التعليم - البيرة - قضاء رام الله

لقد أدرك سكان مدينة البيرة ورام الله أهمية التعليم منذ القدم، حيث أنشئت الكتاتيب لتعليم القراءة والكتابة والقرآن الكريم وأصول الدين، وظلّ الحال هكذا حتى قامت الدولة العثمانية ببناء مدرسة واسعة عام 1913م ولا تزال غرف هذه المدرسة قائمة، 

ولكنَّ التعليم توقّف فيها وفي غيرها من المدارس خلال الحرب العالمية الأولى، وكانت تعتبر مدرسة قروية، تدرِّس حتى الصف الثالث الابتدائي. وفي عهد الانتداب البريطاني توسعت المدرسة، ففي السنة المدرسية 1931-1932م تمّ رفع مستواها إلى مدرسة مدينية، وفتحت فيها صفوف الرابع والخامس الابتدائية، وفي السنة المدرسية 1936-1937م أصبحت مدرسة ابتدائية كاملة (حتى الصف السابع)، ثمَّ اتسعت وزاد عدد طلابها الملتحقين فيها من أبناء البيرة وأبناء القرى المجاورة فارتقت لمدرسة ثانوية.

وإلى جانب المدرسة الأميرية، أنشأت جمعية الكويكرز (الفرندز) في أواخر العهد العثماني مدرسة للذكور في البيرة بعد سنوات من تأسيسهم لمدرسة للبنات في رام الله، وقد قاموا بذلك بناءً على طلب من سكاّن البيرة، وكان يدرس فيها تلاميذ من رام الله والبيرة والقضاء. وتأسست في البيرة أوَّل مدرسة حكومية للبنات سنة 1935م، وكانت حتّى الصف الخامس. وأنشأت الجمعية الصلاحية في القدس، والتي أسسها ورئسها القيادي الفلسطيني أحمد حلمي عبد الباقي باشا، معهداً تعليمياً في البيرة دعي باسم “معهد أبناء الأمّة”. وخصِّص المعهد لإيواء وتعليم أبناء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن فلسطين.

يورد حمّاد في كتابه شيئاً عن ذكرياته في المدرسة الأميرية الابتدائية التي دخلها في أوائل العشرينيات من القرن الماضي، فيتحدّث عن أنَّ الطلاب الصغار لم يكونوا يرون معلميهم كثيراً، بل كان العرفاء، وهم الطلاب النجباء من الصفوف العليا، هم غالباً من كانوا يقومون بمهمة التدريس، إذ كانوا يرددون أمام التلاميذ الصغار ما كان يكتبه المعلِّم على اللوح. وذكر حمّاد أنَّ الضرب بالعصا على أسفل القدمين (الفلقة) كان شائعاً في المدرسة، فكان التلميذ يُضرب لأتفه الأسباب، ويذكر حمّاد شيئاً عن شخصية المعلِّم الذي علّمه اللغة الإنجليزية، والذي كان يطلب من التلاميذ تزويده بالأصناف المختلفة من الفاكهة، ويستذكر أنَّ هذا المعلِّم كان يقول لهم “من يأكل عدس يحفظ”، وحين يرفع التلاميذ أيديهم يأمرهم بأن يرسلوا العدس إلى زوجته في البيت. كما يقول حمّاد إنَّ التلاميذ في المدرسة كانوا ينقسمون إلى فريقين، فريق القيس وفريق اليمن، ويتعاركون بينهم تبعاً لهذا التقسيم.

أمّا خليل السكاكيني، فقد كتب في رسالة مؤرخة في 3 آذار 1932م، لولده سري في الولايات المتحدة الأمريكية، يقول: “الآن الساعة الرابعة بعد الظهر، رجعت من رام الله وقد ذهبت إليها في الصباح ففتشت بعض صفوف مدرسة البيرة، وبعض صفوف مدرسة رام الله نفسها، وأنا ماشٍ من مدرسة البيرة إلى مدرسة رام الله مرّت أمامي فرق مدرسة الفرندز للصبيان الواحدة بعد الأخرى، مكشوفي الرؤوس، وعلى كل فرقة عريفها الذي يدربها على المشي المنظم وسائر الحركات الرياضية، فما حاذتني فرقة إلاّ حيّيتُها وحيّتني، الأجسام عالية، الصدور واسعة، العضلات مكتنزة، والوجوه مشرقة صحةّ وشباباً، فخفق قلبي في صدري شوقاً إليك”.

وقد دوَّن سالم الزعرور في دفتر يومياته خبرين عن مدرسة البيرة أولهما يوم الثلاثاء 1 نيسان 1941م، حيث ذكر أنّه حضر في المدرسة حفلة شاي دعا لها رئيسها، وحضرها حاكم اللواء كيث روش ومساعده كورنز ومدير المعارف ومساعده، كما حضرها ما لا يقل عن خمسين مختاراً من مخاتير القضاء. أمّا الخبر الثاني، فقد ذكره في يومية الأربعاء 21 أيّار 1941م، ويتعلق باجتماع عقد في بلدية رام الله مع جميع وجهائها، وحضره القائم مقام جميل التاجي، الذي طلب من الوجهاء مساعدة مالية من أجل الحفلة الرياضية التي ستقام بمدرسة البيرة، وطلب من أهل رام الله سبعة جنيهات. ويقول الزعرور إنَّه تبرع بجنيهٍ واحدٍ، بينما تبرَّع كلُّ واحدٍ من باقي الحاضرين، وكانوا ثلاثةً وعشرين شخصاً، بقيمة 25 قرشاً، عدا جريس سلامة وأسعد سمعان، حيث دفع الواحد منهما نصف جنيه. ويورد الزعرور أنّه حضر حفلة مدرسة البيرة هذه يوم السبت 14 حزيران 1941م.

وتمثل جزءاً من المدرسة الهاشمية الثانوية حتى عام 1984م، ثم أسست مدرسة الفرندز عام 1912 وباشرت التعليم عام 1919م وكانت مدرسة متميزة، لاقت نجاحاً منقطع النظير وأصبحت محط أنظار الطلاب من أنحاء فلسطين وشرق الأردن. ثم أسّست مدرسة البيرة الثانوية في الوقت الحاضر، وهناك العديد من المدارس أهمها:

• المدارس الحكومية، وتضم خمس مدارس: ثلاث للبنين، واثنتان للبنات.

• مدارس وكالة الغوث، وتضم خمس مدارس أيضاً.

وكان التعليم في رام الله، أول الأمر في المساجد، حيث يتلقى الطلاب العلوم الدينية، واستمرّ الحال حتى عام 1846م؛ عندما حضر مبشر من طائفة البروتستانت اسمه صموئيل غوبات وأسس خمس مدارس إحداها في رام الله، وهي مدرسة تبشيرية؛ بينما كانت الأولى الأرثوذكسية مدرسة وطنية، وظلّت مدرسة غوبات مفتوحة حتى قبل الحرب العالمية الأولى. وفي سنة 1857قدم اللاتين إلى رام الله، وافتتحوا لهم مدرسة لم تعمر طويلاً. وكان للمدارس السابقة طقوس طائفية.

أما عن مدارس الإناث؛ فقد أسست جماعة الفرندز في عام 1889م أول مدرسة من نوعها للإناث في رام الله. والأولى من نوعها في فلسطين، وكان افتتاح هذه المدرسة حافزاً للروم الأرثوذكس لإنشاء مدرسة للبنات، وحذا حذوهم اللاتين، وفي عام 1901 افتتح الفرندز مدرسة البنين في رام الله.

أما الآن ففي رام الله ثلاث مدارس حكومية للذكور، ومدرستان للإناث. وبعد عام 1950م افتتحت بعض المعاهد، مثل: معهد المعلمات الحكومي ،وألحق به مدرسة للتطبيقات والتجارب التربوية، والتعليم فيها مختلط، ولوكالة الغوث أربع مدارس للذكور، ومدرستان للإناث في رام الله. كما يتبع وكالة الغوث مركز لتدريب المعلمين والفتيات، وهناك سبع مدارس خاصة مختلطة، وثلاث مدارس خاصة للإناث، وواحدة للذكور، ودار لرعاية الأحداث، وكلية بيرزيت التي تحوّلت إلى جامعة، وتعتبر من أهم الجامعات الفلسطينية.

كما أن مدينة رام الله تعتبر مركزاً للنشاط الثقافي في الضفة الغربية، إذ تمتلئ بالمسارح ودور السينما والمراكز الثقافية، وفيها المعهد الوطني للموسيقى ومجموعة كبيرة من المنتديات الثقافية.