تاريخ القرية - أبو سنان / من قرى الجليل الأعلى - قضاء عكا

 

 التاريخ والآثار

أبو سنان هي قرية قديمة جداًّ حيث تشهد الآثار التي عثر عليها فيها، أنها كانت مأهولة قبل آلاف السنين، وخاصةً في عهد الكنعانيين، وأنه كان فيها أماكن للراحة للمسافرين. وظلت عامرة حتى الحكم الإسلامي ثم البيزنطي والصليبي والعثماني. وتم إعادة استخدام الحجارة القديمة في المنازل الحديثة، وتم العثور على مقابر وزيت أو كروم وخزانات مقطوعة في الصخور

 العصر الصليبي

في حوالي عام 1250 تم الإشارة إلى أبو سنان باعتبارها من القرى التابعة لفرسان تيوتون، وتسمى باسم بو سنين (باللاتينيَّة: Busenen). ومن المحتمل أن تكون أبو سنان جزء من مجال سيطرة الصليبيين خلال الهدنة بين الصليبيين المتمركزين في عكا وسلطان المماليك المنصور سيف الدين قلاوون في عام 1283. لم يتم العثور على بقايا صليبية في القرية.

 في زمن الدعوة الدرزية، كانت قرية أبو سنان في قلب منطقة توحيدية هامة في الساحل، حيث أحاطها دعاة التوحيد من كل الجهات وتعاملوا معها وركزوا فيها دعائم التوحيد، وما زالت قبور كبار الدعاة منتشرة حولها.

 العصر العثماني

في عام 1517 اندمجت أبو سنان مع بقية فلسطين في الدولة العثمانية بعد أن تم الإستيلاء عليها من المماليك، وبحلول عام 1596 ظهرت القرية في سجلات الضرائب العثمانية كجزء من ناحية عكا من لواء. وكان عدد سكانها 102 أسرة وثلاثة عزاب، وكان جميعهم من المُسلمين. دفع القرويون الضرائب على القمح والشعير وأشجار الزيتون والسمسم والقطن والماعز وخلايا النحل، بالإضافة إلى «العائدات العرضية»؛ في ما مجموعه 7,600 آقجة.

 كانت أبو سنان ضمن إمارة الأمير فخر الدين المعني الثاني، الذي بنى فيها قصراً لولده الأمير علي فخر الدين، عام 1617م. وقد ذكر المؤرخ أحمد الخالدي الصفدي، أن القصر والقلعة والقرية كانت قاعدة هامة في صراع الأمير فخر الدين المعني مع غريمه أحمد بن طرباي زعيم أل طربيه، على السلطة في شمالي فلسطين. وقد انتصر الأمير فخر الدين وثبت حكمه في البلاد، وبنى قرى درزية، وعزز القرى القائمة ومنها أبو سنان. فقد أدخل الأمير فخر الدين في المناطق التي حكمها البناء والعمران والتطوير والزراعة وبعض الصناعات، وشجع الناس على العمل في الأرض وإستصلاحها والاستفادة منها. وكان الأمير علي (1698-1634) قد تولى من والده سنجق صفد وحكمه وأدار شؤونه من موقعه في قصره في أبو سنان.

 أظهرت خريطة لبيير جاكوتين تعود إلى غزو نابليون عام 1799 المكان المُسمى أبو سنان. عندما زار المستكشف الفرنسي فيكتور جويرين القرية في عام 1875، قدرّ عدد سكان أبو سنان بحوالي 400 نسمة، كان منهم حوالي 260 من الموحدون الدروز وحوالي 140 من المسيحيين الروم الأرثوذكس. كتب فيكتور جويرين أيضًا أنّ «البلدة القديمة أبو سنان قد نجت، كما ثبت من الصهاريج المقطوعة في الصخر، والكمية الكبيرة من الأحجار، والتي تستخدم الآن في المباني الحديثة». وأستخدمت بقايا من مبنى قديم في بناء كنيسة القديس جريس الأرثوذكسيَّة.

 كان لقرية أبو اسنان شأن كبير في القرن التاسع عشر، إذ برزت بين قرى المنطقة كمركز له أهميته وقوته. وقد اختير الشيخ صالح يوسف خير قنصلاً لبلاد العجم عام 1864م، واستمر بعد ذلك، واستمراراً لهذه العلاقات لجأ عام 1914م عباس أفندي البهائي ومعه ثلاثون عائلة إيرانية إلى قرية أبو سنان وعائلة خير، وأقاموا في القرية لمدة سنتين. وقد فتحوا مدرسة في القرية في تلك الفترة، أعطت للقرية أهمية كبيرة.

 في عام 1881 وصف صندوق استكشاف فلسطين أبو سنان بأنها قرية مبنية بالحجارة وتقع على تلة منخفضة بالقرب من السهل، وتحيط بها بساتين الزيتون والأراضي الصالحة للزراعة، مع العديد من صهاريج مياه الأمطار. وكان عدد السكان حوالي 150 مسيحي وحوالي 100 مُسلم وأظهرت قائمة تعداد السكان تعود إلى حوالي عام 1887 أن أبو سنان كان بها حوالي 565 نسمة، وكان ثُلثي السكان من الموحدون الدروز والثُلث الآخر من المسيحيين الملكيين الكاثوليك.

 الانتداب البريطاني

في تعداد فلسطين عام 1922، والذي أجرته سلطات الانتداب البريطاني، بلغ عدد سكان أبو سنان حوالي 518 نسمة. منهم حوالي 43 مُسلم وحوالي 228 دُرزي وحوالي 247 مسيحيًا. توزع مسيحيي أبو سنان، على حوالي 196 روم الأرثوذكس وحوالي 44 من الرومان الكاثوليك وأربعة من الروم الملكيين وثلاثة من الموارنة. في تعداد عام 1931، ارتفع عدد السكان إلى 605 نسمة، يسكنون في 102 منزل. كان منهم حوالي 20 من المُسلمين وحوالي 274 من المسيحيين وحوالي 311 من الدروز.

 في إحصاءات 1945 كان عدد سكان أبو سنان 820 نسمة؛ كان منهم 30 مسلمًا وحوالي 380 مسيحيًا وحوالي 410 آخرين من العرب (أي الموحدون الدروز)، وكانت مساحة الأرض ما مجموعه 1,3043 دونم، وفقًا لمسح رسمي للأراضي والسكان. وكان 2,172 دونم عبارة عن مزارع وأراضي قابلة للري، وكان 7,933 دونم يستخدم للحبوب، في حين كانت 69 دونماً من الأراضي المبنية (الحضرية).