التاريخ النضالي والفدائيون - بَيتْ دَرَاسْ - قضاء غزة

التاريخ النضالي للقرية:

كان لأهل هذه القرية الدّور البطولي في الكفاح والنضال والجهاد في سبيل الله،  فكان الواحد منهم يبيع أغلى ما يملك ليشتري السلاح والذخيرة وكان في القرية مركز للنجاده (مركز تدريب المتطوعين من الشباب) على فنون الحرب والقتال والتدريب على استعمال السلاح.

ولنسمع ما يقول أستاذنا مصطفى مراد الدباغ في كتابه بلادنا فلسطين في الجزء الأول – القسم الثاني عن أهالي هذه القرية: " ولأهالي –بيت دراس- ذكر بطولي في حروبهم مع اليهود إبان الحكم البريطاني المشؤوم،  وبعد فكثير من المستعمرات اليهودية تقع في جوار هذه القرية،  وأهلها عُرفوا بشجاعتهم وتضحياتهم فرأى اليهود مهاجمتها للتخلص منها فمن: 16/أذار إلى غاية 21/أيار عام 1948م هاجموها أربع مرات،  وفي كل مرة كان النصر حليف البدارسة رغماً عن تفوق أعدائهم في عددهم وعدتهم ".

دافع الأهالي عن قريتهم ببطولة بين 16 آذار - 1948 و حتى 21 أيار - 1948 ضد هجمات لواء غيفعاتي يساعدهم المناضلون من أبناء القرى المجاورة مثل أسدود وحمامة والسوافير والبطاني الغربي و البطاني الشرقي والفالوج،  وما يلي أهم المعارك التي خاضها هؤلاء المناضلون دفاعاً عن القرية:

  1. ففي أول أيار سنة 1948م جاء اليهود للمرة الثالثة بأعداد كبيرة يريدون احتلال القرية وتدميرها،  وإزالة معالمها،  فتمكنوا في بادئ الأمر من احتلال مدرسة القرية والتي تقع في ظاهرها بين أسدود وبيت دراس من الناحية الغربي،  إلاّ أن أهل هذه القرية اضطروهم للتقهقر،  وانتهت المعركة بنصر للعرب الذين أرادوا أن يقتفوا أثر المنهزمين من اليهود لولا أن هؤلاء (اليهود) قد استنجدوا بالقوات البريطانية القريبة منهم،  فسرعان ما ذهب الإنجليز لنجدتهم (وهم حلفاؤهم) في ثلاث مصفحات،  وكذلك هب لنجدة أهل بيت دراس في الوقت 
  2. نفسه مناضلون من القرى المجاورة (اسدود وحمامه والسوافير و المجدل والفالوجه وعبدس) بل من كل مكان
  3. ولكن البريطانيين أسرعوا فوقفوا بين الفريقين يحولون دون اصطدامهما،  وبهذا فقد أنقذوا اليهود من ورطة كبيرة،  ويعلق الأستاذ/ عارف العارف الذي ننقل عن كتابه "النكبة" على هذه الحادثة يقول: " يلاحظ أن القوات البريطانية ما هبت للنجدة إلاّ عندما شعرت بأن اليهود في خطر،  في حين أنها لم تفعل ذلك عندما كان العرب يقفون في مثل هذا الخطر ".
  4. وقد قُتل من اليهود في هذه المعركة المشهودة (340) قتيلا وجُرح منهم الكثير،  وأما الشهداء فثمانية وجرحاهم اثنان وعشرون.
  5. في 27-28 آذار- 1948 م قامت قوات الهاجاناه الصهيونية بقصف بيت دراس بشكل عشوائي،  وأوقع هذا الهجوم تسعة شهداء من سكان القرية كلهم غير مقاتلين.
  6. في 16 نيسان - 1948 م قام اليهود بهجوم استخدموا فيه أربعة مصفحات ثم انسحبوا بعد أن تعرفوا على درجة المقاومة عند الأهالي.
  7. في أول أيار - عام 1948 م هاجم اليهود القرية من محورين شرقي و غربي عند الفجر واستخدموا قوات مشاة كبيرة في الهجوم،  وركزوا مدافعهم في موضع يسمى نصار وأخذوا من هناك يقصفون القرية من الشرق بينما زحف المشاة من الغرب فاحتلوا المدرسة وتقدموا تحت غطاء قصف مدافع البرن و المورتر وقاوم المناضلون بجرأة وثبات حتى استعادوا المدرسة وهب لنجدتهم رجال أشداء قدموا من أسدود وحمامة والسوافير والبطاني الغربي و البطاني الشرقي وإذ ذاك تقدمت القوات البريطانية وفصلت بين الطرفين وقيل أن اليهود خسروا في هذه المعركة 175 قتيلاً و للعلم فقد بنت إسرائيل نصباً تذكارياً لقتلاها في هذه المعركة قرب مكان المعركة لأهميتها و للعدد الكبير من الجنود اليهود الذين سقطوا فيها،  بينما فقد العرب 8 شهداء و22 جريحاً وتعتبر هذه المعركة أكبر معارك ديار غزة قبل دخول الجيوش العربية.
     
    ويذكر أيضاً مشاركة عدد كبير من الرجال من القرى المجاورة منهم من قرية حمامه في تلك المعركة الحامية مثل محمد طبيش صقر، فارس شحادة صقر، محمود الجعيدي، محمد حسين، إسماعيل النجار، صبحي عبد الباري، محمود الحاج مقداد، محمد إسماعيل مقداد، مصطفى القرم، عبد الوهاب الفار، حسن الزهار، محمد إبراهيم أبو ريالة، محمود إبراهيم أبو ريالة، إبراهيم عوض الله، حسن الندى أبو سلطان، محمد شحادة شامية، خليل المحروق أبو سلطان، عثمان أبو سلطان. وقد جُرح من أبناء حمامه في تلك المعركة اثنان هما، محمود إبراهيم أبو ريالة، محمود الجعيدي صقر.
      
    واُصيب مع المختار حسين عقيل ابنه عبد الرحمن.

 مذبحة بيت دراس: وفي 21 أيار- عام 1948 هاجم اليهود هذه القرية بقوات كبيرة تدعمها المصفحات وطوقوا القرية من  أربع جهات  لمنع وصول إمدادات إليها و ترافق الهجوم مع قصف مدفعي عنيف وزحف المشاة عليها من الغرب والجنوب،  و بناء على شدة الهجوم و القصف فقد طلب مقاتلو القرية من النساء والأطفال والشيوخ مغادرة القرية بهدف تخفيف الخسائر بين العزل،  وتحرك هؤلاء عبر الجانب الجنوبي من القرية،  ولم يكونوا على علم بأن القرية مطوقة من مختلف الجهات،  لذلك فما أن بلغوا مشارف القرية الخارجية حتى أمطرهم الصهاينة بالنيران،  رغم كونهم نساء وأطفالاً شيوخاً عزل،  وكانت مجزرة سقط فيها حوالي (260)شهيداً.

وأحرق اليهود بيادر القرية ونسفوا عدداً كبيراً من بيوت القرية وأبلى البدارسة بلاء اًحسنا،  رغم عدم تمكن القرى المجاورة من إمدادهم،  بسبب تطويق القرية،  كما قيل أن القوات الصهيونية التي هاجمت القرية من الغرب كانت ترفع العلم العربي فانخدع بها مقاتلو القرية وظنوها إمدادات عربية لكنها ضربتهم حين اقتربت منهم،  و قد نفذت القوات الصهيونية مذبحة انتقامية في القرية بعد احتلالها حيث جمع عدد من سكان القرية في مسجد القرية و أُعدموا ميدانياً. بعد احتلال القرية بدأ سكان بيت دراس ينزحون عن قريتهم إلى أسدود وحمامة. كما سببت سيطرة اليهود على قرية بيت دراس و المجزرة التي نفذت في القرية بعد احتلالها حالة من الخوف في القرى المحيطة ببيت دراس مثل قرى البطاني الغربي و الشرقي والسوافير وجولس مما تسبب في ترك سكانها لقراهم خوفاً من مجازر مشابهة. واستنادا إلى المؤرخ "الإسرائيلي" بني موريس فإن لواء غفعاتي عمد إلى قصف بيت دراس بالمدفعية قبل شن هجوم بري عليها أدى إلى احتلالها في 10 أيار\ مايو 1948. ويقول بني موريس إن السكان فروا خلال الهجوم وإن منازلهم نسفت في أثناء (تطهير) جبهة غفعاتي الجنوبية ذلك بموجب خطة (دالت) وجاء في الرويات المصرية أن القوات "الإسرائيلية" لم تحتل القرية إلا بعد زمن قليل من بدء الهدنة الأولى في 11 حزيران \ يونيو.

وجاء في مذكرات ضابط الأركان في الكتيبة السادسة المصرية جمال عبد الناصر (الذي أصبح لاحقا رئيسا للجمهورية المصرية), أن القوات "الإسرائيلية" انتهزت الهدنة فرصة لتعزيز  قوتها في تلك المنطقة فاحتلت بيت دراس وكان في نية القوات العربية أن تستعيد بيت دراس بعد انتهاء الهدنة في 9 تموز\ يوليو, غير أنها أخفقت جراء (سخرية قوة سودانية بهجوم ليلي لاحتلال القرية,وأن تطلق من ثم إشارة من الضوء الأخضر دلالة على النجاح فتتقدم حينئذ الكتيبة السابعة المصرية لتعزيز النصر. أما في حال الفشل فكان من المفترض إطلاق إشارة من الضوء الأحمر وكان على القوة السودانية عندها أن تنسحب للسماح للمدفعية بالتداخل. وقد احتلت القوات السودانية بيت دراس فعلا, غير أن الجندي الموكل بالمهمة ارتكب خطا فأطلق إشارة الضوء الأحمر بدلا من إشارة الضوء الأخضر وهكذا بدأت المدفعية المصرية قصف المنطقة مرغمة السودانيين على الانسحاب من المواقع التي احتلوها.

معركة بيت دراس:

صد مناضلونا مع أهالي بيت دراس اليهود المهاجمين وكبدوهم عدة اصابات وسقط ثلاثة شهداء من أهالي بيت دراس وجريح واحد من أهالي حمامه ، هو محمود حسين أبو رياله . ويبدو أن ذلك كان كجس نبض من قبل اليهود الذين جاءوا بعد ذلك بقوات كبيرة من عدة جهات وبمصفحات قتالية بهدف العمل على احتلال بلدة بيت دراس ، وراحوا يمهدون لذلك بقصف مدفعي كثيف على بيت دراس مما مكنهم في البداية من الوصول إلى أطراف البلدة بل واحتلوا مدرستها ، واستمرت المعركة حامية وهب المناضلون من كل سكان القرى المجاورة لنجدة بيت دراس ، ودارت معركة حامية دحر فيها اليهود وتكبدوا خسائر جسيمة وانسحبوا . اشترك من مناضلي حمامه في تلك المعركة الحامية كل من ، محمد طبيش صقر ، فارس شحادة صقر ، محمود الجعيدي ، محمد حسين ، إسماعيل النجار ، صبحي عبد الباري ، محمود الحاج مقداد ، محمد إسماعيل مقداد ، مصطفى القرم ، عبد الوهاب الفار ، حسن الزهار ، محمد إبراهيم أبو ريالة ، محمود إبراهيم أبو ريالة ، إبراهيم عوض الله ، حسن الندى أبو سلطان ، محمد شحادة شامية ، خليل المحروق أبو سلطان ، عثمان أبو سلطان . وكانت هذه المعركة من أكثر المعارك شراسة حيث قتل فيها من اليهود مائتين واربعين وفي قول آخر أن قتلاهم لم يتجاوزوا المائة وخمس وسبعين فقط . وقد جرح من أبناء حمامه في تلك المعركة اثنان هما ، محمود إبراهيم أبو ريالة ، محمود الجعيدي صقر . على اثر تلك المعركة بدأ سكان بيت دراس بالرحيل إلى حمامه واستقبلهم الاهالي بالترحاب وفتحوا لهم دورهم . وبعد أن وصلت الامدادات من أمريكا لليهود عاودوا الهجوم على بيت دراس واحتلوها وهكذا سقطت القرية الاسطورة . 

فدائيو بيت دراس: من مشاهير مجاهديها ورجالاتها:

  1.  الشهيد نواف محمود بارود ابن مختار البلدة،  وعبد اللطيف أبو الكاس (1926 ـ 1956م) الذي شارك في الدفاع عن بلدته،  وبقي يعمل فيما بعد فدائياً حتى استشهد سنة 1956م خلال هجوم اليهود على خان يونس أثناء العدوان الثلاثي
  2. من مشاهير مجاهديها عبد اللطيف أبو الكاس (1926 ـ 1956م) الذي شارك في الدفاع عن بلدته.
  3. يوسف محمد صالح.
  4.  المناضل الشهيد: محمد أبو السلميّة.
  5.  المناضل الشهيد: محمد العُقفي.
  6.   المناضل الشهيد: علي عبد الله عمار (والد العقيد: جبر عمار من كبار مؤسسي حركة الجهاد الإسلامي بفلسطين).
  7. البطل المقدام الشهيد: عطية داود الجزار فقد تسلل بين الزروع والأشجار حتى وصل زحفاً إلى جيش اليهود ولحق بمن يحمل مدفع الهاون،  وضربة ببلطة اللحم وأخذ المدفع منه وأحضره للمناضلين،  وهكذا كانت البطولات فرحمة الله عليه رحمة واسعة وأسكنه
  8. الشيخ جبر عمار أبو علي.
  9.  الشهيد إبراهيم المقادمة.
  10.  الشهيد صلاح طلب نصار المقادمة.
  11.  الشهيد اكرم منسي نصار المقادمة.
  12.  الشهيد زاهر نصار المقادمة.
  13.  الشهيد صلاح نصار المقادمة.
  14.  الشهيد ياسين نصار المقادمة.
  15.  الشهيد اكرم نصار المقادمة.
  16.  الشهيد فادي نصار المقادمة.
  17.  الشهيد باسل خليل اليازوري.
  18.  الشهيد أحمد خليل اليازوري.
  19.  الشهيد العقيد راجح بارود.
  20.  والشهيد المقاوم مؤمن بارود.
  21.  الشهيد أحمد دياب الحداد المقادمة.
  22.  الشهيد جميل وادي المقادمة.
  23. الشهيد عبد الرحيم محمد يوسف الحداد،  الذي استشهد  عام 1969 في مزارع الموز في اريحا أثناء قيامه مع مجموعة من الفدائيين بعملية استشهدوا على إثرها
  24. ومن الشهداء الذين صدوا العدوان الصهيونى عن قرية بيت دارس ودافعوا عنها بباسلة وعزيمة صلبة الشهيد على عبد الله عمار.
  25. الشهيد حسين خالد يوسف سعد وهو من أقوى رجال بيت دراس توفي سنة 1922 واشتهر بهجماته على اليهود وقتله واحد اسمه جيليو سيزر.
  26. أحمد الصليبي أبو مثقال كان حكمدار فدائيي غزة في فترة النضال ما بين النكبة في سنة 1948- 1967 و انتقل إلى ساحات النضال في الشتات و ما زال شاهدا حتى يومنا هذا.
  27.  ومن أبنائها الشاعر المبدع عبد الرحمن بارود رحمه الله.
  28. وينسب إلى أهالي قرية بيت دراس البطل عبد اللطيف أبو الكاس (1926م-1956م) الذي اشترك في صد هجمات العدو المتوالية والتي ركزّها الأعداء على قريته.
  29. وبعد النكبة انخرط هذا المناضل البطل في قوة الفدائيين ودخل أرض الوطن المغتصبة عشرات المرات قام في أثنائها بأعمال فدائية أبرزها نسف الكثير من منشآت العدو في المجدل وفي منطقة اللد وروبين،  وعندما وقع العدوان الثلاثي على سيناء وقطاع غزة عام 1956م،  صمدت حامية خان يونس بقيادته طويلاً حتى النهاية،  وقاتل هذا البطل حتى لم يبق معه طلقة واحدة وجعل يلقي الحجارة عليهم من أعلى قلعة برقوق المشهورة بخان يونس حتى استشهد بشرف وشجاعة وقد أصابته رصاصات العدو،  فاستقبل ربه بدم الشهادة الطاهرة في روح وريحان وجنات النعيم،  فرحمة الله عليه وعلى الشهداء الأبرار المخلصين،  والله نسأل أن يعوضنا عنهم كل خير يا رب العالمين.


نضال المرأة في بيت دراس: 

ابنة بيت دراس في عام 1948 "المناضلة لطيفة العبد أبو شنب وادي" كانتتحمل السلاح في معركة بيت دراس الأولى ولقنت العدو في ذلك درساً قاسياً.


المصابون في معارك بيت دراس: 

وفي معارك بيت دراس عام1948 أصيب عدد كبير  عرف منهم المصاب سعيد محمد يوسف الحداد والدى أصيب بجوار مدرسة بيت دراس.