احتلال القرية - كفر عنان - قضاء عكا

مع أن كفر عنان سقطت في وقت متأخر من حرب عام 1948 خلال عملية "حيرام" وعلى الأرجح أن ذلك حدث في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 1948، إذ وصلت وحدات تابعة للواء غولاني وصلت إلى كفر عنان يوم 30 تشرين الأول/أكتوبر خلال تقدمها شمالاّ في عملية مطاردة لوحدات جيش الإنقاذ العربي. إلا أن المؤرخ "وليد الخالدي" ينقل عن المؤرخ "بني موريس" أن سكان قرية كفر عنان لم يطردوا منها عقب احتلالها، وأن الكثيرين منهم ظلوا في منازلهم عدة أسابيع لاحقة. لكنه يذكر إن الضغط قد تصاعد خلال كانون الأول/ديسمبر 1948 وكانون الثاني يناير/1949 من أجل دفعهم على الرحيل من قريتهم هم وسكان قريتي الفراضية وصفورية المجاورتين إلى الجنوب قرب الناصرة والتسويغ الذي قدمه وزير شؤون الأقليات "الإسرائيلي" بيخور شيطريت هو إن أعداداً متزايدة من سكان القرى المطرودين كانت (تتسلل)، وأنه لكي يتم إيقاف هذه الظاهرة فعلى "إسرائيل" أن تعيد فتح الجليل من جديد، غير أن سكان كفر عنان والفراضية على الجانب الأخر من حدود المنطقة وفي قضاء صفد لم يُطرَدوا إلا في الأول من شباط/ فبراير1949.

وقد نقل نصفهم إلى الداخل الفلسطيني المحتل، والنصف الآخر نُقِل إلى منطقة المثلث التي كانت تحت السيطرة الأردنية. 

وقالت سلطات الحكم العسكري "الإسرائيلي" إن عمليات الطرد ضرورية لتأمين (الأمن والقانون والنظام) وكانت سياسة سلطات الاحتلال في الجليل هي طرد جيمع سكان القرى كلما كان الأمر ممكناً.

احتلال القرية وهدمها وخداع أهلها

ن أحداث احتلال القرية وهدمها الذي بدأ في عام 1948 إلى أنها دُمرت بالكامل عام 1952: "كانت الحياة هانئة في وطني وبلدتي إلى أن أتى ذلك اليوم المشؤوم.. يوم اُحتلت البلدة في 30/10/1948 دون مقاومة، ودون إطلاق رصاصة واحدة، لا من جانب الأهالي الآمنين، ولا من قبل قوات الاحتلال حينها، ومر الجيش قرب القرية، وخيّم على مفرق كفر عنان، وهو ما يسمى اليوم مفرق سبعة على بعد 1.5كم غربًا عن القرية، ولم يقاوم حينها أهل القرية لأن جميع المناطق المحيطة كانت قد سقطت وهي: طبريا، الناصرة، حيفا، عكا، صفد، ولم يتبقَ إلا بعض القرى من قضائي عكا وصفد. كما أن جيش الإنقاذ الذي كان يرابط قرب القرية انسحب ليلاً، قبل يوم واحد من احتلال القرية ودون علم أحد. عدا عن ذلك فان عددًا من أهالي قرية عيلبون كانوا قد وصلوا إلى كفر عنان هاربين إلينا، فأخبرونا بأن الجيش قد احتل قريتي المغار وعيلبون وهو في طريقه إليكم، عندها رُفعت الأعلام البيضاء على أسطحة المنازل.

وفي 31/10/1948 جاءت مجموعة من الجيش "الإسرائيلي"، وقالوا للمختار أن يطلب ممن تركوا القرية العودة إليها وقال الجيش حينها مخادعًا: لقد أصبحتم الآن في آمان، لكن في صبيحة اليوم الثاني بتاريخ 2/11/1948 استيقظ أهالي القرية ليفاجؤوا بتطويقها من جميع الجهات، وطلب الجيش من السكان أن يتجمعوا في مكان يسمى الربعان أو مراح العجال وأن يتركوا البيوت مشرعة الأبواب. تجمع الأهالي في المكان المطلوب، وفي هذه الأثناء وفيما الناس مجتمعين بدأوا بنسف عدد من البيوت والغبار المنبعث من الركام يتطاير فوق رؤوسنا ليدبوا الرعب في النفوس، ثم أخذوا يضعون الشباب في مكان، والنساء والشيوخ والأطفال في مكان آخر قريب، ثم اختاروا ثمانية من الشباب وأطلقوا النار بعد أن عصبوا أعينهم والشباب هم:
 1. 
حسن إبراهيم طه شقير
 2. 
فواز إبراهيم طه شقير
 3. 
سليمان احمد إبراهيم شقير
 4. 
جميل خالد يوسف طه شقير
 5. 
سعود اسعد محمد ناصر
 6. 
عيسى كايد خشان
 7. 
محيي الدين الشيخ طه
 8. 
عبد القادر صفوري

ثم اقتادوا 36 شابًا في السيارات وأخذوهم إلى المعتقل من بينهم والدي والذي شغل منصب مختار القرية وكان عمره حينئذٍ ستين عامًا، أما نحن ومن تبقى من أهالي القرية فقد اقتادونا وهم يطلقون الرصاص فوق رؤوسنا إلى مفرق كفر عنان، ومنه اتجهنا إلى عين الأسد ثم بيت جن وأكملنا إلى حرفيش حتى وصلنا إلى بنت جبيل وبقينا هناك حتى 15 يومًا، ثم تم نُقلنا إلى صور ومنها إلى عنجر وهي قرية قريبة من مدينة زحلة ومن الحدود السورية، ثم إلى نهر البارد قرب طرابلس".

مصير القرية بعد تهجير أهلها وتقديم شكوى للعودة إليها

هذا وقد بقي في القرية بعد الاحتلال الشيوخ الذين لا يستطيعون المشي، وكذلك بعض الناس الذين كانوا قد اختبؤوا في القرى القريبة أو المغر وعادوا إليها بعد أسبوع أو أسبوعين، أضف إلى ذلك أنه أثناء وجودنا في بنت جبيل في لبنان وصور عاد قرابة أكثر من ثلثي أبناء القرية إلى كفر عنان سرًا، وبدت القرية عامرة بأهلها، ولكن هذا لم يرق لصناع السياسة الإسرائيلية، إذ أنهم فرضوا طوقًا حول القرية بتاريخ 4/2/1949 وقاموا بترحيل السكانقسم إلى قرية مجد الكروم والقسم الأكبر إلى الضفة الغربية حيث كانت حينها تحت سيادة الأردن. وفي عام 1952 قامت القوات الإسرائيلية بهدم القرية كليًا عندما شعرت بأن أهلها الذين بقيوا في إسرائيل قد وكلوا المحامي محمد نمر الهواري للمطالبة بإعادتهم الى قريتهم".