قرى الكرسي / الكراسي
شكلت القصور والقلاع والبيوت الفخمة في القرن التاسع عشر علامة مميزة في التاريخ الفلسطيني، ومن المعتقد أن مجموع قرى الكراسي بلغ 28 قرية وقيل أكثر من ذلك وقيل أقل، ونحن في موسوعة القرى الفلسطينية اعتمدنا العدد 28 قرية، تقف على رأس كل قرية منها عائلة ذات جاه وتاريخ استطاعت بسط نفوذها على عدد من القرى المحيطة من خلال رجل تمتع بجاه سميّ "شيخ القرية " أو "شيخ الناحية".
من هنا جاء مسمّى مسار قرى الكراسي أو الكرسي
كان الشيخ يتمتع بمكانة سياسية واجتماعية، وهو الذي يجمع الضرائب نيابة عن الحكومة العثمانية المركزية. فحاز الشيوخ على قوة وثروة كبيرتين، الأمر الذي انعكس على طريقة معيشتهم وعلى عمارة قصورهم وقراهم.
وعلى الرغم من أن قصورهم مشيدة في المناطق الريفية والقروية، فإن أسلوب عمارتها فريد، وفخامتها تعكس أسلوبا مدنيا، من حيث الحجم والترتيب والمساحة والزخرفات.
وكانت المنطقة الممتدة على الجبال الوسطى في فلسطين، وهي مناطق حكم قرى الكراسي، تشتهر بالزراعة بوجه عام، بأشجار الزيتون والتين والعنب واللوز وغيرها، وهناك مناطق أخرى كانت تزرع بالحبوب المختلفة، وكان للسكان بعض النشاطات التجارية المحدودة.
وكان مطلوبا من دار المشيخة جمع الضرائب من المزارعين والتجار، وتوفير الأمن للسكان، وتوفير عسكر للدولة العثمانية في حال احتاجت إلى ذلك كون المنطقة الفلسطينية لم تكن فيها قوات عسكرية منظمة.
وكان هناك شيوخ قبائل تتصرف بالضرائب، بإعطاء قسم منها للدولة العثمانية، وآخر يبقونه لأنفسهم ليقووا نفوذهم وسيطرتهم في مناطقهم. وكانت أعداد هذه القرى تزيد وتنقص بحسب النفوذ الممتد للعائلات وسيطرتها على قرى أخرى أو استقلال قرى عن غيرها.
وكانت قرى الكراسي في فلسطين تحكم بطريقتين، الأولى بالتوريث من الأب لابنه، والثانية عن طريق نتائج الصراعات التي تحتدم بين العشائر المختلفة، أو أفراد العشيرة نفسها، وهذا واضح من خلال انتقال الحكم من فرد إلى آخر سواء في العشيرة ذاتها أو من عشيرة إلى أخرى على مر حكمها.
وتوقفت ظاهرة قرى الكراسي مع بدايات القرن العشرين، مع بدء الثورات الفلسطينية. ومع بداية الاحتلال "الإسرائيلي" دمر مجموعة من القلاع والبيوت الأثرية في قرى واستخدمها الاحتلال لتحركاته العسكرية.
واليوم تشهد قرى الكراسي إهمالا بوجه عام لأن سكان قرى الكراسي معظمهم هاجروا خارج فلسطين تجاه الدول الخليجية أو الأوروبية والأمريكية أو تجاه مدينة رام الله، وهو ما سبب إهمالا لمبانيها.
أدرجت قرى الكراسي أخيرا على قائمة التراث الإسلامي لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو".