الآثار - نعلين: من القرى التسعة - قضاء رام الله

تعود تسميتها للعهد الروماني حيث كانت تسمى "بيت علين " بمعنى البيت العالي، نظراً لأنها تمثل بداية الارتفاع في السهل الساحلي الفلسطيني، ويعود أصل سكانها إلى الكنعانيين الذين أسسوا الحضارة الناطوفية التي سكنت شمال شرق القدس، وهناك الكثير من الآثار والمعالم التاريخية القديمة التي تجسد هذه الحضارة، وخير دليل على ذلك مغارة الناطوف القريبة من أراضيها، وهي عبارة عن أرث حضاري يدل على التاريخ العريق للمكان، هذا ما حدثنا به نائب رئيس بلدية نعلين عاكف نافع.

وأضاف نافع بأن نعلين خضعت إلى مجموعة من الحضارات القديمة حيث يوجد فيها الكثير من الآثار التاريخية منها البلدة العتيقة التي تضم البنايات والأحواش والأزقة التي تجسد الوضع الاجتماعي آنذاك، ويوجد فيها ايضا قلعة قديمة تسمى قلعة اَل الخواجا ومغارة العصارة وخربة زبدة وهي تعود إلى العصر الروماني والبيزنطي، وهي عبارة عن بيوت مهدمة قديمة، ويوجد أيضا وعرة القبة ونبعة وادي العين ومعصرة الزيت القديمة.

سنأخذكم في زاويتنا للحديث أكثر عن جزء من هذه الأماكن والآثار التاريخية القديمة.

 

https://www.maan-ctr.org/magazine/files/image/photos/issue83/torath/1/2.jpg
بئر ماء قديم في حوش أحد البيوت القديمة المهجورة

رائحة التاريخ في شوارع نعلين

التراث العريق ورائحة التاريخ القديم وما تحويه من مباني قديمة ومناظر طبيعية خلابة ومقامات دينية، هي أول ما تقع عليه أنظار الزائر أثناء التجول في القرية، والذي يحمل في طياته الحكايات والمعتقدات التراثية القديمة.

في هذه الجولة سننفض الغبار معاً حتى نتيح لنا ولكم التأمل والتعرف أكثر على الحقيقة التاريخية المهملة في قرية نعلين.

 

https://www.maan-ctr.org/magazine/files/image/photos/issue83/torath/1/5.jpg
وعر القبة

مقام "وعر القبة" القديم   

أثناء دخولنا الى قرية نعلين من المدخل الغربي، رافقنا أحد سكان القرية وتجولنا معه بين الأزقة الضيقة، حيث شاهدنا البيوت القديمة التي تساقط جزءٌ من حجارتها القديمة أمام أحد المنازل وشاهدنا العشب الأخضر يملأ جدرانها بسبب هجرها من قبل أصحابها، ولم نغفل باب بئر ماء قديم في "حوش" إحدى البيوت القديمة المهجورة الذي يرسم لوحة جميلة لها حكايات وقصص.

على بعد عشرات الأمتار من هذه البيوت القديمة وعلى قمة أحد الجبال العالية، شاهدنا غرفة صغيرة وهو مقام ديني قديم يطلق عليه إسم "وعر القبة"، ولكن لم نستطع الوصول إليه بالسيارة فتوجهنا إلى المكان مشياً على الأقدام.

واصلنا الطريق الضيقة القديمة وشاهدنا نوار اللوز من حولنا، والزهور البرية كشقائق النعمان وقرن الغزال، وبدأت نسمات الهواء الطبيعية النقية تذكرنا بعبق الماضي والتاريخ الأصيل، واصلنا السير حتى وصلنا الى قمة الجبل حيث شاهدنا الغرفة وهي عبارة عن قبة خضراء وبيت قديم مساحته لا تتجاوز مساحته الـ 30 متراً، مربع الشكل وأبوابه قديمة لا يزيد طولها عن متر ونصف فقط حيث اضطررنا للانحناء قليلاً للدخول إلى هذا المقام، وكان برفقتنا احد المواطنين الكبار في السن الذي شاطرنا ذاكرته في المكان.

خالد مصلح يروي لنا الحكايات والقصص القديمة التي يحملها مقام "وعر القبة " والذي أخبرنا بأن الجبل مساحته 48 دونماً فيه مقام قديم يتربع على رأس الجبل، وتم التبرع به لدائرة الأوقاف كمقبرة، وان هذا المقام أقيم على مغارة كبيرة جداً لا يمكن مشاهدة آخرها، مضيفاً أن هذه المغارة تضم جثث 40 مقاتلاً "مغازي" زمن الفتوحات الإسلامية، بقايا رفاتهم موجودة في المغارة حتى هذه اللحظة.

وأضاف مصلح بأن هذا المقام له طقوس دينية ومعتقدات قديمة لدى أهالي القرية، وكان بعض الأهالي عند مرض أحد أبنائهم يقومون بالنذر له وإضاءة المقام ثلاث ليالي متتالية ويتبرعون بالزيت ليلة كل خميس على مدار عام كامل، إضافة إلى قيام بعض العائلات بالطقوس الصوفية كالطبل و"الدَروشة" وغيرها.

المواطن حمدان سرور أحد سكان القرية الذي رافقنا ايضا في هذه الجولة، قال بأن وعر القبة هو موقع أثري قديم يعد عنواناً في المنطقة ويعرفه الكبير والصغير حيث كان يختبئ به المجاهدون القدامى، ويوجد فيه معالم أثرية للعصور السابقة، وكان يستخدم أيضا كمنارة أو اشارة على قمم الجبال قديماً حيث كان يتم إضاءة القبة من أجل الدلالة على أمر معين للسكان في القرى والمناطق المجاورة.

 

https://www.maan-ctr.org/magazine/files/image/photos/issue83/torath/1/4.jpg
نبعة وادي العين

"نبعة وادي العين " 

ونحن على قمة أحد الجبال القريبة من "وعر القبة" القديمة نشاهد في الأسفل عين ماء قديمة تسمى "نبعة وادي العين" وهي عبارة عن ثلاث بوابات دائرية.

وادي العين حكاية تمجد الحياة القديمة والبدائية التي عاشها أجدادنا الأوائل حيث كانوا يستخدمون الماء في ري المزروعات القريبة من العين وايضاً ري الأغنام والأبقار التي كانوا يمتلكونها ويعتاشون منها، حيث كانت العين قديماً مكان تجمع النساء من أجل الغسيل وتعبئة جرار الفخار القديمة التي كان يستخدمها أجدادنا في نقل الماء من النبعة إلى أماكن سكنهم، وعند تجمع النساء كانت تكشف الكثير من الأسرار قرب نبعة وادي العين، وكانت قديماً ايضا كما علمنا، مكاناً لتجمع عائلات القرية ومناسباتهم حيث يستخدمون الماء للأعراس.

أحد السكان القريبين من نبعة وادي العين المواطن عيسى سرور الذي عاصر الزمن القديم لهذا المكان وحمل في ذاكرته الحكايات، قال بأن موقع النبعة موقع إستراتيجي يقع بالقرب من أسفل الجبل الذي يسكنه عددٌ كبير من الاهالي وكانوا يستخدمونها لري المزروعات والشرب، وأيضا لغسل الملابس ولسقاية المواشي ومصدراً لري عطش عابري السبيل من نعلين إلى القرى والمناطق المجاورة.

 

https://www.maan-ctr.org/magazine/files/image/photos/issue83/torath/1/3.jpg
معصرة الزيت القديمة

معصرة الزيت القديمة 

حجار دائرية قديمة ذات الحجم الكبير في بيت قديم وأقواس كبيرة، هذا ما شاهدناه أثناء زيارة معصرة الزيت داخل القرية، وهو ما أكده لنا الحاج عبد الكريم سرور البالغ من العمر ثمانين عاما صاحب هذه المعصرة القديمة في نعلين التي تم تأسيسها عام 1947.

تحدثنا اليوم في زاويتنا حكايات وصور عن الأماكن الأثرية والتاريخية والطبيعية القديمة في قرية نعلين، وسنكمل معكم التجوال ورصد الحكايات والصور في الزاوية القادمة حيث سنأخذكم الى مكان يحمل أيضاً عبق التاريخ والماضي، فلنحافظ على موروثنا، لأنه جزء من هويتنا وتراثنا العريق في هذه الأرض.

المرجع: 

حكايات وصور..نعلين للكاتب موفق عميرة