روايات أهل القرية - بيت نتيف / من قرى عرقوب - قضاء الخليل

     الحطــــــــاب

   الراوية : المرحومة عليا عبد القادر علي المشايخ 

  اعـداد : مصطفـى سعيـد حسيــن المشــايـخ  

          كان ياما كان في قديم الزمان حطاباً يجمع الحطب من الجبال والأودية ويعود بها الى القرية ويبيعها ويشتري بثمنها طعاماً لأولاده ، وذات يوم بينما كان يتجول بين البراري والقفار ، رأى إمرأة كبيرة الجسم كثيفة الشعر غليظة الشفاه تتجه نحوه محيية ومرحبة أشد ترحيب ، وتقول له : أهلاً اهلاً بأخي ، قال لها : انا لا يوجد لي اخوات مثلك ، فقالت له مؤكدة بأسلوب ناعم لا يا أخي ويا حبيبي انت اخوي فقد ماتت امنا ونحن صغار وانا خرجت من القرية وبقيت انت بها ولم اعرف عنك شيئاً الى هذه الأيام وأنا الآن غنية ,اريد ان اغنيك عن كل هذه الحياة وأجلب لك الطعام ولأولادك وأريحك ، هيا هيا يا أخي لنذهب الى بيتك لأتعرف على زوجتك واولادك . بدأ الحطاب بالأقتناع بكلامها ووافق على أخذها الى بيته فلما وصل عرَّفها على اولاده وبناته وزوجته ، لكن زوجته كانت ذكية وقالت له يا مسخّم هذه غولة ، فقال لها اسكتي يا امرأة والله اذا ما سكتّي لأقول لها ما تقولينه ، فقالت له لا تقل لها شيئاً وسكتت زوجة الحطاب الذي جلس في البيت وبدأت المدعوة  اخته تجلب له الطعام والشراب من الخراف واللحم وكل ما يريده للبيت . وذات ليلة خرجت ابنة الحطاب الكبيرة المشهورة بجمالها وذكائها فاذا بالمدعوة عمتها تأكل العرسة في في ساحة البيت ، وعادت الى امها مسرعة وايقظتها من النوم لتريها ماذا تعمل عمتها . فلما رأتها الأم ايقظت زوجها وقالت له قم يا رجّال وشوف اختك شو بتعمل ، فقال لها اسكتي يا أمرأة ،   والله اذا ما سكتي فانني سأقول لها غداً ماذا تقولين عنها ، سكتت 

وفكرت بحيلة لتنقذ اولادها وبناتها من هذه المرأة الغولة . فجاءت بفول وطبخته ثم تركته حتى يبرد ، ووضعت على قفى كل واحد من أولادها ملعقة وهم نيام ، فجاءت عمتهم ( الغولة ) في الصباح تتفقد الأولاد ، وهي تراقبهم كل يوم لتقوم بأكلهم واحداً واحداً بعد ان يسمنوا ، لكن الأم كانت ذكية تعرف ما سيحصل لها ولاولادها ، فأطلعتها الأم على ما جرى لأولادها وقالت لها الاتري يا عمتي ان الأولاد من كثرة اكل اللحم والدهون تعرضوا للاسهال . واريد ان اغسل اجسادهم وسوف اذهب الى عين الماء أنظفهم واعود ، صدَّقت الغولة  ، ولكنها عادت   وقالت ما الذي يضمن لي أن يعودوا ؟ فقالت لها الأم يا عمتي سأقوم برفع راية وكلما رأيت الراية سوف تعرفين اننا موجودين عند العين ، فقالت لها الغولة يا لله يا بنتي روحوا . فأخذت المرأة اولادها وقالت يا قديم الاحسان انطلقت هاربة واولادها وبناتها حتى وصلت الى احد مضارب البدو ، ودخلت على شيخ العرب ، وقد كان شهماً ، وحدثته عما جرى لها ولأولادها والخطر الذي تعرضوا له .. فقل لها : اطمئني يا أختي .. انت واولادك الآن في امان ، وبعد مرور ساعات طويلة من انتظار الغولة لم تعد لا الزوجة ولا الأولاد بينما ظلت الراية ترفرف ، فدخل الشك الى قلب الغولة ، فقطعت اصبعها ، وقالت يا احيانة خبزي وزيتي راحن ربايب بيتي ، فانطلقت تركض باتجاه عين الماء ، فلما وصلتهم لم تجد لا الأولاد ولا امهم ، فقطعت اصبعها الثاني وعادت الى البيت لتبحث عمَّن ادَّعت انه اخوها فلم تجده وبعد ان بحثت عنه طويلاً وجدته في خم الدجاج . فقالت له انت هون يا ملعون ، فقال لها : اه ، فقالت له : اه منين اوكلك ، قال : كليني من دَيْتي اللي ما سمعت من امريتي فأكلت يده ، ثم قالت له مرة ثانية : منين آكلك ؟ فقال كليني من لحيتي اللي ما سمعت من إبنيتي فبقيت تأكل فيه حتى اكملت عليه ، بعدها قطعت اصبعها الثالث وانطلقت تركض باتجاه العين مرة ثانية فلم تجد أحداً وبقيت تركض  في الصحراء وحدها باتجاه الأولاد وأمهم ، وكان لها وهي تركض غبار يندثر من خلفها ، حتى رأت من بعيد بيت شعر كبير ، وعندما وصلته دخلته وقالت السلام عليكم . قال الشيخ وعليك السلام ، قالت له : هل رأيت يا شيخ امرأة واولادها مروا من هنا ، ونظرت الى احدى  زوايا البيت فاذا بالبنت الكبيرة التي رأتها تأكل في العروس جالسة في البيت، وعندما رأى الشيخ ان الغولة تنظر الى البنت بغضب أخرج سيفه وضرب به رأس الغولة فقطعه ، غير ان ناب الغولة خرج من الرأس وانغرس في فخد البنت فاذا بها تقع على الأرض وتموت ، وجاءت امها وبكت عليها كثيراً ، ولما رأى الشيخ ما حصل للبنت قال والله يا هالبنت من كثر ما هي اكويسة ومحترمة ما بأدفنك في التراب وأحضر جملاً كبيراً يعز عليه وبتابوت ووضعها فيه وحمَّلها على الجمل وترك الجمل يسير بالبنت في الصحراء وبعد مرور ساعات طويلة من مسيرة الجمل ، فاذا برعيان يرعون غنمهم في تلك المنطقة ، قال أحدهم يا فلان : يا سلام ما أحلى هالجمل ، هذا الجمل لي فقال له صديقه والذي فوقه لي ، واتفقوا على ذلك ، ولما وصلوا الجمل وأعادوه الى عربهم ، انزلوا عنه ، التابوت ، وأخذه صاحبه الراعي الثاني ،  وذهب به الى البيت ولما فتحوه وجدوا بنتاً جميلة سبحان من خلق هذه الانسانة وجاءت نساء المنطقة ليرين البنت فوجدنها ميتة، وقامت احداهن بغسلها من اجل دفنها ، وعند الغسل وجدت التي غسلتها ناباً مغروساً في فخد البنت ،فقامت بخلعه ، ولما خلعته شهقت البنت شهقة عظيمة وافاقت من موتها ، وقالت بسم الله الرحمن الرحيم اين انا ؟ ولما عادت الى وعيها ، حدثتهم عما جرى لها ولاخواتها ولامها ، فقام الراعي الذي كانت من نصيبه باعادتها الى بيت الشعر حيث شيخ العرب ، ولما وصلوه وحدثوه عما جرى للبنت والجمل . قال الشيخ والله يا ولد انك احق انسان بهذه البنت ، وزوجها له ، وأقاموا الأفراح والليالي الملاح ، وفرحت امها واخواتها وأهل المنطقة كلها . وطار الطير .. وتصبحوا على خير .   

  محمـــد الشـاطـــر

  الراوية : هادية سالم ابو عدس 

          كان يا ما كان ، في قديم الزمان ، امرأة لا تنجب الا الصبيان .. ولما بلغ عدد اولادها سبعة .. رفعت يديها للسماء وقالت لله : يا طالبي   .. يا غالبي . تطعمني بنت حتى لو كانت غولة .. وسمع منها الله .. وبالفعل اعطاها ابنه كانت غولة ..

          المرأة وأبناؤها من اسرة ثرية ، ولديهم الكثير من الغنم .. ومع الأيام بدأت الأغنام تتناقص .. الى درجة لا حظها الجميع .. اقترح محمد الشاطر على اخوته ان يسهر كل واحد منهم ليلة .. بحيث يُحاط كل واحد منهم بشجرة نتش لكي تنخزه وتوقظه كلما نام على احد جانبيه .. وان يعلَّق فوق رأسه ابريق ماء كي ينقط في عينيه ان نام على ظهره .. وافق الجميع وابتدأت المراقبة الليلية .. 

          وقد لاحظ كل منهم اثناء مراقبته للأغنام ان شقيقتهم كانت تنهض بعد منتصف الليل من سريرها ، وتأكل احدى الأغنام ، ثم تعود للنوم في السرير وكأن شيئاً لم يحصل . . وكان كل منهم يخبر اشقاءه ، فيذهبون معاً لامهم ويصفون لها ما شاهدوه .. فتتقول لهم : " هذي بنتي .. اسم الله عليها " .. 

          وفي الليلة السابعة ، سهر محمد الشاطر ، ورأى ما تفعله شقيقته .. ورواه لأمه .. فأعادت له ما كانت تقوله لأشقائه .. فقال : " والله ما بأظل في هذه البلد " .. 

          ومشى مسافات طويلة ، حتى وصل الى بلد غير بلده ، وهاله ما رآه فيها .. حيث الناس تقوم برعي مواشيها على سطوح المنازل وفوق " السناسل " اما الماعز والخراف التي تقف على الأرض فكانت تنتف صوف بعضها من شدة الجوع .. 

          رأى من بعيد " ختيارة " وبنتها تجلسان امام منزلهما .. سألهما ـ بعد ردّ السلام ـ عن سر ما يرى .. الجبال والسهول المحيطة بالقرية كلها اشجار مزرعة والحشيش ارتفاعه اكثر من مترين .. والاغنام ترعى على السطوح و الجدران .. فقالت له الختيارة : كل هذه الأراضي محمية من قبل (7) حيوانات .. في كل جبل حيوان يأكل من يدخل ارضه .. وهذه الحيوانات هي : السبع ، الظبع ، الأسد،  النمر ، الذئب ، الغول ، الحيَّة .

          قال لها محمد الشاطر .. غداً سآخذ اغنامك يا ختيارة لترعى في ارض السبع .. وفي الساعة العاشرة صباحاً ارجو ان تطلبي من ابنتك ان تتبعني ومعها : ( كرمية : طنجرة ) حليب . 

          وبالفعل توجه في صباح اليوم التالي لأرض السبع .. وعند الساعة العاشرة صباحاً فوجيء السبع بمن يرْعى في ارضه فجاءه مسرعاً وقال له : مين بِرْعى في إِبلادي .. فقال له محمد الشاطر :  انا غريب ابلاد وما بعرف .. فقال له السبع : إرعى اليوم وبكره ما تيجيش .. وفي هذه اللحظة بالضبط حضرت بنت الختيارة ومعها الحليب .. فعزم محمد الشاطر على السبع ان يشاركه افطاره .. وأفطرا معاً .. ثم امضى محمد مع اغنامه نهارهما .. وعادا في المساء للبلد . 

          وفي صبيحة اليوم التالي ، عاد محمد الشاطر واغنامه لأرض السبع ، بعد ان أوصى الختيارة بارسال ابنتها مع كرمية الحليب في الساعة العاشرة صباحاً .. ولما رآه السبع قال له لماذا عدت للرعي في ابلادي .. فقال له محمد الشاطر لاحظت يوم امس ان شعرك طويل ، وأظافرك طويلة .. فحضرت ومعي سيفي لأقصها لك .. وهنا حضرت البنت ومعها الحليب .. فدعاه للإفطار .. وبينما كان السبع يشرب الحليب .. اغتنم محمد الشاطر الفرصة وقطع رأسه بالسيف ، فسقط بكرمية الحليب .. فحملت البنت الكرمية والرأس وعادت بهما للبلد .. ونادى المنادي على اهل البلد ان يرعوا اغنامهم في ارض السبع بعد موته على  يد محمد الشاطر .. الذي أقيمت له الاحتفالات والسهرات .

          ومثلما فعل محمد الشاطر بالسبع ، فعل بالضبط مع الضبع ، والأسد ، والنمر ، والذئب ، والغول .. وما كان يختلف بالحكاية هو نوع الطعام الذي كانت تحضره بنت الختيارة لكل حيوان منها : حيث احضرت للضبع : طبيخ عدس ، وللأسد : سمن ، وللنمر : إِمطَبَّق ، وللذئب : ذبيحة ، وللغول : غلايس ذرة مع بصل . 

          وعند الأسد .. لاحظ محمد الشاطر وجود شِبْلين صغيرين .. فأخذهما بعد ذبح ابيهما للختيارة كي تعتني بهما وأسماهما " شَطَّاح وبَطَّاح " 

          وفي اليوم السابع ، ذهب محمد الشاطر ليرعى اغنامه في ارض الحية ذات الرؤوس السبعة .. عندما رأته قالت له  مين برعى في ابلادي ، قال لها محمد هذه بلادي وليست بلادك .. فقالت له : وما هو دليلك .. قال لها : سأقوم على مدى ( 7 ) ايام بقطع الحشيش وتكويمه ، بحيث لكل  يوم كومه ، وبعد الأيام السبعة تحضرين . وتنفخين على كل كوم .. فإن أحرقتيها تكون البلاد لك .. وان لم تحرقينها فهي بلادي .. وبالفعل .. قام محمد الشاطر بما وعد به .. وحضرت الحيَّة  .. نفخت على الكوم الأول " فشعوطته " قليلاً ، ونفخت على الكوم الثاني فمرّ فحيحها عنه كالهواء .. اما الكوم الثالث فلم يتحرك ابداً .. ولما نفخت على الكوم الرابع " طقَّت " وماتت فنادى المنادي بموت الحية وتحرر اراضيها .. واقيمت الأفراح والليالي الملاح .

          وطلبت الختيارة من محمد الشاطر ان تزوجه ابنتها .. فقال لها : انا لي أهل ، اريد ان أذهب لرؤيتهم ، وبعدها اعود لاتزوج ابنتك .. ولكن لي عندك وصية .. هذين الشبلين " شطاح وبطّاح " : اذا غِشِنْ : وردن الماء ، فَخَلِّيهن مربوطات .. وذا غِشِنْ السَّكَنْ فاطلقي سراحهن . 

          أخذ محمد الشاطر فرساً حمَّلها بكيس قطين ، وكيس تمر ، وتوجه نحو بلده .. ولما وصل وجدها خاربة وبدون ناس .. ولاحظ شقيقته تجري وراء ديك وتقول له : " تَللَّف ذبَّان تَلَّف : لكي يتعب الديك وتأكله .. ولما رأت اخوها نَزَّلت شتلتها ولاقته قائلة : اهلاً وسهلاً بأخوي .. طل النور من التنُّور .. ولما استراح سألها : اين الناس .. اين اهلي .. أين اهل البلد .. فقالت له .. في الحصيدة ومع الغنم .. وخلال وقت قصير .. اكلت كيس القطين .. وكيس التمر .. ثم طلبت من شقيقها ان يسمح لها بسقاية فرسه .. وأخذت الفرس وأعادتها بثلاث رجلين .. وعندما تجوع تطلبها لسقايتها من جديد حتى ابقتها دونما رجلين  .. وهنا بدأ هو يُفَكِّر بالهرب منها .. فقال لها ارجوك يا أختي ان تسمحي لي بالصعود على سطح المنزل للتوضؤ .. وطالما ان الماء يسيل من الأبريق عن سطح المنزل فاعلمي انني اتوضأ .. لا تنادي علي .. لأنني لا أحب الكلام اثناء الوضوء .. وصعد للسطح .. ووضع " قشّة " في   " بَعْبوز " الابريق والقاءه  هلى جنبه حيث بدأ بالتنقيط .. وقفز هو عن المنزل من جهته الخلفية وراح يركض مسرعاً باتجاه بلد الختيارة وبنتها .

          عندما توقف الابريق عن التنقيط ، نادت الغولة على محمد الشاطر فلم يرد ، صعدت للسطح فلم تجده ، فعضَّت اصبعها عندما رأته يجري " مَدَدْ العين ما اتشوف " وانطلقت تجري وراءه .

          ولما رآها قادمة ، صعد شجرة تدعى " شجرة الخنصر " وقال لها : اطولي يا شجرة الخنصر اطولي .. جاءت اخته الغولة .. ورأت الشجرة النابتة قرب عين ماء  .. وحاولت ان تتسلقها .. ولكن الشجرة كانت تطول .. ولما عجزت عن الصعود بدأت بنشر ساق الشجرة بأسنانها .. حتى بدأت تتمايل .. وهنا نادى محمد الشاطر قائلاً : " تعو شطَّاح .. تعو بَطّاح .. اخوكن محمد الشاطر راح " 

          وهنا لاحظت الختيارة ان الشبلين بدآ بالتفعفل بالسكن .. فأرختهما .. وانطلقا نحن الغولة حتى وصلنها فمزقنها وَنَتَّفنها تنتيف .. والقينها في عين الماء . 

          رجع محمد الشاطر للختيارة ، وتزوج ابنتها ، واقامت له البلدة الأفراح والليالي الملاح .. واكلنا من " إِقراهم " ومشينا وراهم .. وجينا ودشَّرناهم .. وطار الطير .. وتتمسوا بالخير ..                         

  فـــي البحـــث عــن الأقـــوى

  الراوي : محمود سعيد حسين المشايخ    

          كان ياما كان ، في قديم الزمان ، رجل يقوم يومياً بضرب زوجته وبالقائها في الهواء باحدى يديه ، وبلقفها باليد الأخرى عشرات المرات في اليوم الواحد وهو يسألها بعد كل ضربة هل يوجد من هو أقوى مني : فتقول له : لا .

          وقد لاحظت جارة لهذه الأسرة ، الضعف والتراجع الملحوظ في صحة الزوجة ، فسألتها على انفراد عن سبب ذلك ، فرفضت ان تخبرها خشية غضب الزوج ان هو علم بالأمر .. ولما أعطتها الجارة الأمان ووعدتها بعدم كشف السر ، حدثتها بما يحصل لها يومياً من زوجها .. فقالت لها تلك الجارة : قبل ان يضربك في المرة القادمة .. قولي له وجدت من هو اقوى منك .. وان سألك اين .. قولي له : سر باتجاه الشرق وستجده امامك . 

          وبالفعل .. بعد عودتها لمنزلها ، لاحظت ان زوجها يريد ان يُنَطْنِطْها بين يديه .. فقالت له : توقف .. لقد وجدت من هو اقوى منك .. فقال لها اين : قالت له سر باتجاه الشرق تجده .. فقال لها سأتجه نحو الشرق فإن وجدته عدت للعيش معك دونما ضرب .. وان لم أجده فسأحيل حياتك الى جحيم .. وخرج 

          بعد ساعات من مسيره ، رأى عجوزاً تنحض الماء من بئر بواسطة قربة   الجمل التي تتسع لاكثر من 15 تنكة ماء بواسطة الحبل الأمر الذي يعجز عنه اقوى الرجال .. فطلب من تلك العجوز ان تَسْمح له بسحب القربة ، فرفضت خشية ان يسحبه ثقلها باتجاه البئر ويندفع هو بالقربة وما فيها باتجاه اعماق البئر .. ولولا انه رَخّى الحبل بسرعة من بين يديه لسقط بالفعل في  قعره .. فأسلم العملية لتلك العجوز .. التي قالت له بعد ان سحبت القربة ورفعتها على ظهر الجمل : انت الليلة ضيفي وعشاك عندي .. 

          مشى معها ، وقد ادهشه ان عجوزاً تفوقه في القوة .. سارت به طويلاً حتى ادخلته مغارة وسط جبل  .. وبدأت هي وابنتها الصبية باعداد الطعام .. وعندما حَلَّ الظلام .. جاء ابناء العجوز السبعة من عملهم ، ووضعت أُمهم وشقيقتهم لكل منهم " سدراً " عليه ذبيحة كاملة مع كمية كبيرة من الأرز ، ولضيفها مثلهم .. فأكل كل منهم ذبيحة وما على " سدره " من الأرز بل ان بعضهم حاول اكل السدر.. اما الضيف فأكل كمية قليلة كما هو معتاد .. وقدمت العجوز مازاد وراءه لأولادها فالتهموه بسرعة البرق .. ونام الجميع . 

          وفي النصف الثاني من الليل حضر شاب ، وطال شقيقة هؤلاء الأخوة من وسطهم .. ونام واضعاً رأسه على فخذتها وطلب منها ان تُفَلِّي شعره .. دون ان يجرؤ اي من اخوتها السبعة على معاقبته ازاء مساسه الصارخ بعرضهم .. فأخذته الغيرة .. ونهض واضعاً الاداة التي يقصون بواسطتها الحطب والتي تشبه نصف الفأس ( القطَّاعة ) في الفحم المشتعل حتى احمرَّت .. ثم طلب من البنت ان تُنْزل رأسه عن فخذها، ففعلت .. ولما ضربه بتلك الأداة في وسط جبينه .. حَرَّك الشاب انامله على ذلك الجبين وكأن ذبابة وقفت عليه .. اعاد صاحبنا تسخين " القطَّاعة " مرة اخرى وضرب الشاب النائم وسط جبينه بعزيمة اقوى .. فحرك أصابعه على جبينه وكأن ذبابة وقفت عليه .. ثم فَتَّح عينيه فأبصر من ضربه .. وقال له معك اسبوع من الركض المتواصل ..   اذا تجاوزت حدودي نجوت من الموت .. وأنا بعد الأسبوع سأتبعك مشياً وان لحقت بك داخل حدودي اكلتك .. وخرج صاحبنا " يرمح " دون وعي ..

          بعد اسبوع تذكر ذلك الشاب وعده لضاربه ( بالقطَّاعة ) فسار اليه .. اما صاحبنا فلما رأى زوبعة وراءه أدرك انه هالك لا محالة .. فرمى بنفسه في وادٍ سحيق .. ولما استقر في قعره رأى رجلين يحرثان ارضهما .. استنجد بهما ، وحدثهما بما سيجري له ان وصله صاحب الزوبعة ..

          قال له احدهما : اين سنخفيك .. على كل حال .. انا خالع ( طاحونتي : ضرسي ) سأضعك مكانها .. وحمله ووضعه في فمه مكان تلك الطاحونة . 

                   ولما وصل صاحب الزوبعة وسأل الرجلين عمن رمى بجسده نحوهما انكراه .. ولانهما لم يعترفا بمكانه تشاجر معهما .. فضربه احدهما " بُكْس " في " كرشه " فخرجت امعاؤه من بطنه على إثرها ومات . 

          بعد لحظات جاءت امرأة وعلى رأسها " دست : طنجرة كبيرة " مساحتها 4 امتار × 4 امتار مملوءة بالأرز واللحم لكي تقدم للرجلين طعام الغداء 

          مَدَّ احدهما يده في الطنجرة ، وغرف من الأرز ووضعه في فمه لمضغه .. فصرخ صاحبنا الجالس مكان " طاحونته " من داخل فمه : آخ .. فقال له الحراث : لقد نسيتك .. فاخرج .. وعد بأمان لأهلك ..

          مضى نحو زوجته .. معترفاً لها بوجود من هو اقوى منه .. توقف عن ضربها .. وأمعن في احترامها .. وطار الطير .. وتتمسوا بالخير .