العادات والتقاليد في القرية - كفر عنان - قضاء عكا

المناسبات الاجتماعية

يواصل أستاذ التاريخ حسن منصور قص رواية بلدته ويستذكر المناسبات الاجتماعية وطقوسها، والحياة التعليمية فيها، قائلاً: "أما المدرسة فكانت في فراضة وهي مشتركة للقريتين والتعليم فيها حتى الصف الرابع الابتدائي، وكان على من يرغب في مواصلة التعليم، أن يلتحق بمدرسة المغار أو الرامة، فيما كان يفضل أغلب الطلاب الذهاب إلى مدرسة المغار لقرب المسافة، وأنا شخصيًا درست الصف الخامس في المغار".

لقد كان أهالي كفر عنان "يعيشون كعائلة واحدة وتجلى روح التعاون بينهم في مناسبات عدة، فمثلاً أيام الحصاد إذا أنهى أحدهم حصاده قبل جاره، فكان يهب لمساعدته ولا يتركه حتى ينهي عمله، كذلك في المناسبات والأفراح حيث يشارك الجميع في العرس، حيث أقيمت السهرات في الساحات على ضوء النار التي يشعلها الناس بعد ان جلبت النسوة الحطب نهاراً لإشعاله ليلاً أثناء سهرة العرس، فيما يجلس الرجال على الفراش، ويصطف الشباب في صفوف السحجة أو الدبكة أو الحداية، وفي اليوم الثاني كنا نزف العريس إلى الشارع العام، فيجلس العريس في ظل شجرة المال الكبيرة مع أغاني وأهازيج كثيرة منها:

عريسنا زين الشباب زين الشباب عريسنا
 
يا شمس غيبي من السما عالارض في عنا عريس
 
يا شمس غيبي واختفي بنور العريس بنكتفي

هذا وكانت تقام مسابقات للخيالة على مقربة من مكان زفة العريس التي تجوب القرية وصولاً لبيته حيث يتم تقديم مائدة طعام الفرح. نعم هكذا كان أهالي كفر عنان يعيشون حياة هادئة مطمئنة لا يشوبها شيء، بل كلها رجاء ومحبة وأمل.

ثم يستدرك قائلاً: "كان والدي أحمد مصطفى منصور رحمه الله تعالى مختار القرية، وعنده يجتمع أهلها، ليحتسوا لديه القهوة العربية السادة، ويستمعوا إلى الحكواتي يوسف العاصي، الذي كان يروي حكايات الزير سالم وتغريبة بني هلال، ومآثر عنترة بن شداد وبطولاته".

يأخذنا الأستاذ حسن إلى مقبرة القرية، ليخرج مصحفًا كان قد خبأه تحت الحجارة، ويقول: "أنا كل يوم أخرج هذا المصحف لأقرأ سورة يس على أمواتنا من أبناء القرية"، ويخبرنا أن هناك مقبرة تضم رفات سبعة شهداء قتلتهم العصابات الصهيونية على مفرق كفر عنان. ويذكر لنا أن الصغار لطالما رافقوا ذويهم في زيارة المقابر، "وكانوا يأكلون كعك العيد، وكانت أيامًا مليئة بالخير والمحبة والسلام ولا تنسى".

ويستذكر الأستاذ حسن حادثة استشهاد جميل خالد اليوسف، الذي اصطحبه عسكريان إسرائيليان لإخراج البندقية التي كان يمتلكها والده وتسليمهم إياها، فأخبرهم أنه لا يعلم مكانها "فأردوه قتيلاً داخل منزله، ثم جاء عسكريان آخران لمنزل نايف سليم يوسف منصور وطلبا منه تسليمهما البندقية فأخبرهما أنه قام بدفنها بين أشجار السدر، ودخل بين الأشجار الكثيفة، وخرج من الناحية الأخرى ولاذ بالفرار، وبعدما طال عليهما الانتظار صارا يطلقان النار باتجاهه بدون جدوى، فلقد اختفى عن الأعين، وهرب إلى لبنان وعاش هناك حتى قضى نحبه".