حكاية موجعة للاجئ من الشيخ مونس سلبت ارضه ليقام فوقها مطار وجامعة
إطلاق رصاص اصوات تفجيرات، طفل يبكي مع والدته، ومناظر محزنة للهجرة واللجوء، واغراض منزل بقيت فيه كما هي...هي على امل الرجوع، لكن لا رجوع حصل حتى الان منذ قرابة 71 عاما، فقرية الشيخ مونس تحولت من قرية جميلة، الى جامعة "تل ابيب" الان ونحن في عام 2019، في الوقت الذي كانت فيه عام 1948 عبارة عن اجمل القرى بحقول ومزارع واحراش طبيعية.
هذا ما يقوله جبر امين محبوبة ( 83 عاما) من مدينة سلفيت، والذي اضطر تحت تهديد القتل والمجازر الجماعية وقصف القرى والمدن الى ترك قريته الشيخ مونس- آخر من غادر ومعه المفتاح والكواشين وما زالت معه حتى الان - ويسافر الى مدينة سلفيت، التي نصحهه احد الاصدقاء بالسفر لها كونها بلدة ريفية، وبحاجة لمزارعين اكفاء في وقتها، وقت نكبة ال 48.
يقول جبر "ابو الامين": قريت كانت على تلة مشرفة وتطل على البحر الابيض المتوسط وقرب مدينة يافا، وكانت تشتهر بحقول البرتقال وتمتاز بازدهار وبجمال بيوتها، وبعيشتها الهادئة الوادعة الى ان جاء اليهود".
وعن يوم هجرته وما يتذكره منه يقول ابو الامين: مشينا في دروب وعرة جدا حفاة من كل شيء تقريبا، فهناك نساء بأيديهن ومن خلفهن أطفال يبكون ويحملن على رؤسهن بعض الطعام والملابس،و كان الشيوخ العجز يسيرون بصعوبة وهم متكئون على أكتاف الشباب، فيما تم تحميل المرضى والمقعدين على الحمير والعربات او الخيل".
وتابع:" تركنا كل ما نملك خلفنا، حيث كنا نخشى مجزرة وشيكة كما حصل حولنا في القرى والمدن، والاحتلال ترك لنا جهة واحدة مفتوحة وابقى على ثلاث جهات مغلقة ومحاصرة وكل من يقترب يقتلونه، وهكذا وقعت مصيبة اللجوء".
وعن قوات الانتداب البريطاني وقتها يقول ابو الامين:" وقتها ضربت العصابات الصهيونية حصارا على القرية الصغيرة طيلة أسابيع لتجويع وترهيب أهاليها حتى تمت السيطرة عليها دون أن تتدخل قوات الانتداب البريطانية التي كانت تتفرج ما دام الامر لصالح قوات الاحتلال ولو تغير الوضع لتدخلوا وقتها.
ويتذكر ابو الامين كيف كان بعض المواطنين يبيعون ما لديهم وما يملكون لاجل شراء قطعة سلاح يدافعون فيها عن بلدهم ووطنهم، وانه كانت في احدى الحالات لا يسلمون من تجار السلاح الجشعين او الفاسدين الذين يبيعون بنادق تالفه لا تصلح للحرب".
ولا ينسى ابو الامين ذكريات الحصاد او جمع البرتقال وهو طفل صغير ويقول:" يا الله.. كم كانت جميلة تلك الايام، نصحو مع ساعات الفجر الاولى ونتهجة للبيارات من البرتقال او الحمضيات المختلفة، وكنا في سعادة ووضع مادي مريح، وكنا نعيش احلى ايام العمر في ارضنا دون منغصات الى ان جاءت العصابات الصهيونية وحل بنا ما حل.
ولحظة خروج عائلة ابو الامين من قريته على يد عصابات الهجاناة والارغون الصهيونية التي كانت تقتل بلا حساب او عقاب، توجه الى مدينة قلقيلية ومن ثم الى بلدة سلفيت، وفيها استقر وتزوج حتى وقتنا هذا.
ويشار الى انه وبحسب الموسوعة الفلسطينية فان قرية الشيخ مونس هي قرية عربية تقع على بعد 800 م شمالي نهر العوجا، وعلى بعد 2.5 كم من شاطىء البحر المتوسط، وقد عرفت بهذا الاسم نسبة إلى شيخ ورع دفن فيهاواحتل اليهود القرية عام 1948، ودمروها وأقاموا بجوارها مطاراً مدنياً، وجعلوها ضاحية من ضواحي تل أبيب. ([1])
ام عيسى ابو سرية (الشيخ مونس).. شاهدة على نكبة 1948
الموطن الاصلي: قرية الشيخ مونس/قضاء يافا
العمر:32 سنة يوم الرحيل
مكان الاقامة: مخيم عسكر الجديد/نابلس
كان عنا بيارة شجر فيها 41 دونم، ارض الزعفرانه 20 دونم في ارض العوجا ،عنا 18 دونم وفي العرقده 10 دونمات وفي العورة 8 دونمات، طلعنا والقمح اللي زرعناه وهو فريك، ما لقطناه، بيجي اكتر من تلاتين دونم مزروعات قمح، كنا معتاشين في ارضنا ومن ارضنا، بقينا عايشين بارضنا نزرع ونقلع قمح وخضرا، كنا من ارضنا معتاشين.
احنا واليهود كنا شعب واحد، احنا قضيتنا مع الانجليز، اللي كان ولي علينا هما الانجليز، هدول اليهود اللي كنا نتقاتل معاهم مش اللي كانو صحابنا، هدول اجو من بره، هاجانا اسمهم، الانجليز لما طلع سلمنا لليهود واليهود تولو علينا، طلعنا من بلدنا وهما يطخو علينا، اخدنا اولادنا الصغار وطلعنا، اليهود الغريبين هما اللي كاتالونا.
مكيناش عارفين انه بدنا نطلع ومنرجعش، قلنا بنبقى جمعه زمان وبنرجع، محملناش الكواشين تاعة الطابو، دفناهم بالارض، لانا راجعين بعد جمعه، الحفاية الجديدة تبعتي كانت كل ما تلبسني اياها بنتي اشلحها واقوللها ولك كلها جمعه زمان وبنعاود، طناجر النحاس كلهم دفناهم بالارض وأمنّاهم بالارض.
بكا في شباب بيجو مع الانجليز، يعني خون، بالمجنزرات، مغطين وجوههم يبقوا بالمجنزره، يأشرو على الشباب من اهل البلد اللي كاعدين بالقهوة، بيجو الانجليز يأخدوه ويحطوه بالمجنزره.
كل العيلة جينا، اللي ضل هناك صاروا يقتلوه، طلعنا من البلاد بس بأواعينا، بكينا نفكر حالنا بدنا نرجع، طلعنا والله ما قمنا حاجه، اخدنا اولادنا الصغار واطلعنا، كان ابني عمره ست سنين، طلعنا من بلادنا والطخ فوقنا، احنا شردنا واليهود يطخو علينا، نفدنا على قلقيلية وقعدنا هناك، جابولنا سياره وقعدنا بقلقيلية، صارو يطخو علينا واحنا بقلقيلية، كل واحد بشطارته يدبر حاله، سكنا في المغر، تلت سنين قعدنا في المغر، جينا ع سلفيت وبعديها ع نابلس، كنا بالمغاره عايشين احنا والحيايا والواويات، الحيايا تطل علينا، ويطلعلنا واوي بالليل، والله اللي شفناه ما واحد شافه، وهاي كانت عيشتنا.
ارجعت بعد تلاتين سنة، وروني بلدي، بقيت داري عمالي ببني فيها ومحطيتش فيها شبابيك لسه، صار فيها واحده يهودية عراقيه، قلت الها هاي دارنا، قالت لي عاليوم يا حبيبتي تعاودي ع داركم واعاود ع دارنا بالعراق، والله هالمخلوكه ظيفتنا مي ساكعه وكولا، من يومها مرحناش عبلادنا.
احنا لما طلعنا جينا ع جسر جلجوليا ومنها لقلقيليه، صارو اليهود يطخو ع قلقيلية، النار حمرا، شردنا من قلقيلية واجينا هون عنابلس، فش معانا مصاري نستأجر، قعدنا تلات سنين بالمغر، مشفناش يوم اللي نخرف عنه، اعطونا غرفه كنا خمسه سته في غرفه واحده، وبعدين صرنا لما هالولاد حد يشتغل نشتري شوية شمينتو نعمر حجر ورا حجر.
كثير ناس اتقتلو بيافا وكتير ناس ضاعت واتشردت، العالم صارو هلأ بالكويت والاردن، كان المهم انه نهرب من الطخ والقتل. والله لو كنا بنعرف انه ما في رجعه ما طلعت، انا لو ارضي بس شبر واحد بدي اياه ارجع اموت وانام فيه.
بعد النكسة نزلنا رحلة علا البلاد، لما نزلنا رحلة علابلاد وقفت ع شط يافا، وقفت قدام البحر وقلت: يا الله ما احلى بحر بلادنا، كان في واحد يهودي بصيد سمك، وسمعني وانا بحكي، بفهم عربي، قللي هاي مش بلادكم، روحي على حسين، هناك بلدكم، وبحرني بعيونه وبده يعمل شر، رحنا طلعنا عالباص، قلت لهم يلا نروح، هذا اليهودي بده يعمل مشاكل، وروحنا وما فرحنا باشي، رحنا على قريتنا، وما عرفنا نشوف اشي لا بالقرية ولا بيافا، رحنا على دورنا بالشيخ مونس، وما انبسطنا، كانت رحلة نكد لانهم اليهود كانو يبحرونا وين ما نمشي ما هنونا على اشي.
احنا متأملين انه نعاود، بلادنا وارضنا ما بتروح من بالنا، لو تلتقي كل الدنيا ما بشوف الدنيا حلوة هان، انا الختياره ولسه متأمله نعاود، كيف الشباب! انا كنت ازرع وآكل من تعب ايدي، كنت فلاحة، كنت ازرع قمح. كان عنا مدارس حكومة، بعدين ارضنا ما كانت صحرا، اصلاً ليش قتلو حالهم العالم عليها لفلسطين لولا انها حلوة، كنا عايشين ومبسوطين، ننزل ع يافا نشم هوا. انا ابوخدش تعويضات عن بلادي، انا الي فوق الميت دونم، لو بدهم يعطونا عشرين الف ما بدي، ما بطلعو حك اي، بدي ارضي وبعيش معهم بسلام.
شهود النكبة
روايات شفوية للشهود العيان على حرب عام 1948
اعداد: علاء ابو ضهير
المرجع: https://www.howiyya.com/vw_families_storiesview.php?Id=5065