التعليم - عَرَّابَة - قضاء جنين


 
عرابة ومسيرة التربية والتعليم
 
البدايات الأولى للتعليم (الكتاتيب ) :
 
كان البيت-وما زال- المدرسة الأولى للطفل الناشئ ، ولربما كان البيت مدرسته شبه الوحيدة أيام العهد العثماني ، فلم تكن هناك مدارس في عرابة يتلقى الصغار فيها تعليمهم ، ولأن الذين كانوا يقرأون ويكتبون ( يفكّون الخطّ) معدودين على أصابع اليد نشأ الصغار أميين ( وهل تلد الأمَةُ إلا عبيداً !؟) ، ولكنّ المساجد ودور العبادة في البلدة كانت الملاذ الوحيد الذي كان يلجأ إليه الصغار وليس كل الصغار ، فقد كان جلّ الصبيّان منذ نعومة أظفارهم يرافقون آباءهم في أعمالهم في الزراعة أو الرعي أو الحراثة أو النجارة أو .. ، ولمن أسعفه الحظّ منهم كان يتوجه إلى (المسجد الشمالي) ليتلقى بعض التعليم الذي كان محصوراً في مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية الشريفة ، وهو ما يسمّى بـ (الكتاتيب) ، ففي صحن المسجد الشمالي وتحت رماناته كان الأطفال يتحلقون حول الشيخ المرحوم عبدالله السّليمان –رحمه الله- ليلقنهم شيئاً من الفقه ، أو حفظ قصار السور ، وبعض الأناشيد التعليمية ، وكانت (الخيزرانة)أو(مطاريق الرمان) أثناء ذلك تلوح فوق رؤوسهم ، والويلُ كلُّ الويل لمنْ تُحدثه نفسه بالهرب من (الكتّاب) إذ ستكون عاقبته (الفَلَقَة) ، أما رسوم الكتّاب فكانت (شلناً) كل شهر ، ومن لم يجد فعليه إحضار شيء من الدقيق أو الخبز أو البيض أو الحطب ... وكان في البلدة (كُتّاب) آخر للشيخ محمد الخالدي وهو والد الشيخ صادق الخالدي –رحمهما الله تعالى- وقد كان كُتّابهما وسط البلدة بالقرب من جامع أبو جوهر .
 
المدرسة الابتدائية الأولى
 
بدأ التعليم الابتدائي الحكومي في عرابه في أوائل عهد الانتداب البريطاني لفلسطين ، فقد كان في مبنىً مستأجر هو دار (رؤوف عبدالهادي) وكانت الدراسة فيها أولية لا تتجاوز أربعة أعوام دراسية ، حيث كان يُعنى بتدريس مبادئ القراءة والكتابة ، ومبادئ الحساب ، والتاريخ ودروس الطبيعة (العلوم) ، وكانت مدرسة عرابة الابتدائية للبنين أو (المدرسة الأميرية للبنين ) التي تأسست سنة 1927م أول مدرسة تأسست في عرابة منذ تاريخها .
 
وكان مبنى المدرسة يضيق بأعداد الأطفال المتزايد، فكان لا بدّ من استئجار المزيد من الغرف الصفية (العقود الطينية القديمة)موزعة حيثما توفّر ذلك في أنحاء البلدة ، أما الأثاث الصفيّ للطلاب فكان مقاعد(طاولات) خشبية يُحشر فيها ثلاثة طلاب وربما أكثر ،وفي كل مقعد خرقان صغيران لتثبيت زجاجتي الحبر فيهما .والتعليم آنذاك كان مجانياً لكنه لم يكن إلزامياً ، ولذا فقد تسرب الكثير من الصغار أو لم يذهب مطلقاً إلى المدرسة إمّا لجهل وقلة وعي الأهالي أو لحاجة الأسرة الفقيرة التي كان يعمل الجميع فيها من كبير وصغير وذكر وأنثى لتأمين لقمة العيش الصعبة ، مما أدّى إلى حرمان بعضهم حقّ التعلم .
 
واستمر تصاعد المراحل التعليمية سنة بعد سنة حتى وصلتْ إلى الصف السابع الابتدائي في الأربعينات من القرن العشرين ، أمّا التعليم الثانوي فلم يكن متاحاً إلا في المدن ، وكان القليل من أبناء عرابة يتابعون دراستهم الثانوية هناك ،حيث يُروى أن ستة طلبة فقط من أبناء عرابة أكملوا دراستهم الثانوية في مدرسة جنين الثانوية وذلك عام 1948م ، حيث اجتاز الطلبة الستة هذه المرحلة وتقدموا إلى امتحان (شهادة الاجتياز إلى التعليم العالي الفلسطيني) المسماة (مترك فلسطين) .أي أن التعليم في عهد الانتداب البريطاني كان في مرحلتين :أولاهما : المرحلة الابتدائية من سبع سنوات تبدأ بالأول الابتدائي وتنتهي بالسابع الابتدائي وكانت هذه المرحلة متوفرة في عرابة ، وثانيهما: المرحلة الثانوية من أربع سنوات ،وهذه المرحلة لم تكن متاحة إلا في مدينة جنين .
 
وكان على الطالب المجدّ الذي يسعى إلى إكمال دراسته الثانوية في جنين أن يتكبدَ عناء السفر اليوميّ إمّا سيراً على الأقدام وإمّا بما يتوفر من دابّة أو سيارة على شحّها بمصاريف باهظة لم تكن بمقدور الكثير من الأهالي .
 
أمّا تعليم البنات فقد كان الاهتمام به ضعيفاً ، وقد تأخر ذهابهن إلى المدرسة ، ولعل العادات والتقاليد ببقاء البنت في بيتها من جهة والفقر الطاغي وضعف الإمكانيات من جهة أخرى جعلا تعليم البنات من الأولويات المتأخرة ، ولكنه في عام 1943م تمّ افتتاح أول مدرسة للبنات في مبنىً مستأجر ، وللصف الأول والثاني الابتدائيين فقط .

 
المدرسة الثانوية بعد النكبة
 
وبعد النكبة التي عصفت بالشعب الفلسطيني ، أيقن الناس أنّ سلاح العلم أصبح مطلباً أكثر إلحاحاً ، فتوجّه الناس للحكومة الأردنية آنذاك بطلبات متكررة لإنشاء مدرسة ثانوية في البلدة ، وبعد جهدٍ متواصل وتعاونٍ فاعل بين الأهالي في جمع التبرعات لبناء غرف إضافية ، تمّ الارتقاء بمراحل التعليم حتى اكتملت فيها مراحل التعليم الثانوي .وبعد عام 1967م ازداد الوعي لدى الجميع بضرورة تعليم أبنائهم مهما كلف ذلك من ثمن ، حيث لم يقف الحدّ عند نهاية المرحلة الثانوية ، بل أصبحنا نرى أبناء عرابة يلتحقون بالكليات داخل الوطن وخارجه ، وأصبح كثير منهم من حملة الشهادات الجامعية العليا ، فمنذ مطلع السبعينيات والتعليم الجامعي أصبح الهدف الأسمى .

 
المدارس في عرابة
 
ومع توالي السنون وازدياد عدد سكان عرابه كان لا بدّ من توسعة المدارس المقامة ، وبناء غرف صفية جديدة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة ، وخاصة بعد أن أصبح التعليم مجانياً وإلزامياً لعشر سنوات هي مرحلة التعليم الأساسي من الصف الأول وحتى العاشر الأساسي . والآن ونحن في بدايات القرن الواحد والعشرين نجد في عرابة سبعة مدارس : ستة منها حكومية وواحدة تابعة لوكالة الغوث ، وهي على النحو التالي :
 1- 
مدرسة عرابة الأساسية للبنين
 2- 
مدرسة الشهيد أبو جهاد الثانوية للبنين (مدرسة عرابة الثانوية للبنين)سابقاً
 3- 
مدرسة أم عمارة الأساسية للبنات : تأسست سنة 1976م
 4- 
مدرسة الشهيد أبو علي مصطفى الأساسية المختلطة : وقد تمّ تأسيسها سنة 2003م ،
 5- 
مدرسة عرابة الثانوية للبنات : وهي امتداد لمدرستي أم عمارة والشهيد أبو علي مصطفى من حيث المراحل التعليمية ، رغم أنها تأسست سنة 1964 م
 6- 
مدرسة بنات عرابة الأساسية التابعة لوكالة الغوث : وقد تمّ تأسيسها سنة 1990م
 7- 
مدرسة الشهيد أحمد ياسين الابتدائية للبنين
 
بدأ التعليم الثانوي في عرابة بعد عام 1948م ، وعاماً بعد عام اكتملت مراحل التعليم الثانوية ، وأصبحت هذه المدرسة تضم المرحلة الأساسية العليا : من الصف السابع الأساسي وحتى الصف العاشر الأساسي ، والمرحلة الثانوية : الأول الثانوي الأدبي والثاني الثانوي الأدبي ، أما الفرع العلمي فلم يكن متاحاً حتى أواخر السبعينيات ، إذ كان على الطالب الذي يرغب بمتابعة دراسته في الفرع العلمي قبل ذلك الوقت الذهاب إلى إحدى مدارس جنين ، ولتخفيف عبء السفر وتزايد أعداد الطلبة ورغبة الأهالي في تطوير المدرسة تمّ افتتاح الفرع العلمي في المدرسة ، وفي العام الدراسي 2001/2002م تمّ افتتاح فرع مهني (الفرع التجاري) ، فأصبحت المدرسة تضم الآن الفرع العلمي والأدبي والتجاري .أما الشُعب الصفية فابتدأت بشعبة واحدة لكل صف دراسي ، ولكنه ومع التزايد المضطرد في أعداد الطلاب تمّ تشعيب الصف الواحد إلى شعبتين ، حتى وصل الآن إلى ثلاث شعب للصف الواحد.
 
وتستقبل المدرسة في المرحلة الثانوية طلبة القرى والتجمعات السكنية القريبة من عرابة ، كفحمة ، وفحمة الجديدة ، ومركة ،وبير الباشا ، والمنصورة
 .