احتلال القرية - السافرية - قضاء يافا

 

 عام 1939 خبت نار الثورة وذلك بعد أن استشهد القائد عبد الرحيم الحاج محمد، وجرى القبض على القائد يوسف سعيد أحمد أبو درة، واضطر القادة الآخرون إلى النزوح إلى الخارج. خلال فترة الحرب العالمية الثانية ساد الهدوء في جميع أرجاء فلسطين، وانصرف الناس في السافرية إلى أعمالهم في الزراعة. بعضهم عمل في شركة النافي للمواد الغذائية، وآخرون عملوا في معسكر صرفند. كان هذا المعسكر من أكبر معسكرات الجيش البريطاني في فلسطين.

في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر ،1947 اتخذت هيئة الأمم المتحدة قرارًا بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود. فرفض العرب هذا القرار وبدأت المناوشات بين سكان يافا وسكان تل أبيب، وسرعان ما اندلعت الحرب. وقد كان لاستشهاد القائد عبد القادر الحسيني في 8 نيسان/ أبريل 1948 ولمذبحة دير ياسين في اليوم التالي، الأثر الأكبر في إثارة الفزع والخوف لدى العرب، فراحوا يبحثون عن السلاح للدفاع عن أنفسهم وقراهم. كانت البندقية تباع بـ100 - 150 جنيه فلسطيني، لذا اضطر بعض من أهل السافرية إلى بيع حلي نسائهم. 46

في تلك الفترة كان فوج أجنادين في يافا بقيادة المقدم عادل نجم الدين، وهو عراقي من جيش الإنقاذ، ومدفعية عراقية جاءت بقيادة المقدم مهدي صالح العاني لنجدته. في 28 نيسان/ أبريل 1948 بدأت المدافع العراقية بدك تل أبيب، ولكنها توقفت فجأة بسبب تدخل الإنكليز الموجودين في معسكر صرفند. فانسحب الفوج العراقي مع مدافعه إلى اللد. تقدمت القوات اليهودية نحو سلمة والخيرية وساقية وكفر عانة ويازور فاحتلتها.47 قبل ذلك اليوم بيوم واحد، تدفق على السافرية سيل من النازحين، فاستضافهم أهلها وقدموا لهم الطعام، ولكن القوات اليهودية تقدمت نحو بيت دجن، فاضطروا إلى النزوح عن قريتهم. قسم منهم بقي في البيارات الواقعة شرقي البلدة ومعظمهم وصل إلى اللد. 48 قامت القوات البريطانية الموجودة في صرفند بإنذار القوات الصهيونية، فتوقفوا في بيت دجن ولم يدخلوا السافرية. أطلقت القوات الصهيونية على هذه العملية اسم عملية "حاميتس" (خمير الفصح)، وشاركت فيها قوات من لواء إلكسندروني ولواء جبعاتي ولواء كرياتي.49 كانت السافرية خالية من أهلها ومجاهديها، ما يفسر ملاحظة عارف العارف التي تشير إلى سقوط يازور والسافرية في ذلك اليوم.50

في 15 أيار/ مايو 1948 انسحب البريطانيون من معسكر صرفند وسلموه للعرب الذين كانوا تحت قيادة القائد حسن سلامة، غير أنهم أدخلوا من الباب الخلفي قوات صهيونية تابعة للواء كرياتي ولواء جبعاتي. لقد صبت القوات الصهيونية نيران رشاشاتها على المجاهدين الذين اضطروا إلى الانسحاب في ليل17 - 18 أيار/ مايو 1948. 51

 كان دخول القوات الصهيونية إلى السافرية في 20 أيار/ مايو 1948، وقد نشرت هذا الخبر الصحف العبرية وتناقلته وكالات الأنباء. 

من الجدير بالذكر أن مجاهدي السافرية شاركوا في احتلال معسكر تل لتفنسكي الذي أخلاه الإنكليز في ليل 14- 15 نيسان/ أبريل 1948، وسقط منهم شهداء في معركة الشرف.53

محاولة استعادة السافرية

في يوم الخميس 10 حزيران/ يونيو 1948 تم الاتفاق على الهدنة بين الطرفين، على أن تدخل حيز التنفيذ في اليوم التالي. كان كل طرف يسعى في الساعات الأخيرة إلى تحسين مواقعه العسكرية واحتلال ما يستطيع من القرى. تجمع 150-200 مناضل من أهالي السافرية والقرى الواقعة إلى شمالها وشنوا هجومًا على القوات الصهيونية الموجودة في السافرية، وقد نجحوا في فجر يوم الجمعة من تحرير ثلاثة أرباعها، بعد أن تعطل مدفع رشاش للقوات الصهيونية، لكنهم اضطروا للانسحاب بعد وصول المصفحات الصهيونية ودخول الهدنة حيز التنفيذ، وقد خسر المجاهدون في هجومهم هذا 18 شهيدًا و63 جريحًا. وكانت القيادة العربية في اللد قد وجهت المصفحات العربية إلى العباسية فتمكنوا من تحريرها، ولو خصصوا قسمًا من هذه المصفحات إلى جبهة السافرية لنجح المجاهدون في تحريرها.54

وهكذا بقي أهالي السافرية في اللد وما جاورها حتى سقوط المدينة بعد انتهاء الهدنة الأولى فنزحوا عنها مع آلاف النازحين.