المرأة في القرية - لُوبِيَا/ لُوبِيَة - قضاء طبريا

أما المرأة فكانت تقضي النّهار كلّه منذ الفجر حتّى إلى ما بعد العشاء في العمل؛ كانت تصحو مع الفجر لتحلب البقر والغنم والماعز، وتغلي الحليب وتروب ما يبقى منه بعد استهلاك الأسرة اليومي، ثم تقوم بخبز العجين في الطابون، ويقوم الأطفال بتسريح الدواب، أي إرسالها إلى المراح حيث تتجمع دواب الحمولة، ثم يسوقها الرّاعي إلى المراعي ليعود بها عند الغروب، فتقوم صغار الدواب باستقبال أمهاتها راكضة كل منها يبحث عن أمه بين القطيع العائد من المرعى تصدر أصواتا كأنّها نداءات وترحيب، تهز بأذيالها طرباً؛ ولدى التقاء الأمهات مع صغارها يهرع الصغير إلى ضرع أمه يهز ذنبه في حين تقوم الأم بلحس صغيرها وكأنّها تقبّله؛ ثم تأتي النّسوة فيحلبن ما يفيض عن حاجة الصغار، وهكذا فإن عملية الحلب هذه تتم مرتين في اليوم؛ وبعد إنجاز عملية الخبز في الصباح وإعداد زوادة الحراثين أو الحصادين والغمارات وبقية العمّال، تذهب المرأة إلى البئر لإحضار الماء، وكان لكل أسرة بئر خاصة بها؛ وكانت بعض النّسوة تعمل مع الحصادين في جمع ما يحصدون في أكوام يسمى الواحد منها غمار، ولهذا يطلق على هؤلاء النّسوة غمّار، وبقية النّسوة يتابعن عملهن في البيت من تكنيس وتنظيف، وخض الحليب لاستخراج الزبدة، وعمل السمن من الزبدة، وعمل لبن الكيس من الشنينة، والشنينة هي المادة المتبقية من الحليب بعد استخراج الزبدة منه؛ وتستخدم الشنينة شراباً للحراثين والحصادين خصوصا لما لها من فوائد جمّة أهمها أنّها تحمي الحصادين والعمّال من ضربة الشّمس، وتهدئ الأعصاب؛ وتقوم النّسوة كذلك بعمليات السليقة وإعداد البرغل والسميدة الناعمة وإعداد الطعام وغير ذلك؛ فالمرأة كالنحلة لا تتوقف عن العمل منذ الفجر حتّى يسدل الليل بستائره على الدنيا؛ كانت المرأة اللوبانية كغيرها من نساء القرى الفلسطينيّة والعربيّة عموما تعمل جنبا إلى جنب مع الّرجل في الحقل والبيدر دون حرج أو أي مساس بالأخلاق؛ بل كانت الشهامة والشرف والسمعة الطيبة هي عنوان المرأة والرّجل على حد سواء، فمعظم الناس أقارب أو أنسباء كل منهم يحافظ على سمعته وسمعة غيره