تاريخ القرية - كفر عقب - قضاء القدس

هذه البلدة قديمة قدم التاريخ، وأول من سكنها اليبوسيون ثم الكنعانيون، وكانت أعدادهم فيها قليلة وهم من العائلات الدائمة التنقل والاستقرار في المدن، يقول الأستاذ المحامي موسى شكري:بأنه مع نهاية الألف الثالثة و بداية الألف الثانية قبل الميلاد، ظهرت تجمعات ذات صلة بأتباع النبي موسى ابن عمران وكان جزء منهم يعمل بالزراعة، والجزء الآخر وهم الأغلبية، يعملون في تربية المواشي، وأول ظهور لهم، كان في مدينة القدس، وكانوا تحت قيادة شخص يدعى طالوت، و هذا الشخص معروف عنه ضعف الشخصية، والجبن وقلة الحيلة، وفرض عليه القتال من قبل الأعداء القادمين من جبال نابلس والناصرة وبعض البدو الرحل، القادمين من منطقة بيسان، وكان قائد هؤلاء القوم يدعى جوليات، والتقى الجيشان الأول بقيادة طالوت والثاني بقيادة جوليات، في موقع يقع بين جبلين، كان يعبره نهر، تأتيه مياهه من تلال بيت أيل وما قبلها من جبال وتلال، مارا بموقع الجيشان، وبطرف مدينة بيت المقدس من جهة الشرق، وباتجاه منحدرات مدينة أريحا.
يقول الأستاذ موسى شكري بان أراضي بلدة كفر عقب تحتوي على حصى وصدف لا يوجد شبيها لها إلا في البحار والأنهر والوديان. كما أن (وادي عوض) والذي يطلق على الأراضي المنبسطة قرب مدرج مطار قلنديا، يعبر أراضي تعود في ملكيتها إلى أهالي آل عوض، وكان هذا النهر يتفرع إلى ثلاثة انهر، احدها يجري في منطقة الزيتون، والآخر يجري من منطقة البيرة إلى منطقة الخمارة، مرورا بأرض المطار، ويلتقيان عند التقاء طريق إربا حزما، والثالث كان يجري في منطقة وادي العين ويلتقي مع الفرعين الآخرين في وادي القلط.
كان يرفد هذه الوديان بالمياه، عدد من العيون والينابيع منها: عين البيرة التل، وعين في ارض البستاني، وعين بئر مياه كفر عقب وغيرها من الينابيع التي ما زالت حتى يومنا هذا قائمة وتتدفق منها المياه.
يقول الأستاذ موسى شكري في حديثه عن المعركة بين جيشي طالوت وجالوت:
بأن جيش طالوت كان قادما من القدس في موقع المطحنة وسميرا ميس، وأخذ جالوت ( والذي كان يتمتع بجسم طويل، ومنكبين عريضين وبشرة بيضاء، وشعر أشقر، وعينين جاحظتين، وملامح قوية وقد كان أيضا ذو بأس شديد) يستعرض قوته ويتبختر في الساحة بين الجيشين ويقوم على جواده، بغارات وهمية، وكان يصيح وينادي طالوت بأن يقدم إليه وينازله على ضفة الوادي كونه بعرف جبن طالوت، فاستشار طالوت جماعته كي يخرج أحدا غيره لمبارزة جالوت، فخرج فتى صغيرا اسمه داود (وهو النبي داود-عليه السلام- فيما بعد)، وكان عمره ما بين 13 إلى 15 عاما، وطلب منازلة جالوت، وعلى الرغم من استغراب قوم طالوت، إلا أنهم كانوا يتوقعون هزيمتهم على يد جالوت، فوافقوا على خروج داود، فخرج داود ملاقيا خصمه جالوت، وكان داود يركض باتجاه خصمه جالوت، الراكب على جواده ومستهزئا بالغلام، إلا أن داود والذي كان سلاحه عبارة عن (مقليعة) ويضع بها حجرا، انتهز الفرصة ولوح بالمقليعة التي في حوزته، وما أن اقترب منه جالوت، حتى قذفه بالمقليعة، فأصاب حجرها جبهة جالوت، فشج رأسه ووقع على الأرض مدرجا بدمائه، ومات على الفور، وعندما شاهد قوم جالوت، بان غلاما قتل قائدهم، دب الذعر في صفوفهم، وانهارت معنوياتهم وأخافهم ما حدث كثيرا، فولوا مدبرين، واشتد عزم قوم طالوت، واستبسلوا اشد استبسال، وطاردوا فلول المنهزمين وقتلوا البعض منهم، واستسلم البعض الآخر، وهرب بقيتهم، واختفوا في الجبال الشمالية من فلسطين. وقد دفن جالوت بعد مقتله على ضفة الوادي، والذي ما يزال يعرف باسمه (وادي جوليات)، ولقد ورد ذكره بالقرآن الكريم بأنه واد يقع قرب قصر أم حكيم، (يمكن مراجعة سورة البقرة الآية الكريمة رقم 251 ).وعمل جيش طالوت على التمركز و التوسع في المنطقة لأجل زيادة رقعة دولتهم التي كانت في القدس، وجرى تأسيس مدينتهم في موقع التل، وكان مكان دار السيد علي الخطيب وهو السوق الذي كان يتجمع فيه الناس للبيع والشراء، وحجارته ما زالت باقية حتى زمن قريب، قبل أن يبنى السور حول دار الخطيب.
على اثر النصر الكبير، تم عزل طالوت وتولى داود الحكم من بعده على الرغم من صغر سنه، وأصبح ملكا على الناس، وكان هذا كله بفضل الله سبحانه وتعالى وتخطيطه، وكان لدى داود القدرة على تسخير الطيور والحيوانات، وكان لديه حوت جميل جدا، حتى إذا تمنى أو عزف على مزماره، سكنت الطيور والحيوانات ساجدة ومستمعة، وكان أيضا بإرادة وقوة الله سبحانه وتعالى، يوقف مجرى النهر المذكور، ويقال بأن داود كان قصير القامة مربوع الوجه، ذو عينين زرقاوين، طيب القلب، وعاش نحو مائة عام وأسس مدينة داود، واتخذها عاصمة وموقعا أساسي لدولته، وهي تمتد من قمة التل مع حدود البيرة وحتى منطقة سميرا ميس.
ما ذكر سابقا في القصة عن موقعي التل وواد جليات، هما من أراضي بلدة كفر عقب.
وجاء النبي سليمان-عليه السلام-بعد موت النبي داود والذي نقل مقر إقامته إلى منطقة القدس الشريف، إلا انه بعد ما لا يقل عن 500 سنة عن موت النبي داود-والذي عاش مائة عام -ضعفت دولتهم (1500 ق.م.-650 ب.م.)، واستطاع الرومان السيطرة على المنطقة، وسكن في موقع البلدة القديمة من كفر عقب، مجموعة من الرومان، وكانت تسيطر على السكان المحليين وتسخرهم لصناعة الخمور، وكان أول أيام الربيع يلتقي الناس في موقع يدعى سطح مرحبا، ولا زالت معصرة العنب منحوتة في الصخر الممتد من قرب شجرة الخروب الكبيرة شمالا وحتى منتصف الجبل، حيث اهتم الرومان في زراعة العنب والزيتون وأشجار الخروب، حيث كانت بذور الخروب في حقبة من زمن الرومان تشكل عملة يتداولونها، فقد وجد في المنطقة الكثير من الجرار مملوءة ببذور الخروب، وكانت الحفر الموجودة في موقع شمال شجرة الخروب وطرازها الروماني، تستعمل لمبيت العمال وتخزين الناتج من المحاصيل قبل إرساله إلى القدس والى البحر، وتسمى تلك المنطقة ولغاية الآن (العقبة)، وكان الأجداد يسمونها عقبة المريح، وهي المنطقة الممتدة من شجرة الخروب حتى مشارف التين الشرقي، وسوف نأتي لاحقا على سبب تسمية هذا الموقع ب (العقبة) نسبة إلى كفر عقب، وقد هجرت هذه المنطقة في بداية التسعمائة السنة السابقة على مولد الرسول الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) حيث كانت تلك الفترة هي مولد النبي عيسى عليه السلام وبداية زعزعة الدولة الرومانية نتيجة للحروب والغزوات، وبداية نشر الديانة المسيحية فتهدمت مساكنهم، واندثرت الكثير من الكهوف والمغارات، وزال مجرى الوادي بفرعيه، وان قلت فيهما المياه، إلا أن المجرى كان قائما وما زال.
قديما كانت البيوت في بلدة كفر عقب منحوتة في الصخور كباقي البلدات، في باطن الجبل المطل على نبع الماء، ومع تقدم الحياة وتطورها وتمدنها، انتشرت بين ربوع البلدة المباني الحديثة المعروفة لنا الآن.
(إن السرد السابق، عن بلدة كفر عقب، هو ما سرده و كتبه الأستاذ المحامي موسى شكري عن بلدة كفر عقب، مسقط رأسه).