أهمية موقع القرية - يانوح / جث / من قرى الجليل الأعلى - قضاء عكا

 

تاريخيا, تشتهر يانوح بمعبدها الفينيقي الذي يشبه معبد عشتار في القرية المجاورة وبنى الرومان في وقت لاحق معبدهم الذي كان مكرسًا للإلهة ديانا "إلهة الرومان للصيد". المعبد يشبه نسخ أخرى في لبنان مع نفس التصاميم الموجودة في قرية نيحا في البقاع ، أو قرية رشدبين في الكورة ، أو حتى معبد قرية حردين في البترون. جميع تلك القرى كانت متصلة في أيام العصر الذهبي للإمبراطورية الرومانية والطرق الرومانية التاريخية. والمعبدالفينيقي وجد فيه تمثال يعود إلى القرن الأوّل بعد المسيح ،وتحوّل مع الرومان إلى هيكل لآلهتهم. وفي عام 750 م تم تحويل الهيكل إلى كنيسة مخصصة لمار جرجس ومع المسيحيّين الأوائل تحوّل المعبد إلى أوّل دير مسيحيّ في جبة المنيطرة و غدا في ما بعد كرسيّا للبطاركة الموارنة لعهد طويل, وثمانية عشر بطريركا مارونيّا أقاموا سدّتهم في يانوح وكانت مقرّاً للبطاركة لحوالي 500 سنة امتدّت بين 750 و1277.

هناك العديد من المواقع الأثرية في يانوح التي ترجع إلى عصور عديدة مثل العصر البرونزي ، الألفية الثالثة قبل المسيح. المواقع الأخرى هي تلك التي تعود إلى العصر الحديدي حيث تم العثور على بعض المعدات الزراعية أو المنزلية في هذه الفترة. كما تم اكتشاف نقش آرامي يعود إلى العصر الهيليني بينما بنى الرومان العديد من المعابد هناك. في وقت لاحق ، عاش هناك أيضًا الصليبيون .

وفي القرون الوسطى, وبعد احتلال جيوش المماليك لبنان في نهاية القرن الثالث عشر , أحرقوا القرى وقتلوا جميع المسيحيين والمسلمين الشيعة الذين أرادوا الدفاع عن قراهم. وأدى ذلك إلى دمار هائل في معظم قرى جبيل، كسروان، المتن ، الضنية... وهرب الكثيرون إلى الجبال حيث كانت قرية يانوح واحدة من القرى التي عاش فيها هؤلاء و اضطروا للاختباء لفترة طويلة من اضطهاد جيوش المماليك . لقد عاش هؤلاء دائمًا في سلام معًا والعديد من الشيعة اعتنقوا المسيحية في أوقات القتل حتى لا يتعرضوا للاضطهاد .وهذا ما يفسر وجود العدد الكبير لعائلات المسيحيين الموارنة من عائلة الحسيني وهاشم وغيرها في قرية العاقورة المجاورة. وفي القرن السادس عشر شهدت هذه القرية هجرات ضخمة أيضا بسبب المعارك عندما دمرها الأمير أحمد المعني سنة 1684 وأحرق معابدها التاريخية في حروبه مع الحماديّين.

إسم يانوح لفظ ساميّ قديم أي يستريح ويطمئن وهناك قرية يانوح أخرى في منطقة صور.وعدد أهاليها المسجّلين نحو 2500 نسمة شيعة وموارنة و هناك عشرات الكنائس والأديار والصروح الدينيّة الأثريّة و هناك كنيسة سيّدة النجاة العجائبيّة. وأدّت التقسيمات الإداريّة إلى الخلط والدمج بين المغيرة وبلدة يانوح التاريخيّة التي أصبحت تعرف بالمغيرة الفوقا ، وبالرغم من انفصال المغيرة عن يانوح إداريّا منذ نصف قرن وجعل كلّ منهما مركزا لقلم اقتراع ، فإنّهما بقيتا تؤلّفان طبيعيّا قرية واحدة لها ذات الخصائص