- معلومات عامة عن قرية سَلَمَة - سَلَمة الباسلة
- سبب التسمية
- أراضي القرية
- البنية المعمارية
- عائلات القرية وعشائرها
- الاستيطان في القرية
- المأذون الشرعي في القرية
- الرياضة والألعاب في القرية
- التعليم
- التاريخ النضالي والفدائيون
- تاريخ القرية
- شهداء من القرية
- احتلال القرية
- أعلام من القرية
- أهالي القرية اليوم
- الباحث والمراجع
خارطة المدن الفلسطينية
اشترك بالقائمة البريدية
معلومات عامة عن قرية سَلَمَة - سَلَمة الباسلة
التاريخ النضالي والفدائيون - سَلَمَة - سَلَمة الباسلة - قضاء يافا
كانت البلدة محاطة من جهاتها الأربع بعدد من المستوطنات الصهيونية المسلحة؛ فمن الشمال كانت تقع مستوطنات مونتفيوري ورامات غان التي كانت مركزًا لتدريب عصابات الهاغنا التي ارتكبت العديد من الجرائم بحق الفلسطينيين وقتئذ.
وإلى الشرق من بلدة سلمة كانت تقع مستوطنة كفار سركن، وعزرا من الجنوب، ومستوطنة هاتيكفا من الغرب، وكانت هاتيفكا واحدة من أخطر المستوطنات على أمن سلمة واستقرارها، كما كانت تقع تل أبيب إلى الشمال الغربي للبلدة.
وفي ظل هذه الإحاطة الصهيونية الكاملة بسلَمة، كان اليهود دائمي التعرض لها، وحين أُعلن عن إضراب 2 ديسمبر/كانون الأول 1947م كانت نفوس أهل سلَمة ثائرة جراء إجرام الصهاينة، فاشتبكوا مع عصاباتهم في المنطقة وأسقطوا منهم اثنين، وكانت هذه الأحداث بداية العمل العسكري ضد الصهاينة.
أدرك أهالي سلَمة أن العمل المنظّم هو ما يجب أن يكون في ظل هذه الظروف العصيبة، واجتمعوا على إنشاء لجنة للدفاع عن مدينتهم، اشتُهر منها عدد من الشخصيات مثل مفلح علي صالح وموسى أبو حاشية. ومثّل العائلات الكبيرة كل من الحاج نجيب أبو نجم عن آل نجم، وعبد الرحيم حماد من آل حماد، وحسن أبو عيد عن الخطاطرة، وموسى محمود سويدان عن الفلاحين وغيرهم.
استطاعت هذه اللجنة أن تُجنّد في بداية عملها المقاوم 30 من شبابها مزوّدين بـ30 بندقية من البنادق الاعتيادية، ومقدار لا بأس به من العتاد، وكان قائد القطاع الغربي للمقاومة في فلسطين الشيخ حسن سلامة استطاع تزويدهم بالعتاد والسلاح.
وفي الوقت نفسه انتشر أعضاء اللجنة وشبابها المقاوم في القرى المجاورة يبحثون عن مزيد من السلاح والعتاد، بل أرسلوا أمين سر هذه اللجنة إلى القاهرة ليجلب مزيدا من السلاح، فعاد يحمل 60 صندوقًا من الذخيرة و30 بندقية من السلاح الإنجليزي والألماني.
حينئذ تجمّع لدى لجنة المقاومة في سلمة عدد لا بأس من البنادق ورشاشان ومدفع ألماني من طراز هوشكش ومدفع مورتر، وما إن أُعلن قرار التقسيم في 29 نوفمبر/تشرين الأول سنة 1947م حتى أطلق رجال مدينة سلمة القريبة من يافا أسلحتهم ومقاومتهم الباسلة التي استمرت قرابة 5 أشهر بهذا السلاح القليل والدعم المنعدم.
وكما يقول عارف العارف مؤرخ فلسطين في كتابه "نكبة بيت المقدس والفردوس المفقود بين عامي 1947-1949" إنه ما كان ينقضي يوم واحد منذ صدور قرار التقسيم إلا وكان الفريقان يصطدمان، وكان الرصاص ينهمر عليهما مثل المطر، وصمد أبناء سلمة الصناديد في وجه خصومهم، فكانوا أمامهم كالحديد، لم يتزحزحوا عن مواضعهم، ولم يرحلوا عن منازلهم؛ كانوا يعدّون الفرار عارًا.
رجال سلمة في داخل "تل أبيب"
برزت بطولة المقاومة في سلَمة حين أنذروا قادة الجيش البريطاني ألا يسمحوا لجنودهم بالمرور من البلدة في طريقهم إلى مطار اللد وإلى تل لتفنسكي القريب حيث يوجد معسكر القوات البريطانية، وكانوا قد اعتادوا المرور من سلمة ليلا ونهارًا للوصول إلى المطار والمعسكر.
وكان أهل سلمة قد أنذروا البريطانيين بمنع المرور؛ لعلمهم أن العصابات الصهيونية في أثناء حروب النكبة كانت تتزيّا بزي الإنجليز، وتقوم بعمليات هجوم مباغتة على المقاومة الفلسطينية وتوقع منها الرجال، ولكن الإنجليز لم ينصاعوا لطلب أهالي سلَمة رغم وجاهته.
وبعد يومين في 20 ديسمبر/كانون الأول 1947م مرت سيارة عسكرية بريطانية فقرر المقاومون مهاجمتها، وأحرقوها وجرحوا سائقها واستولوا على بندقيته، فقرر قادة المنطقة البريطانيون مهاجمة سلمة بـ30 دبابة و10 سيارات كبيرة ممتلئة بالجنود، وأنذروا أهل البلدة بإرجاع البندقية ودفع مبلغ كبير تعويضًا عن السيارة التي أُحرقت، ولكن لم ينصع له رجال المقاومة حتى بعد اعتقال عدد كبير منهم، وفي نهاية المطاف قرر البريطانيون سدّ الطريق في سلمة التي كانت تصل يافا بمطار اللد.
وكان إغلاق هذه الطريق ضربة كبرى للمقاومة في البلدة؛ لأنها الطريق الوحيدة التي كانت مفتوحة ومتصلة بالقرى العربية القريبة مثل اللد والعباسية، ومنها كان يأتي المدد والدعم، واستغل اليهود هذا التطور حتى قاموا بالهجوم على سلمة من ناحية مستوطنة هاتيكفا، وكانوا مزودين بالأسلحة الرشاشة السريعة، فصدهم المجاهدون ببطولة كبيرة رغم فارق العتاد والرجال.
ولكن اليهود كانوا يقصدون من وراء هذا الهجوم تشتيت انتباه المقاومين؛ ففي الوقت ذاته تجمعت عصابات الأرغون وغيرهم في مستوطنة رامات غان القريبة ليهجموا على سلمة من الناحية الأخرى البعيدة عن الطريق، ولكن مجاهدي البلدة كانوا قد استعدوا لهذا المكر الصهيوني وأمّنوا ظهورهم، ولما بدأت طلائع قوات الإرغون في التقدم ظهروا لهم وقاوموهم ثم تغلّبوا عليهم بصورة أدهشت اليهود أنفسهم.
ولم يتوقف المقاومون في سلَمة عند هذا الحد، بل طوّروا دفاعهم إلى الهجوم المضاد على مستوطنة هاتيكفا، واستطاعوا التغلب على سكان المستوطنة من العصابات اليهودية المسلحة وطردوهم منها وأشعلوا النار بها، ومن اللافت -كما يقول المؤرخ الفلسطيني عارف العارف– أن نساء سلمة اشتركن في هذا الهجوم وكنّ يشجّعن الرجال على القتال.
ومن الأخلاق العالية التي ظهرت في هجوم رجال سلمة ونسائها على المستوطنة أن اليهود من رعبهم هربوا وتركوا من خلفهم أبناءهم، فلم يتعرض لهم المجاهدون بسوء، وكان عدد الأطفال اليهود 26 طفلا، سلّموهم إلى القوات البريطانية التي سلّمتهم بدورها إلى أحد المستشفيات في تل أبيب.
وعلى وقع اندحار القوات اليهودية وانتشار خبر انتصار مقاومي سلمة راح المناضلون الفلسطينيون من اللد والعباسية القريبة يأتون مددًا لإخوانهم، وبدأ الجميع في الانتشار حول المستوطنات الأخرى المجاورة حتى تمكنوا من بلوغ تل أبيب يلقون الرعب في أفئدة سكانها، وأشعلوا النار في عدد من منازل مستوطنة شابيرو التي تعد اليوم حيّا من أحياء تل أبيب.
وأمام هذا الاندحار الكبير الذي تعرض له اليهود، تدخل البريطانيون لإنقاذهم ونجدة تل أبيب، وأصدروا أوامرهم للمقاومة الفلسطينية من رجال سلمة واللد والعباسية أن يخرجوا من تل أبيب وإلا تعرضوا للقصف بالطيران والهجوم العسكري البريطاني، واضطر رجال المقاومة إلى الانسحاب للفارق الكبير في العتاد والسلاح، واستُشهد في هذه المعارك 14 مجاهدًا فلسطينيا وامرأتان بينما سقط من اليهود 100.
وهكذا وبحجة فصل العرب عن اليهود استطاع البريطانيون إنقاذ تل أبيب من السقوط في أيدي المقاومة الفلسطينية بقيادة رجال سلمة، ولو حدث هذا لتغيرت كثير من معادلات النكبة، خاصة معارك يافا والشمال الغربي الفلسطيني وقتئذ.
نهاية سلمة
ولكن ورغم هذا الدعم البريطاني وقتئذ، الذي يذكرنا اليوم بالدعم الأميركي اللامتناهي لإسرائيل، لم يكن يمضي يوم دون قتال بين المقاومة في البلدة والعصابات الصهيونية، ومن أهم المعارك التي وقعت حينئذٍ ما جرى في أيام 18 ديسمبر/كانون الأول 1947 والأول والـ28 من فبراير/شباط 1948.