الحياة الاقتصادية - بيت عنان - قضاء القدس

اقتصاديات القرية :

 
تعتبر الزراعة العمود الفقري في اقتصاديات القرية شأنها شأن جميع القرى الفلسطينية، حيث الفلاح الفلسطيني الذي يعرف بالنشاط ومحبة الأرض واستغلالها لكل الإمكانات المتاحة لديه وقريتنا هي نموذج لمجتمع القرية الزراعي بكل همومه ومعاناته فحتى منتصف هذا القرن كان الاعتماد بشكل كلي على الإنتاج الزراعي وكانت فلاحة الأرض بمختلف أنواع الحبوب بالإضافة إلى بعض منتوجات الأشجار هي مصدر الدخل الرئيسي لسكان القرية حيث قدرت بعض الإحصائيات بأن مساحة الأرض المزروعة بالزيتون قبل عام 1967م تقدر بـ 718 دونماً ناهيك عن مساحات أخرى مزروعة بأشجار أخرى أهمها العنب والبرقوق وغيرها .

 
ولكن إتباع الأساليب الزراعية التقليدية في الزراعة وافتقار المزارعين إلى الأساليب الزراعية الحديثة وقلة المصادر المائية أدى إلى أن يراوح هذا القطاع في مكانه بل أن الإنتاج في معظم المواسم لا يكاد يكفي حاجات المزارع الأساسية ولا يوازي الجهد الذي يبذله المزارع طيلة العام مما جعل هؤلاء المزارعين يفكرون في مصادر أخرى حيث متطلبات الحياة المتزايدة والأفواه التي تتزايد يوماً بعد يوم .

 
وقبل الانتقال إلى الحديث عن هذه المصادر الجديدة لا بد من الإشارة إلى أن دخول اليهود عام 1967م واحتلال بقية فلسطين عملوا وبكل ما يملكون من وسائل على فصم عرى العلاقة بين الأرض والإنسان الفلسطيني بشكل عام.

 
ونظراً للغلاء الفاحش والضرائب الباهظة التي فرضها الاحتلال أصبح التوجه العام إلى الأعمال الخدمية في قطاع البناء والمطاعم والفنادق والمدارس على حساب الأرض الزراعية فأهملت الأرض وأهملت الأشجار وتعوّد الناس على نمط استهلاكي من الصعوبة أن يتراجعوا عنه.

 
وبذلك أصبحت أيام الحصار الذي يفرضه اليهود أيام صعبة جداً على حياة الناس وأصبحت وسيلة ضاغطة يستعملها اليهود لتحقيق مآربهم .

 
وكما أسلفنا أصبح الناس يفكرون في مصادر دخل أخرى فقد توجه قسم من أهالي القرية إلى بلاد المهجر في أمريكا والبرازيل وفنزويلا وغيرها من الدول التي تتوفر فيها الأعمال التي تدر دخلا أكثر.
 
وفي منتصف الخمسينات بدأت الهجرة لمجموعة من أبناء القرية، وفي الحقيقة كانت هناك هجرات قبل ذلك ولكن على مستوى بسيط في العشرينات من هذا القرن، ولكن منتصف الخمسينات شهد هجرة بشكل أكثر كثافة من الشباب الذين كانت تطول رحلتهم شهور عدة على متن بواخر صغيرة وغير مريحة وقد وصل هؤلاء إلى بلاد مثل البرازيل وفنزويلا وهم " أضيع من الأيتام ....) دون معرفة بلغة تلك البلاد أو عاداتها أو طباع أهلها وعاداتهم، ونزلوا تلك البلاد بدراهمهم النزرة القليلة وبدأوا رحلة كفاحهم المرير من أجل البقاء واستطاعوا أن يبنوا أنفسهم ويحققوا النجاح تلو النجاح وأصبح هؤلاء المغتربين مصدر تمويل لذويهم في القرية واستطاعوا أن يؤثروا في حياة أهلهم في القرية نحو الأفضل وتتالت الهجرات من قبل شباب القرية وتوجهت الأنظار في الآونة الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتكاثر المهاجرون إلى الولايات المتحدة حتى أصبحت هناك عائلات وأسر بجميع أفرادها وحسب إحصائية تقريبية قامت بها جمعية بيت عنان  التعاونية في الأردن كان عدد الأسر في عام 1986 ما يقارب 180 أسرة وقد زاد هذا العدد بطبيعة الحال في الآونة الأخيرة تبعاً لزيادة عدد المهاجرين.
 
ويشكل هؤلاء المغتربون مصدر دخل لعائلاتهم بشكل خاص وللقرية بشكل عام، فهؤلاء المغتربون لا يتوانون في دعم أي مشروع أو أي عمل خيري في قريتهم ولهم مواقف مشهودة في أكثر من مناسبة وعندما نرجع إلى الوراء قليلاً في الفترة التي أعقبت إتحاد الضفتين فتح باب التجنيد لابناء القرية وأبناء القرى الأخرى في قوات " الحرس الوطني" ودخل عدد لا بأس به من أبناء القرية حيث انخرطوا في التدريب وأصبحوا جنوداً في الجيش بشكل نظامي بعد عام 1965.

 
وأصبح العمل في الجيش أحد مصادر الدخل لعدد لا بأس به من عائلات القرية.
 
وأما العمل في القطاع الوظيفي المدني فكان نادراً جداً ولم يكن من أبناء القرية من يعمل في هذا القطاع إلا أشخاص يعدون على أصابع اليد.
 
وكان هناك عدد من أبناء القرية وشبابها بشكل خاص قد توجه إلى المدن وخاصة مدينتي عمان والقدس للعمل في قطاع الخدمات من فنادق ومطاعم ومؤسسات أخرى.
 
وكان هذا القطاع يشكل مصدراً آخر من مصادر الدخل التي يعتد بها.
 
ناهيك عن بعض الحرف والمهن البسيطة التي كان يمارسها بعض سكان القرية، مثل اقتناء المواشي وتربيتها والتجارة وبعض الحرف اليدوية
.