (ابو سمير)، يوسف صباح (أبو جعفر)، محمود ذيب دحله (أبو صالح). رحمهم الله... وغيرهم كثيرون.
في أول كل شهر حين كان يتقاضى "المعاش" كان يسافر إلى النّاصرة، يتَوجَّهُ إلى مكتبة عيسى لوبانيّ أو مكتبة توفيق سليمان، يتزود منها بكميات من الكتب، وأحيانا يتوجّه إلى دكّان أولاد يوسف اليعقوب حيث يقتني الأدوات الزراعية الخفيفة مثل: مقص الشّجر، منشار الخ ... "صنع ألماني، كان يفاخر دائما بجودة الصناعة الالمانية.
يعود إلى البيت حاملًا محمَّلًا بالأكياس التّي تزخر بالكتب، تلاقيه زوجته أمّ الوليد – رحمها الله – "راح المعاش يا أستاذ، هاي الكتب بدل الأكل!!!"
ومن العادات التي عبَّرت في بيته عن التآخي الإخاء وذلك عندما يهلّ عيد الفطر أو عيد الأضحى فإنَّ أول زائريه كان جاره الخوري كامل، سالم حدّاد (ابو فتحي)، امين الاسعد، سعيد الاسعد، حنا الشايب حداد وسعيد سلامه رحمهم ا لله جميعا. هو بدوره كان يبادلهم التهاني والمحبة والأخوة في المناسبات وغيرها والاعياد.
تلخَّصت معظم سنين حياته بالصّراع الشديد، والمقارعة... فقد ناصبه الزّمان العداء فقد أعز أولاده عامر البار -رحمه الله- لكنَّهُ، لم يعرف الجزع رغم المرض العضال الذّي حرمه من الكلام والخطابة اللّذينِ أجادَهما.
يوم السبت الموافق: 16.07.1977 دُعيَ لحضور حفلة تخريج الفوج الرّابع من المدرسة الثانوية طرعان، ذلك الفوج الذّي كان ابنه البار وفلذة كبده بين أفراده، فَخَرجت الكلمات تقطُرُ حُزنًا ولوعة...
السبت 16.07.1977:
"في هذا اليوم وفي ساعات بعد الظهر دعيت لحضور حفلة تخريج الفوج الرابع من المدرسة الثانوية طرعان. هذا الفوج المتخرّج رافقته حتّى بداية العام الدراسيّ 1976/1977 وقسطًا ضئيلًا من أشهر هذا العام، ثم فارقته مكرهًا وبودي لو بقيت معه حتّى لحظة اليوم كي أكون من المشتركين في التّخطيط وليس من المدعوين المتفرجين فقط.
إنَّ الأقدارَ شاءت لي أن أرى بعيني وأَسمع بأذني لما يدور في هذه الحفلة، أما صوتي الذّي طالما سمِعَهُ ووعاه كل فرد من هذا الفوج، فقد انطفأ كما تنطفئ الشّمعة بعد إنارة طويلة ومجهدة... كنتُ أنظر إلى طلاب وطالبات هذا الفوج لعلّي أجد ُما فقدته أو صدًى له...
وإنَّ ما فقدته في الحقيقة ليس صوتي فقط، وإنّما أفقد بين طلّاب هذا الفوج ظلًا لي اِنْحسر منذُ سنين، كان يمكن أنْ يكونَ اليوم من حاملي شهادات الدّراسة الثّانويّة مثل رفقائه الذّين خَطا معهم حتّى سنينه العشر التّي عاشها في هذه الدّنيا، ثم اغتالته يدُ المنون القاسية وهو كالزّهرة المتفتِّحة لعبَتْ بها ريح عاتية فمزّقتها.
كنت أنظر إلى الطّلاب لعلي أجد بينهم تلك الفلذة من كبدي! أو على أقل تقدير طيفه (ابني عامر) فاُرتدَّ إليَّ بصري خائبًا، عندها تذكّرتُ من جديدٍ أنّي فقدته منذُ ثماني سنوات عجافٍ ذُقْتُ فيهنَّ ألوانًا منَ الحزنِ ومزيدًا منَ الهَمِّ والأسى.
فيا لعجب الأَقدار! أُدْعى إلى حفلة لتخريجِ طلابٍ كان المتوقَّعِ لِولدي المتوَفَّى عامر أن يكون بينهم، أُدْعى وأنا فاقدٌ لصوتي كما فقدته من قبل. فسبحان من جعل هذا التّوافق في الألم والمفارقة في الأحزان! جلّت حكمته وتعالت قدرته فلا يُسْأَلُ عمّا يفعل."
كان أُستاذًا تفانى من أجل مهنته التّي اختارها واعتبرها أشرف المهن، وشهد طلابُه بذلك جيلًا بعد جيل، فقد كان أُستاذ الأجيال.
كان مثال الزّميل. مثالًا للوفاء والمحبة، الروح الطيبة، حُسنِ المُعاشَرَةِ والاخلاق الدمثة، كان منارا يقتدى به ويحتذى.
ساعات طويلة كان يقضيها في التّحضير والإعدادللدّروس القادمة التّي سيقدمها لطلابه المنتظرين على أحر من الجمر.
دفاتره وأوراقه والكتب التي أَلَّفها وحضَّرها للطبع ولم تر النور لسبب او لآخر...
أحبَّ الشِّعرَ كثيرًا، وكم حفظ عن ظهر قلب الكثير من القصائد العصماء والمعلقات الطّويلة ومن الشعر الكثير!
دأبَ مع زملائهِ وأصدقائهِ على المبارزة الشّعرية في حصص المكوث والفرص بين الدروس.