التاريخ النضالي والفدائيون - عرب الصبيح/ عرب الشبلي - قضاء الناصرة

التهجير والمجازر 

قد عرف عن رجال عرب الصبيح بأنهم ذو شجاعة ومروءة ، وقد أذاقوا اليهود الأمرين قبل تهجيرهم . ومن معارك عرب الصبيح الشهيرة، ما حصل في أحداث طرعان ، حيث رابط المجاهدون بقيادة الشيخ سليمان داوود من كفر كنا بين قريتي طرعان وكفر كنا ، وبعد أن سدوا الطريق بالحجارة الضخمة وصلت دورية بريطانية إلى الطريق المسدود . 

نزل عدد من جنودها لأبعاد الحجارة وافساح الطريق فانهال عليهم الرصاص من كل حدب وصوب ، فطلبوا النجدة باللاسلكي، وحضر جنود من طبريا والناصرة والقت الطائرة قنابلها على الثوار . وقد أبدى المهاجمون بلاءاً حسناً خاصة ابناء عرب الصبيح وقد استشهد (16) شهيداً بينما قتل من الانجليز (30) قتيلاً . 

وقد حدث في 13/01/48 أن تصدى عشرون صهيونياً مسلحاً لثمانية رجال من العشيرة بالقرب من الشجرة ، فدافع المجاهدون عن أنفسهم واشتبكوا مع العدو في صراع سقط نتيجته سبعة قتلى من الصهاينة ولاذ الباقون بالفرار .

طلبوا النجدة من الهاغناه فأصدرت الأخيرة أوامرها إلى رجال المستعمرات المجاورة وقد توقع رجال الصبيح هذه المعركة فأخذوا يعدون للأمر عدته، فطلبوا الدعم من قرية الشجرة ومن كفر كنا، والناصرة وغيرها حتى وصل المجاهدون إلى 90 مجاخدا مع مدفع واحد طراز برن . 

ونظمت القوات العربية مواقعها عند مدخل مستعمرة الشجرة ، واحاطوها على شكل هلال وجميعهم من المسلمين فسيطروا بذلك على السهل والوادي القريب منه . 

بدأ الصهاينة المعركة في اليوم نفسه باطلاق نيران مدافع الهاون ، والمدافع الرشاشة لمدة ساعتين ، ثم انطلقوا من المستعمرة يهاجمون على مرحلتين : أولاهما 90 مقاتلا اتجهوا نجو الوادي قاصدين عبوره وثانيها اتجهوا نحو التل الذي دارت عنده معركة الفجر . 

وكان المطر غزيرا والأرض موحلة، فاستخدم الصهاينة الجرارات لنقلهم بدلاً من السيارات المصفحة التي باتت عاجزة عن الحركة في هذه الارض الوعرة الموحلة . 

كان المجاهدون العرب في كمائنهم المنصوبة يراقبون تحرك اليهود دون ان تحس هذه القوات بوجودهم ، ولما اقترب الصهاينة من مواقع العرب وغدوا تحت نيران أسلحتهم فتح المجاهدون النيران دفعة واحدة فأخذ الصهاينة يتساقطون، واحداً تلو الأخر وعجزوا عن تحقيق المقاومة وفر الباقون ، وأخذت جراراتهم تنقل قتلاهم وجرحاهم . 

طارد المجاهدون الفلسطينيون القوات المعادية والمتراجعة إلى أن وصلوا إلى حدود المستعمرة ولكن لم يتمكنوا من اختراقها وقد قتل في هذه المعركة عشرون صهيونياً وعشرون جريحا. دون أية خسائر تذكر لدى العرب ، وقد كان قائد هذه المعركة عبد اللطيف الفاهوم . 

ومن خلال المعركتين المذكورتين أعلاه ، أدرك الصهاينة أن النصر لن يكون حليفهم ألا إذا هاجموا كل فئة على حدة وفي الوقت ذاته . 

نجدة مجاهدي الصبيح لإخوانهم في معركة لوبيا 

بعید معركة الصبيح الثانية الكبرى بأيام قليلة وفي صباح يوم عصيب أخر قامت حشود من جيش الهاغانا بمهاجمة قرية لوبيا الواقعة في قضاء طبريا وإلى الشمال الشرقي من قرية الشجرة فلدى انتشار خبر الهجوم في حينه هبة مجاهد والصبيح بقضهم وقضيضهم لنصرة ونجدة إخوانهم في لوبيا منطلقين في محورين:

المحور الأول انطلق من كفر كنا وقاده المجاهد على النمر في مجموعة من أبناء عشيرته منضما إلى صفوف الفزعة العربية القادمة من كفر كنا والناصرة حيث كان لهذه المجموعة دور أساسي في كسر الطوق اليهودي عن لوبيا من جهة الغرب لما اكتسبت من خبرة قتالية كبيرة في منازلة الصهاينة في معارك الصبيح ولما تميزوا به من مهارة عالية في الرماية خلال معاركهم وما أزال أذكر مقالة المجاهد توفيق النهار في مخاطبة القائد المجاهد أبو إبراهيم الصغير له في تلك اللحظات قائلا: (إخوان صبحة النشاما اليوم يومكم اليوم نشوف فعالكم). وبالفعل فقد خاض المجاهدون العرب إلى جانب إخوانهم من أهالي لوبيا في هذه المعركة قتالاً شرسًا جدًا إلى أن تمكنوا من طرد الغزاة الصهاينة حيث تم تطهير بلدة لوبيا تمامًا مكبدين اليهود خسائر بشرية فادحة فقد عثر على العديد من جثث قتلى اليهود بين الصخور والمنازل المنتشرة في محيط لوبيا خلفهم المعتدون وراء هم وقد استشهد من مجاهدي الصبيح في هذه المعركة المجاهد الشهيد محمد الرشيد والمجاهد الشهيد محمد عقاب البياضي أما المحور الثاني فقد انطلق من الصبيح نفسها حيث خرج لنجدة لوبيا كل حملة السلاح وآخرين اتخذوا من الخناجر والسكاكين والبلطات والفؤوس سلاحًا لهم ولدى وصول فزعة الصبيح هذه إلى تخوم المستعمرة المواجهة لقرية الشجرة اصطدم المجاهدون بمسلحي الهاغانا المنتشرين في هذا المكان بقصد منع نجدة الصبيح لـــ لوبيا ودار بين الطرفين في المكان اشتباك عنيف استمر حتى تم تحقيق النصر على الصهاينة في لوبيا وبعد انتهاء المعركة عادت هذه المجموعات من مجاهدي الصبيح وهي تحمل جريحها: المجاهد حسن سعيد الحساني.