تاريخ القرية - عرابة / عرابة البطوف / مدينة حالية: إحدى قرى يوم الأرض الثلاثلة، مدينة الطب، - قضاء عكا

 

عرابة عربية  تقع في  الجليل الأعلى يصل عدد سكانها اليوم إلى حوالي 30000 نسمة، كلهم من العرب المسلمين وأقلية مسيحية صغيرة تهنأ بالعيش الطيب بينهم. مساحة اراضيها حوالي 8الاف دونم  وتقع في الجليل شمالي إسرائيل.

عام 1976 شهدت القرية مظاهرة  يوم الأرض    الأول وسقط فيها الشهيد خير ياسين. من معالم عرابه والمقرون باسمها "البطوف" وهو سهل البطوف الذي يقع جنوب القرية، والذي يقسمه مشروع المياه القطري، الذي ينقل المياه من بحيرة طبريا طبريا إلى النقب. في سنة 2001 وبعد هبة أكتوبر (الأنتفاضة الثانية)، سقط شهيدان بعرابه هما علاء نصار واسيل عاصله. يعرف عن هذه البلد بالروح الوطنيه والحس الوطني لدى شبابها. فمنهم من سجن ومنهم من عذب ومنهم من استشهد، امثال الشهيد البطل علي الخربوش من مصادر الرزق التي سادت قديما وما تزال بنسبة ضئيلة اليوم هي الزراعه والتجاره بنسبة كبيرة اليوم إلى جانب الأعمال الحره، نسبة البطاله في القرية تصل إلى 12%.

من الجدير بالذكر أن الأنطباع العام عن هذه البلد أن شبابها ذخر وموضع فخر لها ولباقي البلدان العربية نسبة لأنها تمتلك أعلى نسبة حاصلين على شهادات أكاديمية عاليه ومن ضمنها الدكتوراة بين جميع البلدان العربية في فلسطين على الأطلاق. وكما ان البلدة تملك العديد من الشعراء الوطنين واهمهم رجاء بكرية الشاعرة الوطنيه وعدة شعراء محليون.

السبب في أن هذه البلدة الكنعانية  أنشئت في هذا الموقع بالذات, أي في مكان مخفي بيت الروابي, هو انها أتت إلى الوجود في الفترة الأخيرة من الحقبة الكنعانية, حين كانت الحضارة الكنعانية تعاني من الضعف وعلى وشك الانهيار، فكانت أرض كنعان في الوقت الذي أنشئت فيه عرابة (أي في النصف الأول من القرن الثاني عشر ق.م.) تتعرض لثلاث موجات من الغزو في نفس الوقت تقريبا: من الجنوب المصريون (وكانت مصر رمسيس الثالث ووالده سـِتناخت – 1190-1155 ق.م. في بداية الأسرة العشرين - قوة عظمى في أوج جبروتها وتوسعها)، ومن الغرب شعوب البحر التي أتت على شكل موجات متلاحقة من جزيرة كريت ومن جنوب الأناضول (أنطاليا التركية الآن), ومن الشرق قبائل العبريين (اليهود) التي بدأت بالتسرب إلى أرض كنعان تدريجياً من بلاد الرافدين عبر الصحراء السورية. فكان شمال فلسطين مسرحاً لمعارك طاحنة بين هذه القوى الأربع, ومن هذا السياق التاريخي المميز لهذه الحقبة، يتضح أن عرابة الكنعانية أقيمت على يد مجموعة صغيرة من فلول الكنعانيين قـَدمت إلى المنطقة بعد انهيار مركز الحكم الكنعاني في الجليل الأعلى، فعثرت على هذا الموقع الذي كان بمثابة ملجأ تختفي فيه عن الأنظار، فهو جيب بين الجبال كان غنياً بالينابيع والأرض الزراعية الخصبة وفي نفس الوقت بعيداً عن طرق القوافل والجحافل، فكان موقع البلدة مختفياً بين طريقين رئيسيتين تذكر الوثائق التاريخية أنهما كانتا تستعملان بكثرة من قبل الجيوش الغازية: الأولى كانت تأتي من منطقة الساحل بالقرب من عكا وتمر عبر سهل عبلين إلى سهل البطوف ثم تقطع سهل طرعان شرقاً، وهناك تتفرع إلى فرعين أحدهما يهبط إلى طبريا عابراً سهل حطين، والآخر يتجه جنوباً نحو غور الأردن.

 ذكرَتْ عرابة باسمها الكنعاني/الآرامي "Gabara" مرتين في القسم الثاني من كتاب يوسيفوس. في المرة الأول ذكرت عرابة في معرض حديث الكاتب عن الصراعات الداخلية بين القادة والزعماء اليهود، وعن المؤامرة التي حاكها بعض القادة في القدس للتخلص منه (أي يوسيفوس) كقائد للثورة في الجليل.

بعد استشارة عالم لغات الشرق القديم "ستيفان فيلد" من جامعة بون في ألمانيا وزملاء آخرين ضالعين في هذا الموضوع، أستطيع أن أجزم أن الكلمة الآرامية "غبارا" هي صيغة المؤنث لصفة مشتقة من الجذر الثلاثي "غ – ب – ر" (بلفظ الغين كما تـُلفظ الـ (g) بالإنجليزية والجيم في اللهجة المصريةوالذي يعني "واسى = يواسي"، ومنه جاء في اللغة العربية الفعل "جـَبَرَ" الذي يتضح لنا معناه بقولنا "جـَبْـرُ الخاطر"، و"جـَبَـر بخاطِره"، ومنه جاء في اللغة العبرية الفعل "غـَفار" (gavar) الذي يعني "تغـَلـّبَ أو سيْطرَ على". ومن هنا فإن "غبارا" تعني "المواسية" أي القرية المواسية لسكانها، ولنا أن نتخيل تلك المجموعة الصغيرة من فلول الكنعانيين حين وصلت إلى هذا المكان الآمن والمخفي عن الأنظار، وأنشأت فيه قرية صغيرة شعرت أنها تواسيها عما لحق بها وبشعبها وحضارتها من ويلات وانكسارات، وعما يدور في البلاد من حولها من معارك وانتهاكات، فأطلقت على هذه القرية اسم "غبارا = المواسية" لهذا السبب. وظل هذا الاسم هو اسم هذه القرية الوحيد لأكثر من 1300 عام، أي إلى منتصف القرن الثالث للميلاد، حين أخذ اليهود يطلقون عليها اسم "عـَراف" (ערב)، وبه ذكرت في التلمود في سياق عرضه لسِـيَر وحكم الصّّدّيقين اليهود الذين سكنوا في محيط القرية ونـُسبوا إليها. وليس لدي أي تفسير منطقي لهذه النقلة الغريبة من "غبارا" إلى "عراف" (أو لنقـُل، لهذا التزوير الاعتباطي لاسمها)، ولكن يكفي أن نشير هنا إلى حقيقة اعترَفَ بها حتى الحاخامات المفسرين للتلمود منذ القرن الحادي عشر للميلاد وحتى هذا اليوم، ألا وهي أن التلمود (ومعظمه مؤلف باللهجة الغربية من اللغة الآرامية) مليء بالمتناقضات، والعبارات غير دقيقة المعنى، والأسماء المحرفة، وكلمات آرامية ويونانية وفارسية مبهمة الصيغة وغامضة المدلول، وخصوصاً الكلمات التي تشير إلى أشخاص وأماكن غير يهودية.

في بداية هذه الفترة، أي منذ منتصف القرن الثالث للميلاد، كان الاسمان "غبارا" و"عراف" يُستعملان معا وفي نفس الوقت، وقد تم مؤخراً الكشف عن قبرين لرجلين في المقبرة اليهودية "بيت شعاريم" (بالقرب من قرية طبعون) يعودان إلى نهاية القرن الثالث للميلاد، مكتوب عليهما اسم عرابة بالصيغتين "غبارا" و"عراف" معاً، والأرجح أن هذين الرجلين كانا من نسل الصديق حنينا بن دوسا الذي يُنسَب إلى عرابة، فنـُسبا إليها لهذا السبب على الرغم من أنهما لم يسكنا فيها. هذا الخلط بين الاسمين تحول مع مرور الوقت إلى الخلط بين "غبارا" و"عرابا" حيث لـُفظ الاسم الثاني بصيغة الأول خطأً. وبعد أكثر من قرنين من هذا الخلط تغير الاسم الأول ليقترب من صيغة الاسم الثاني، فأصبحت ألسن الناطقين تخلط بين "عرابا" و"غرابا" وبهذا تغير ترتيب الأحرف في الاسم الأصلي من "غ - ب – ر" إلى "غ – ر – ب)، وهذا ما وجده العرب المسلمون حين قدموا إلى المنطقة في منتصف القرن السابع وأصبحت لغتهم العربية هي السائدة، فقرّبوا تدريجياً أسماء البلدات والأماكن إلى أقرب الكلمات إليها في اللغة العربية، فاستـُبدلت الـ "غ" بـ "ع"، وكـُرّرَت الراء بالشدة، واستـُبدلت ألف التأنيث الآرامية بتاء التأنيث العربية لتتحول "غرابا" إلى "عرّابة". واستبدال الـ "غ" الآرامية بالـ "ع" العربية شائع في أسماء القرى في إسرائيل، فعرابة جنين أصلها الآرامي "غرابيت" (ذات الخير والبركة)، و"غيناتا" (أي قرية الجنائن أو الحدائق) تحولت إلى "جنـَاتا" في لبنان و"عناتا" في إسرائيل(في بعض التفسيرات على الأقل). إلا أن أثر الاسم الآرامي القديم ظل موجوداً (من خلال حرف الغين) في اسم عرابة حتى وقت متأخر جدا، فالحافظ بن حِجـْر العسقلاني الذي توفي عام 1455 م ذكرها في كتابه "إنباء الغمر بأنباء العمر" باسم "غـرّابة"، ونسب إليها "محمود الصفدي الغـَرّابي، نسبة إلى غـَرّابة - بفتح المعجمة وتشديد الراء ثم موحدة - من قرى صفد ـ اشتغل بدمشق على الشيخين تاج الدين المراكشي والفخر المصري، وفضل وتنزل بالمدارس بدمشق ثم رجع إلى صفد فأقام بها يُدرس إلى أن مات بها في صفر عام 785 هـ."وعبد الحي بن العماد الحنلي الدمشقي، الذي توفي عام 1692 ."