معلومات عامة عن النبي يُوشَعْ/ من القرى السبع - قضاء صفد
معلومات عامة عن قرية النبي يُوشَعْ/ من القرى السبع
قرية فلسطينية مُهَجَّرَة، كانت تنهض على تلال شديدة الانحدار بالقرب من مجرى وادٍ صغير، مشرفة على سهل الحولة، في شمال شرقي مدينة صفد وعلى بُعد 17 كم عنها، وعلى ارتفاع يصل إلى 375 م عن مستوى سطح البحر، حيث أنشأت هذه القرية في منطقة جبال الجليل الأعلى في منطقة تُشرف على سهول الحولة الشمالية، وعلى بُعد لا يزيد عن 3.5 كم غربي نهر الأردن.
كانت مساحتها المبنية تُقَدَر بنحو 16 دونم من مجمل مساحة أراضيها البالغة حوالي 3617 دونم.
احتلت في سياق عملية "يفتاح" على يد جنود الكتيبة الأولى للبلماخ/ القوة الضاربة وذلك يوم 16 أيار/ مايو 1948.
الحدود
كانت قرية النبي يوشع تتوسط القرى والبلدات التالية:
أهمية موقع القرية
تتميز قرية النبي يوشع بموقع استراتيجي هام فمن ناحية قربها من الحدود اللبنانية- الفلسطينية، ومن ناحية أخرى إشرافها على سهل الحولة وقربها منه.
مصادر المياه
تشرف قرية النبي يوشع على منقطة سهول الحولة الشمالية، وتقع على بعد 3.5 كم غربي نهر الأردن، ومن شرقها يبدأ وادي خلة المغر، رافد وادي العروس الذي يمر بشمالها على بُعد نصف كيلو متر وتنتهي في المستنقعات الواقعة شمالي بحيرة الحولة، يتميز هذا الوادي بششدة انحدار سفوحه في شمال وشمال شرقي القرية.
سبب التسمية
سُمِيَتْ بهذ الاسم نسبةً إلى المقام الموجود فيها، حيث تداولت الروايات الشعبية على مر العصور أنه قبر للنبي يوشع بن نون.
معالم القرية
خلت القرية من المباني الخدمية والإدارية باستنثاء:
- مسجد واحد.
- مقام النبي يوشع.
- مركز للشرطة أقامه البريطانيون شمالي القرية.
السكان
قدرت الإحصائيات التي تعود لعام 1931 عدد سكان قرية النبي يوشع بـ 52 نسمة، وكان لهم آنذاك 12 منزلاً فقط، ارتفع عدد سكان القرية عام 1945 إلى 70 نسمة، ثم إلى 81 نسمة عشية النكبة عام 1948 وكان لهم حتى ذلك التاريخ 18 منزل فقط.
قُدِرَ عدد اللاجئين من أبناء القرية عام 1998 بحو 499 نسمة.
الحياة الاقتصادية
اعتمد اقتصاد القرية على الزراعة وتربية المواشي، وقد استخدم أهالي القرية ما مساحته 640 دونماً في الزراعة، حيث تنوعت محاصيها بين الحبوب والخضار وغيرها.
الاستيطان في القرية
تقع مستعمرة "رموت نفتالي" الزراعية، التي أسست سنة 1945 على أراضي القرية جنوبي موقعها. وهي قريبة من الحدود بين النبي يوشع وأراضي قرية ملاحة العربية
الطرق والمواصلات
كان في القرية وصلة مرصوفة حجارة تصل القرية بالطريق العام المفضي إلى صفد وطبرية.
احتلال القرية
كانت القرية ومركز الشرطة فيها هدفين لأربع غارات شنتها الهاغاناه في نيسان/أبريل وأيار/مايو 1948، وعندما أخلى البريطانيون مركزالشرطة في النبي يوشع في 15 نيسان/أبريل، سيطرت عليه وحدات من جيش الإنقاذ العربي، واستناداً إلى مذكرات فوزي القاوقجي، قائد جيش الإنقاذ، فإن رجاله اتخذوا مواقع لهم حول المركز في أواخر آذار/مارس، وقد وقع هجوم الهاغاناه الأول، الذي افتتح عملية يفتاح في 17 نيسان /أبريل لكنه باء بالفشل. كما أن الهجوم الثاني الذي شن بعد ثلاثة أيام أخفق أيضاً وأسفر عندما قُتِلَ اثنين وعشرين رجلاً من المهاجمين اليهو، بحسب ما جاء في (تاريخ الهاغاناه). وفي رواية الهاغاناه أن الخطة كانت تقضي باختراق الأسلاك الشائكة ونسف مركز الشرطة، لكن جيش الإنقاذ العربي اكتشف عند الفجر وحدة البلماح المتقدمة فقصفها واضطرها إلى الانسحاب، وفي وقت لاحق، بُذِلَتْ محاولتان أخريان خلال العملية نفسها. وقد ألغيت بسرعة محاولة كانت مقررة لليلة 15-16 أيار/ مايو. لكن في الليلة اللاحقة حصل المهاجمون على دعم جوي فنجحوا في تحقيق أهدافهم، إذا إن الطائرات الإحتلال الصهيوني، وفق ما ذكر(تاريخ الهاغاناه) ألقت قنابل حارقة على مركز الشرطة، بينما شقت الوحدات البرية طريقها مخترقةً الأسلاك الشائكة، ومجبرة المدافعين على الانسحاب، كانت خطوط المواجهة بين القوات العربية والإسرائيلية على طول الحدود اللبنانية.
القرية وقضية القرى السبع
القرى السبع: هي سبعة قرى عربية تشكل سلسلة من الأراضي الهضبية والجبلية الممتدة شمالي فلسطين وجنوب لبنان على شكل قوس يبدأ من قرية آبل القمح وينتهي بقرية تربيخ/ طربيخا، وتقدر مساحة جميع هذه الأراضي بـــ 74221 دونم، موزعة كالتالي:
- مساحة أراضي قرية آبل القمح: 4615 دونم.
- مساحة أراضي قرية هونين: 14224 دونم.
- مساحة أراضي قرية قَدَسْ: 14139 دونم.
- مساحة أراضي قرية المالكية: 7328 دونم.
- مساحة أراضي قرية صلحا/ صالحة: 11735 دونم.
- مساحة أراضي قرية النبي يوشع: 3617 دونم.
- مساحة أراضي قرية تربيخا/ طربيخا: 18563 دونم.
تعود قضية هذه القرى لعام 1920 عندما عقد الفرنسيون والبريطانيون معاهدة سان ريمو لترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين وسورية: جرى وضع خطوط موقتة في أواخر تشرين الأول العام 1920 ريثما يتم الاتفاق النهائي.
عندها حصلت فضيحة كبرى تمثلت باستيلاء مكتب الوكالة اليهودية الذي كانت من خلاله تجرى عمليات الاستيلاء والصفقات العقارية على منطقة مستنقعات "الحولة"، وكانت حينها إحدى الشركات الفرنسية قد التزمت تجفيف هذه المستنقعات، فاشترط هذا المكتب على الفرنسيين التنازل عن 23 قرية لبنانية واقعة ضمن منطقة النفوذ الفرنسي وضمها إلى فلسطين مقابل تجديد عقد امتياز الشركة الفرنسية في تجفيف المستنقعات، وهذا ما حصل حيث جرى ضم 23 قرية لبنانية إلى المنطقة الواقعة ضمن نفوذ الانتداب البريطاني.
- يوم 23 كانون الأول 1920 اتفق الفرنسيون والبريطانيون بموجب معاهدة باريس على مسألة تنظيم شؤون الحدود والمياه وسكك الحديد وغيرها.
- وفي أوائل حزيران عام 1921 بدأت أعمال ترسيم الحدود على الأرض من خلال اللجنة التي جرى الاتفاق على تشكيلها، ومثّل الجانب البريطاني الكولونيل "نيوكومب" ومَثَّل الجانب الفرنسي الكولونيل "بوليه".
- يوم الثالث من شباط عام 1922 وقّع الكولونيل بوليه والكولونيل نيوكومب وثيقة عرفت بالتقرير الختامي لتثبيت الحدود بين لبنان الكبير وسوريا من جهة وفلسطين من جهة أخرى. عدلت بموجبها "لجنة نيوكومب - بوليه" الحدود بإزاحة الخط المتفق عليه في اتفاقية 1920 حوالى 2 كم إلى الشمال، لتبدأ من رأس الناقورة وتسير إلى الجنوب قليلاً من قرية علما الشعب ثم تنحرف شمالاً على حساب لبنان عند حدود رميش ويارون، ويستمر الانحراف حتى شمال غرب المطلة. ثم تنحرف مجدداً على حساب لبنان فتمر بجسر البراغيث وجسر الحاصباني بدلاً من مرورها بتل القاضي وتل دان بهدف تأمين المياه لمنطقة الانتداب البريطاني.
القرى السبع بين عامي 1923- 1948
ألحقت هذه القرى بالأراضي الفلسطينية كما أشرنا، إدارياً ألحقت قرية تربيخا/ طربيخا بقضاء مدينة عكا، والقرى الست الأخرى ألحقت بقضاء مدينة صفد (آبل القمح، هونين، قدس، النبي يوشع، المالكية، وصلحا).
عايش أبناء القرى السبع جميع محطات الثورات الفلسطينية والنضال ضد الانتداب البريطاني، ولاحقاً الصراع مع العصابات الصهيونية.
ومع زيادة عمليات النشاط الاستيطاني الصهيوني، تم استيطان أجزاء من أراضي القرى وبناء مستعمرات عليها، مثل:
- مستعمرة "مسجاف" على أراضي قرية هونين عام 1945.
- مستعمرة "راموت نفتالي" على أراضي قرية النبي يوشع عام 1945 أيضاً.
وفي حالات القرى الأخرى كانت بعض المستعمرات مقامة على تخوم أراضيها مثل مستعمرة "كفار جلعادي" المتاخمة لأراضي قرية آبل القمح.
وعند بداية حرب عام 1948 قاوم أبناء هذه القرى كما أبناء الشعب الفلسطيني ضد العصابات الصهيونية، وذاقوا ما ذاقوه من قتل وتدمير وترهيب، وكان آخرها مجزرة قرية صلحا المرتكبة يوم 30 تشرين الأول 1948 التي أزهقت أرواح 105 رجل وامرأة وطفل من أبناء صلحا وأبناء القرى المجاورة الذين كانوا لاجئين فيها بعد احتلال قراهم.
القرى السبع بين عامي 1948 و 2023
على الرغم من أن السلطات اللبنانية وحتى "الإسرائيلية" تصر على أن خط الهدنة المحدد في اتفاقية الهدنة عام 1949 على أنها خط هدنة مؤثتة وليست اعترافاً من قبل أي طرف بأنها حدود دائمة، إلا أنه يتم التعامل الفعلي على هذا الأساس، فراحت سلطات الاحتلال تبين المستعمرات وتوطن المهاجرين اليهود فيها.
هذه القرى بالإضافة لمزارع شبعا لا تزال واحدة من قضايا الصراع والخلاف بين الحكومة اللبنانية والحكومة "الإسرائيلية" وعلى الرغم من مرور مئة عام على قضية هذه القرى، لم يتم حتى الآن حسم الجدل فيها، ولاتزال أصوات أبناء هذه القرى كأصوات أبناء القرى المجاور لقراهم المطالبين بالتزام سلطات الاحتلال بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بإعادتهم إلى قراهم التي هُجِروا منها، فهي في نهاية المطاف أرض عربية تم احتلالها بقوة السلاح والإرهاب والتدمير، والجدال حول فلسطينيّة أو لبنانيّة هذه القرى لا يغير من حقيقة أنها أرض عربية محتلة يتوجب على كل عربي الدفاع عنها واستعادتها.
أبناء القرى السبع والجنسية اللبنانية
عقب احتلال قراهم توجه أنباء القرى السبع نحو الأراضي اللبنانية، وتحديداً مناطق الجنوب اللبناني، في ذلك الوقت تم التعامل معهم على أنهم لاجئين فلسطينين من الناحية القانونية.
وفي عام 1960 استطاع حوالي ثلث من أبناء القرى السبع الحصول على الجنسية اللبنانية بموجب قرارات صادرة عن المحاكم اللبنانية.
ويشير مقال للكاتب "سامر الحاج علي" بعنوان: "القرى السبع والهوية اللبنانية الضائعة" أن بعض أبناء القرى السبع شمله مرسوم التجنيس رقم 5247 الصادر في حزيران عام 1994.
ويشير الكاتب في موضع آخر أن قانون التجنيس الصادر عام 2015 يشمل أبناء هذه القرى، خصوصاً أن أجداد وآباء هؤلاء مدونة أسماءهم في سجلات الإحصاء التي قامت بها سلطة الانتداب الفرنسي عامي 1921 و 1924، وبعضهم يمتلك وثائق رسمية تثبت ذلك.
عملياً: يتم التعامل مع أبناء هذه القرى باعتبارهم غير لبنانيين، وبالتالي لا يحق لهم التقدم للوظائف العامة في لبنان أو الإستفادة مثلاً من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. كما أن هؤلاء محرومون من العمل في عدد من الوظائف والمجالات كالطب والهندسة والصيدلة والمحاماة ناهيك عن الإنخراط في الأسلاك العسكرية والأمنية وعدم التملّك وغيرها.
من وجهة نظرنا يتم التعامل مع موضوع القرى السبع وأبناءها بشكل متناقض، فـ سياسياً لا يتم توفير أي فرصة للمطالبة بأحقية لبنان في ملكية هذه الأراضي وأنه يجب على حكومة الاحتلال إعادتها إلى لبنان، ومن ناحية أخرى يتم التعامل مع أبناء هذه القرى على أنهم ليسوا لبنانيين، ويتم التعامل معهم كما التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين قانونياً.
القرية اليوم
دمرت العصابات الصهيونية معظم منازل القرية عقب احتلالها باستثتاء، بعض المقابر في مقبرة القرية، مقام النبي يوشع الذي سلمت بعض معالمه من التدمير المدخل المقنطر المفضي إلى القسم الرئيسي منه، إلا إن الحيطان الحجرية للغرف الملحقة به متصدعة، ومجمع المباني كله مهمل وتنمو النباتات البرية من السقف وتحيط أشجار التين ونبات الصبار بموقع القرية.
موقع القرية مسيج بالأسلاك الشائكة وتغطيه الأنقاض، بحيث بات الوصول إليه عسيراً.
أما الأراضي المستوية المحيطة بالموقع فيستعملها مستوطني مستعمرة "رموت نفتالي" المقامة على أراضي القرية لزراعة التفاح، بينما باتت الأجزاء المنحدرة مرعىً للمواشي أو غابات.
الباحث والمراجع
إعداد: عبد القادر الحمرة& رشا السهلي، استناداً للمراجع التالية:
- الدباغ، مصطفى."بلادنا فلسطين الجزء الأول- القسم الأول". دار الهدى: كفر قرع، ط1991، ص: 163.
- الدباغ، مصطفى. "بلادنا فلسطين- الجزء السادس- القسم الثاني". دار الهدى. كفر قرع. ط 1991. ص: 31- 33- 36- 162- 163- 223- 226- 252- 255- 256.
- الخالدي، وليد. "كي لاننسى قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل عام 1948 وأسماء شهدائها". مؤسسة الدراسات الفلسطينية: بيروت. 2001. ص: 376- 377.
- عراف، شكري. "المواقع الجغرافية في فلسطين الأسماء العربية والتسميات العبرية". مؤسسة الدراسات الفلسطينية: بيروت. 2004. ص: 509.
- أبو مايلة، يوسف. "القرى المدمرة في فلسطين حتى عام 1952".الجمعية الجغرافية المصرية: القاهرة. 1998. ص: 32.
- "قرى صفد المدمرة". وكالة وفا للأنباء والمعلومات. ب.ت. ص: 84- 85.
- العباسي، مصطفى. "صفد في عهد الانتداب البريطاني 1917-1948". مؤسسة الدراسات الفلسطينية. بيروت: لبنان. ط2. 2019. ص: 144- 280.
- صايغ، أنيس. "بلدانية فلسطين المحتلة 1948- 1967". منظمة التحرير الفلسطينية: بيروت. 1968. ص: 159.
- أ.ملز B.A.O.B.B. "إحصاء نفوس فلسطين لسنة 1931". (1932). القدس: مطبعتي دير الروم كولدبرك. ص: 109.
- "Village statistics1945". وثيقة رسمية بريطانية. 1945. ص: 10.
- "قرية النبي يوشع قضاء صفد". موقع فلسطين في الذاكرة. تمت المشاهدة بتاريخ: 30-9-2022.
- "القرى السبع والهوية اللبنانية الضائعة". سامر الحاج علي. موقع العهد الإخباري. تم النشر بتاريخ: 10/10/2019. تمت المشاهدة بتاريخ: 23-8-2023.
- "القرى اللبنانية السبع المحتلة: القصة الكاملة من العام 1920 إلى اليوم". صبحي منذر ياغي 3\3\2007. موقع الخيام. تمت المشاهدة بتاريخ: 2-8-2023.