خارطة المدن الفلسطينية
اشترك بالقائمة البريدية
معلومات عامة عن قرية الزَبابِدَة
تاريخ القرية - الزَبابِدَة - قضاء جنين
يعود تاريخها إلى العصر البيزنطي، لها آثار مسيحية شهيرة من ذلك العصر دمرت في القرن السابع الميلادي بسبب الحروب الدينية، وبقيت غير مأهولة وغير مكتشفة حتى تأسست الجديدة على أراض كانت تملكها عائلة جرار خلال نظام الدولة العثمانية.
بداية النهضة:
النهضة العلمية في عهد الدولة العثمانية كانت خفيفة لأنه لم تكن هناك مدارس حكومية فدخلت المدارس الإرسالية أي الطائفية وكان يخيم على الزبابدة الجهل والفقر وكان السكان في بادىء الأمر بعد نزوحهم من الطيبة واستقرارهم في الزبابدة ذو جهل وفقر مدقعين. وكان الأهالي يعتمدون في معيشتهم على الزراعة وعلى اقتناء الأغنام والمواشي وكانوا يزرعون الحبوب على أنواعها ويحصدونها ويجمعونها مؤونة لهم وكانوا يستعينون على لحوم الأغنام وعلى ألبانها وكانت معيشتهم ساذجة بسيطة يكتفون بالموجود منها وكانوا يلبسون الألبسة البسيطة وأكثرهم يمشون حفاة وظلوا على هذا النمط من الحياة حتى بدءوا يتعلمون ويدركون بان الحياة يجب أن تتطور وتتحسن فمال البعض منهم للزراعة ومعرفة إنتاجها والبعض اخذ يطرق باب الصناعة وآخرون باب العلم وهذه التحولات في الفكر والرأي جرت مجراها بعد الحرب العالمية الأولى سنة 1914 – 1918 عندما احتل الحلفاء البلاد وطردوا الأتراك منها.
كما أن بنايات الزبابدة في بادىء الأمر كانت من سقائف من حجر وطين وبعدها غرف كبيرة تعقد بحجارة الريش ويسمونها عقود لأنها تشبه القباب في شكل سقفها وكان الناس يأوون إليها مع مواشيهم ليحرسوها خوفا من النهب والسرقات لان الفوضى كانت ضاربة وعوامل الأمن والاستقرار لم تكن متوفرة وكان الناس يعتمدون على أيديهم في الدفاع عن أنفسهم حتى تمكنوا أخيرا من الاستقرار والتوطين في هذه البقعة من الأرض.
أما من جهة العلم كما ذكرنا لم يكن متوفرا لأنه لم تكن هناك مدارس حكومية لتعلم الناس حتى ينهضوا من كبوة الجهل ويرتقوا إلى درجة العلم والمعرفة لذلك كانت حياتهم الاجتماعية بسيطة للغاية وكان الناس يجتمعون في المضافات أي قاعات الاجتماعات عندهم يتداولون الأحاديث الممتعة وكان الذكي فيهم يسيطر بحديثه ورواياته وقصصه على الحاضرين فتجعل منه زعيما لهم في جميع أمورهم ومصالحهم وكان لكل مدرسة طائفية معلم واحد يجمع التلاميذ في غرفة كبيرة واحدة ويعلمهم في كتاب المزامير وكل من كان يعرف قراءة المزمور يعلمه لمن بعده وهكذا.
فالمدارس التبشيرية أي الطائفية لعبت دورا هاما في النهضة الثقافية والعلمية ولا سيما بعد الحرب العالمية الأولى لأنه دخل في البلاد عناصر أجنبية وكل منها في نشر لغتها في البلاد لتستميل الأهالي إليها فمن أبناء الزبابدة من دخل مدارس السلزيان الصناعية ومدرسة شنلر الصناعية والثقافية ومدرسة الأمريكان ومدرسة المطران ومدارس الفرير وغيرها فاخذوا من هذه الثقافات الدخيلة كثيرا من التقاليد والعادات الأجنبية التي غيرت أطوار الحياة وبدلت نوع المعيشة فأصبحوا يقلدوهم في كثير من الأمور.
كما انخرط الشباب المتعلم في المدارس في سلك التوظيف سواء حكوميا أو وظيفيا وهذه الحركة ولدت تنافسا بين الشباب فسارعوا على دور القلم ليحصلوا على الشهادات التي تمكنهم من الاستخدام والابتعاد عن شقاء الزراعة الذي كانوا يحسبونه أعمالا شاقة وباتوا يلتمسون الحياة الأسهل والأفضل والأجدر نفعا وفائدة. وكانت المدارس في أكثرها ابتدائية فارتقت وكثرت التناوبات وازدحمت المدارس بالطلاب والطالبات وكثر الخريجون للوظائف والأعمال الحرة فنشطت الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية في الزبابدة وغيرها من البلدات وازدهرت وتقدمت تقدما محسوسا.
النهضة زمن الانتداب البريطاني:
كما ذكرنا فان المتعلمين والمتخرجين من المدارس الداخلية في القدس كانوا قلائل يعدون على الأصابع ولكن لما حل الانتداب البريطاني على فلسطين أخذت الحكومة في نشر العلم والثقافة في كل البلاد وفتحت مدارس المعارف في المدن والقرى وصار الطلاب يتواردون على مناهل العلم ليكتسبوا الفوائد الجمة ويحصلوا على الشهادات العالية التي تؤهلهم للتوظيف والاستخدام وممارسة الأشغال الحرة التي من شانها توفير المعيشة الفضلى لهم ولذويهم لذلك دبت الغيرة والحماسة عند الكثيرين من الأهالي فسارعوا في إرسال أولادهم إلى المدارس وتشجيعهم على نيل الشهادات لتأمين مستقبلهم وهكذا نهضت البلدة من كبوة الجهل وتدرجت في سلم العلم والحضارة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والزراعية فازدهرت ونمت وتقدمت البلدة تقدما ملحوظا أصبحت وكأنها مدينة تتمتع بكل مرافق الحياة من مواصلات وكهرباء فاقتنوا الثلاجات والحمامات الشمسية والغسالات والتلفزيونات وكل ما من شانه أن يخلف الراحة والرفاهية والاطمئنان للآهلين ويهون العمل على ربات البيوت في واجباتهن البيتية. كما واكتسب المتعلمون من أولادنا وبناتنا المزايا الحميدة والنشاط المتواصل في تحصيل العلم ولم يكتفوا بالعلوم الابتدائية والثانوية والتوجيهية بل ساروا قدما في تحصيل التعليم الجامعي فتخرج العديدون ونالوا شهادات البكالوريوس في اللغة والآداب العربية وفي الجغرافيا والتاريخ والتجارة والاقتصاد والسياسة وآخرون في الطب والمحاماة والدكتوراة في القانون والسياسة فأصبح عندنا نخبة راقية متعلمة في البلدة وأماكن أخرى من المعمورة.
الحياة في الزبابدة في بداية القرن العشرين:-
كان المواطنون يعيشون في مزارعهم في البلدة مثل القرويين يقتنون البقر للحراثة والحمير والجمال لنقل مزروعاتهم وللتنقل من بلدة إلى أخرى ولما كان احد يمرض يركبونه على دابة ويذهبون به إلى جنين حيث يوجد عيادة حكومية للمعالجة وكان الأطباء قلائل لكل مركز طبيب فكانوا يعانون كثيرا لذلك كانت الوفيات كثيرة ووسائل المعالجة غير متوفرة.
وفي سنة 1928م. أراد بطريرك اللاتين المرحوم "لويس برلسينا" أن يزور الزبابدة من اجل إحدى الواجبات الدينية ولم يكن يستطيع ركوب الخيل والمسافة بين جنين والزبابدة تستغرق ساعة ونصف على الأقدام فما كان من أهل البلدة إلا القيام بالتبرع لفتح الطريق للسيارات عن طريق بلدة قباطية المجاورة فجمعوا تسع جنيهات وكانت أجرة العامل عشرة قروش وفتحوا الطريق وسهلوها حتى قباطية ليتمكن البطريرك من زيارة الزبابدة والوصول إليها في السيارة.
أما في عام 1936 لما قامت الثورة ضد الإنجليز عبدت الطريق ومع الوقت زفتت وصارت طريقا عامة تصل جنين في عمان ونابلس والقدس عن طريق الفارعة ومن ثم صارت شبكة خطوط مواصلات أصبحت الزبابدة مركزا وسطا للقرى المجاورة وكثرت السيارات والباصات أصبحت لا تنقطع أبدا وتربط القرى والبلدات بعضها ببعض.