القرية بين عامي 1949-1967 - النُقَيّبْ/ النَقِيّبْ/ عرب الرقيبات/النقيب العربية/ قرى المناطق المجردة من السلاح - قضاء طبريا

دمرت القرية عقب مغادرة أهلها منها بشهرين تقريباً، وعلى الأرجح أن ذلك حدث في شهر أيار/مايو 1948، حيث شاهد أهل القرية في أماكن لجوئهم كيف نسفت قريتهم بشكل كامل ولم يبقَ منها أي أثر.

بقي أهل قرية النقيب مهجرين في البلدات السورية المجاورة لقريتهم النقيب، حتى شهر تموز/يوليو 1949،  وعقب توقيع اتفاقية الهدنة بين سورية وحكومة الاحتلال وقعت أرض النقيب ضمن أراضي المنطقة المجردة من السلاح، وبذلك تم إعادة أهل قرية النقيب لقريتهم المدمرة منذ احتلالها.

عقب عودتهم قام أهل القرية ببناء المنازل من اللبن والطين في موقع قريب من موقع القرية المدمرة المنسوفة، طبعاً على أراضيهم الخاصة، عُرِفت باسم النقيب العربية تمييزاً لها عن مستعمرة عين جيف والتي شاع اسمها النقيب اليهودية، وفي السنوات اللاحقة والتي امتدت حتى 11حزيران/يونيو 1967 عاش أهل قرية النقيب أوضاعاً صعبة إلى حدٍ ما، فمن ناحية عانى سكان القرية ما عانوه من مضايقات واستفزازات من الجانب الإسرائيلي، هذا بالإضافة للمعارك المستمرة وشبه اليومية بين جيش الاحتلال والجيش السوري، وفيما يلي تفاصيل الحياة اليومية التي عاشها أبناء القرية خلال تلك السنوات كما ذكرها الحاج "عبد الحميد الرقيبات" والحاج "مولود الرقيبات":

أولاً: الحياة الاقتصادية

    الزراعة: عودة أهل القرية إليها عادوا لممارسة النشاط الزراعي كما كان حالهم قبل النكبة، باستثناء تطور بعض الأدوات الزراعية فقط اشترى أهل القرية خمس مضخات للمياه، وأربع جرارات زراعية كانت ملكاً خاصاً لأهل القرية، اشتروها من مدينة دمشق، وقد استعانوا فيها في ممارسة عملهم الزراعي، وعلى الرغم من قلة مصادر المياه التي تحكمت فيها سلطات الاحتلال، وضيق المساحة المزروعة عقب احتلال مساحة كبيرة منها من قبل مستعمرة عين جيف، فقد غرس أهل القرية تقريباً ذات المحاصيل التي كانوا يزرعونها قبل النكبة، تلك المحاصيل كانت بغرض تأمين حاجتهم الاستهلاكية والفائض القليل منها كان يباع في القرى والبلدات السورية المجاورة.

    تربية الماشية: دمرت منازل القرية بالكامل عقب مغادرة أهلها منها في آذار/ مارس1948، عند مغادرة أهل القرية لها في أيار 1948 قاموا بترحيل جميع ممتلكاتهم من المواشي والحيوانات، وعقب عودتهم للقرية عام 1949 استأنفوا عملهم القديم برعي الماشية والإفادة من منتوجاتها.

أما الأمر الجديد الذي طرأ على القرية بعد العودة، فهو أن قام عدد من أهل القرية بشراء قوارب وشباك صيد الأسماك وذلك عام 1951، قاموا بشرائها من سورية، وكذلك استقدموا صيادين للعمل في صيد السمك من بحيرة طبرية مقابل أجر مادي، عقب ذلك كانت الثروة السمكية المُصْطَادة، تباع في أسواق قرى الجولان السوري وفي أحيان أخرى كانت تباع لتجار من مدينة دمشق.

    التجارة: بالطبع تأثرت النقيب بما جرى من أحداث في ما جاورها من بلدات وقرى فلسطينية، وبعد أن كان الاعتماد الأساسي على بلدة سمخ في تأمين الحاجات الاستهلاكية وبيع الفائض من المحاصيل، تحول الاعتماد إلى البلدات السورية في الجولان عقب احتلال سمخ وطرد أهلها العرب منها، وبالتالي أيضاً تأثرت حركة البيع والشراء المعتادة قبل النكبة.

    طبعاً بالإضافة لذلك كانت وكالة الغوث تقدم معونات غذائية ومادية لأهل القرية بشكل دائم، وهذا أيضاً شكل مورداً معيشياً لأبناء القرية.

ثانياً: التعليم

عقب عودة أهل القرية إليها في عام 1949 قامت منظمة الأمم المتحدة ووكالة الغوث (الأونروا)، بوضع شادر وعينت مدرس بات يعلم أبناء القرية صف دراسي واحد فقط، كان التعليم لأبناء القرية الذكور والإناث، بعد هذه المرحلة ينتقل أبناء القرية لمدارس إحدى القرى السورية المجاورة.

وفي العام 1951، قامت وكالة الغوث ببناء مدرسة ابتدائية في الأراضي الممتدة ما بين قرية النقيب والأراضي السورية، كانت مخصصة لتعليم أبناء القرية والقرى الفلسطينية المهجرة اللاجئين في القرى السورية القريبة من النقيب، تلك المدرسة كانت مبنية من الإسمنت، عينت وكالة الغوث مدرسين لهذه المدرسة، التي كان يتعلم فيها أبناء القرى المهجرة حتى الصف الخامس الابتدائي، ذكوراً وإناث على حدٍ سواء، وبعد أن يتم الطالب الصف الخامس الابتدائي كان يتابع تحصيله العلمي في إحدى المدارس الموجودة في قرى الجولان السوري والمسؤولة عنها وزارة التربية السورية.

الجدير ذكره أنه في تلك السنوات أقبل أهل القرية على العلم بشكل كبير، ذكوراً وإناث، ومنهم من تابع تحصيله الجامعي أيضاً، وعن بنات القرية الذين تابعوا تحصيلهم الدراسي بعد الصف الأول الابتدائي هنَّ السيدات التالية أسماءهم:

طريفة، خيرية، عائشة، حسنية، حفيظة بنات الشيخ خالد الرقيبات.

استمر التعليم في النقيب بهذا الشكل حتى عام 1967.

ثالثاً: الوضع الصحي

كانت وكالة الغوث مسؤولة عن الواقع الصحي في القرية والقرى المجردة من السلاح، وكانت ترسل عيادة طبية متنقلة بشكل أسبوعي (مرة أو مرتين) بالأسبوع، هذه العيادة كانت تعاين الأمراض وتقدم الدواء للمرضى، واستمر الحال هكذا حتى عام 1967.

رابعاً: الواقع الإداري

صنفت أراضي النقيب من بين أراضي المنطقة المجردة من السلاح المتفق عليها في اتفاقيات الهدنة، وبذلك فقد كانت القرية وغيرها من القرى المجردة، صورياً لا تخضع لحكم أياً من الجانبين السوري أو "الإسرائيلي"، ولكن فعلياً القرية كما حال القرى المجردة، تعرضت لمضايقات وحرمان من حربة الحركة من الجانب "الإسرائيلي"، ولكن بقي الشيخ خالد الرقيبات، الذي كان مختاراً للقرية قبل النكبة، بقي برفقة عدد من وجهاء القرية ممثلين عن القرية أما الجهات الرسمية والهيئات الدولية، حتى عام1967. وبعد طرد سكان المناطق المجردة، بقي أهل النقيب فيها، واستمرت وكالة الغوث تقدم لهم المساعدات وتعاملهم كمعاملة اللاجئين عام 1948، واستمر حالهم هكذا إلى أن وقعت حرب حزيران عام 1967، واضطر أبناء النقيب مغادرة قريتهم عقب احتلال الجولان السوري ومدينة القنيطرة.