تاريخ القرية - كفر ثُلّْث - قضاء قلقيلية

القرية في العهد الكنعاني

شهدت كفرثلث العهد الكنعاني وورد ذكرها في الآثار المصرية ، ولقد دلني وجود آبار كنعانية فيها على قدمها وهذه الآبار تم تبليط أرضيتها بالحجارة والرمل المخلوط بالشيد وحصى الأودية وربما تعود بعض المظاهر الدينية ومنها الصنم الذي كان موجودا في مغارة الجمل وبعض الكتابات الجدارية التي كتبت والعروس التي كانت تركب الجمل إلى هذا العهد وربما كان الأقرب للصحة أنها كانت مغارة يتعبد فيها الكنعانيون الذين اتخذوا أعالي الجبال والتلال أماكن للعبادة ، ومنها : " الزاقورات " للعبادة وربما يرتبط أسم (بعل شليشه ) بالإله بعل إله الكنعانيين المشهور وأما العروس فربما كانت عشتار إلهة الخصب والنماء خاصة إذا علمنا أن تسمية القرية بهذا الاسم تعني : ( رب أو زوج أو سيد الثلاث ) حسب اللغة الكنعانية وجميعها تفيد نفس المعنى (1).

والجدير ذكره أن هناك حكايات ترتبط بهذا الاسم ومن هذه الروايات التي تشبه المعجزة في عهد الأساطير والتي تقول أن أناسا كانوا يحملون عروسا على هودج جمل وقد عبروا الجبال وصعدوا الوادي إلى مغارة الجمل ولما وصلوا قمة الجبل قالوا : صعدنا الجبل بإرادتنا وعزمنا لا بعزم الله وكانت النتيجة البائسة أن الجمل والعروس ومن معهم أن مسخت صورهم إلى صور على جدار المغارة فأما الجمل فانقلب صخرة والعروس تمثال يركب الجمل ، وتحكى رواية أخرى أن الكفر والإلحاد كان بنسبة الثلث في هذه المنطقة دون القرى والبلدان المجاورة فهو بنسبة الثلث من مجموع الإلحاد فيها (2) . 

وتقول رواية ثالثة أن ثلاثة نساء جاءت من قرية ديراستيا شرق كفر ثلث فاقتربت من قرية جينصافوت فسميت هذه القرية بهذا الاسم ، وهنا اختارت إحداهن الإقامة في هذه القرية وبقيت اثنتان وتزوجت الثانية في قرية كفرلاقف حيث تلقفتها المعروفة اليوم بهذا الاسم في حين بقيت الثالثة فكان محل قامتها في كفر ثلث ولأنها واحدة من الثلاثة دعيت القرية بهذا الاسم (4) .

من خلال الروايات السابقة نستنتج أنها تدلنا تعلى قدم تاريخ القرية وطالما أن المؤرخ لا تهمه الأساطير بقدر ما تهمه الوثائق والموجودات وعليها تقاس النتائج فإن الباحث يميل للقول أن كفر ثلث كنعانية والدليل على ذلك آثارها الكنعانية ذات الطابع الكنعاني ومنها: الآبار والمذابح المسقوفة ببلاطة يبلغ سمكها 20 سم ومساحتها متر مربع،وقد شاهدتها في بعض مواقع القرية ( 5) .

و تقع ضمن أحواض كفر ثلث خرائب كثيرة ومنها: خربة الزاكور(اللفظ العامي للكلمة) الزاقورة وهي المكان العالي المرتفع على جوارها وبها مغارات قديمة كبيرة وآبار وقد ذكرت بعض الروايات أنها تعود للعهد الكنعاني وقد سكنت في عهود مختلفة ولكن دون تواصل( 6) .

ويظهر أن كفرثلث كانت موجودة في زمن الاحتلال اليهودي القديم لفلسطين ، حيث ورد ذكرها في العهد القديم  بعد أن ضاعت أتن قيس بن شاؤول وبحث عنها في أرض شعليم من جبل أفرا يم وعبر أرض بعل شليشه فوجدها في مكان آخر(7).

وفي سفر الملوك الثاني الإصحاح الخامس نجد حادثة أخرى تروي لنا " أن رجلا جاء من بعل شليشة وأحضر لرجل الله خبزا باكورة عشرين رغيف من شعير وسويقا في جراب . فقال أعطي الشعب فيأكلوا لأنه هكذا قال الرب يأكلون ويفضل عنهم، فجعل أمامه فأكلوا، وفضل عنه حسب قول الرب " (8).

نستنتج من النص الوارد أعلاه أن كفرثلث وجدت في العهد العبري القديم رغم أن الروايتان ينقصهما الوضوح أما في العهود اللاحقة فلم أعثر لأي ذكر يتناولها.

كفر ثلث زمن الرومان

إن هذه القرية عاصرت الرومان والدليل على ذلك الآثار والزيتون والخرائب حتى أن بعض الحمائل تنسب لهذا العهد ، وتوجد مجموعة من القبور تعود لهذا العهد 

وهناك أيضا بئران يوصلان  ببعض حيث كانت تستخدم لخزن الزيت ويكثر في أراضيها مجموعة من الخرائب الشاهدة على العهد الروماني ،ومنها : خربة الخراب والبياض وخريش والبساتين ورأس طيرة،وكانت تصلها طريق تربط نابلس مع يافا وتمر من خربة كفرقرع ورأس طيرة.

وأذكر أن بعض التوابيت المصنوعة من الحجر الصلد عثر عليها في أحد المغارات وقد شاهدتها عام 1967 ،هذا ناهيك عن الاسرجة الفخارية التي تعود لهذا العهد والأنابيب الفخارية التي وجدت في خرب قريبة منها وبعض آبار جمع المياه وأشجار الزيتون المنسوبة لهذا العهد .و تقع أثار كثيرة في جنبات كفر ثلث تظهر فيها سمات العهد الروماني وان بعض الموجودات فيها تعطي أدلة على أنها شهدت هذا العهد أو وجدت فيها ومنها ما يلي :

خربة الخراب (خربة أبو شرفة):

تقع على بعد 2 كم شمال كفر ثلث . وجدت فيها قطع نقدية تعود للعهد الروماني البيزنطي ووجدت بالغرب منها مغارات ومقابر تعود إلى هذا العهد وهي المسماة بـ "الفسد قيات " وقام لصوص الآثار بحفر الخربة ومغاراتها وعثروا على قطع أثرية مختلفة وغيرها من النقود،وثبت أنها تعود للعهد الرومان البيزنطي ،وليس صحيحا ما يشاع أنها خربة يهودية وبها جامعة عبرية في عهد لم يعرف المدارس،وفي هذه الخربة وجدت بعض الآبار التي استغلها السكان في سقي المواشي وبالقرب منها مقبرة صخرية مكونة من أربعة قبور وجرى حفرها (10).

خربة البياض : تقع غرب كفر ثلث على بعد 800 م تقريباً فيها آبار ومغارات،ولكنها ليست بمستوى خربة كفر قرع في طابعها العمراني والحضري القديم .

خربة البساتين : تقع إلى الجنوب الغربي من كفر ثلث بجانب قرية الأشقر فيها آبار وشقف فخار وصهاريج أنابيب ويظهر أنها تعود للعهد الروماني .

خربة الزاكور : خربة تقع على مرتفع من الأرض تقع إلى الغرب من كفر ثلث اغتصبها اليهود عام 1948م وطردوا أهلها وقد سكنتها حمولة الغرابة من أبناء كفر ثلث فيها مغارات وبيوت و آبار وبرك .

خربة كفر قرع : وتقع إلى الشرق من كفر ثلث على بعد 1 كم ،وفيها مسجد مدمر ومقبرة و آبار ومغارات وبرك يظهر أنها كانت في العهد الروماني وبلطت ساحتها بالفسيفساء،هذا ناهيك عن العملات الرومانية والإسلامية التي كشفت في المكان وبعضها يعود إلى زمن صلاح الدين ، وقد تعرضت الخربة للتدمير في القرن السابع عشر على وجه التقدير بعد خلاف مع أبناء بلدة كفر ثلث وهاجر أهلها إلى موقع خربة كفر قرع الحالية في المثلث الشمالي . ولقد جرى حفر الخربة ليلا وسرقة آثارها من اللصوص كالعادة (10) .

خربة عبد الرحيم : يوجد فيها جدران وبعض الآبار .

خربة خريش :

وهي تقع غرب كفر ثلث وقد تعود هذه الخربة للعهد الروماني ، حيث أمكن الاستدلال على ذلك من الآثار الرومانية فيها حيث توجد بركة أثرية استخدمها السكان في الشرب وقدرت مساحتها ب 3555 دونم ثم عثر السكان على قطع نقدية أنتيكا تعود لهذا العصر (11) .

خربة رأس طيرة:

فيها مغارات وصهاريج تعود للعهد الروماني البيزنطي ولكنها ليس ذات تنظيم جيد

ويظهر أن كفرثلث شهدت إقامة قبائل عربية منذ العهد الروماني وأن من أقدم العائلات في كفر ثلث الغرابة وآل أبي الأعرج الذين سكنوا في هذا العهد وحيث أشارت الروايات أنهم " قرارية " أي جذورها الأصلية .

كفر ثلث وأعمالها في العهد الإسلامي

دخلت فلسطين في العهد العربي بعد معركة اليرموك وبيت المقدس عام 636م وخضعت البلاد للحكم العربي الإسلامي .دخلت كفر ثلث كباقي القرى العربية في الدين الإسلامي وبني بها "الجامع العمري"  الذي زالت آثاره بسبب الإهمال عام 1924،حيث جرى بناء جامع آخر في وسط القرية قرب مضافة شجرة التوت ونقلت حجارته للمسجد والبيوت المجاورة(12).

ولدى البحث عن كفر ثلث في العهد الصليبي وجدت أنها دعيت باسم

 (كفر ثلث)وفي زمن المماليك قام الظاهر بيبرس بإقطاع "خربة المنطار " الواقعة غرب كفر ثلث على بعد 5و1 كم لعز الدين اتابك الفخري, وكانت من جملة الإقطاعيات التي اقطعها لقواده في فلسطين ومنها حبله وخربة برنيقيا (13).

كفر ثلث في عهد الانتداب البريطاني والثوره الفلاحية المسلحة

  أسهمت كفرثلث في ثورة 1936 بالبنين والمال فقد التحق عدد من الأشخاص بالثورة وكان منهم :موسى مقبل عوده ، وحسين شقير ، وإسماعيل أبو هنية ، ويونس خالد ، وبركات عوده ،وسليم سلامة وحسن مصطفى عودة، كما شكلت كفرثلث الملاذ الآمن الذي كان يلجأ إليه الثوار بعد قيامهم بعمليات ثورية على طريق عزون نابلس أو في السهل الساحلي الفلسطيني ، وكان أبناء كفرثلث يكرمون أبناء الثورة ويستضيفونهم ،ولهذا فرض عليها منع التجول 8 مرات .

وأسهمت خريش بمساهمة محدودة وتمثلث في تقديم بعض الخدمات، وعلى أرضها حدثت بعض الأحداث البسيطة.

وكانت علاقتهم بعدة فصائل منها: فصيل حسن أبو نجيم وفصيل فارس العزوني ،ولكن فصيل حسن لم يستمر طويلا وتميزوا بعلاقتهم مع الفصيل  الذي قاده فارس محمد الحواري من قرية عزون (35).

سجن فارس العزوني في سجن عكا وحينما سمع بأخبار الثورة فر من معتقله ليلتحق بالثورة

وقد التحق بصفوف الثورة وبعد فترة من الزمن طالب عارف عبدالرازق بتأسيس فصيل بمفرده دعاه فصيل الموت.

عمل فارس على تجنيد أبناء عزون، وكفر ثلث في فصيله الذي لا تقل أعداد عناصره عن 75 في حين ذكر فيصل عارف أن عددهم 200 ثائر (36).

وضم الفصيل عربا وفلسطينيين ممن انتدبوا للمهمات المختلفة، مثل المهمات القتالية. وأخرى كالاغتيالات، وشراء أسلحة وذخائر ومناظير، وتسجيل أحداث الثورة ،ومن الأمثلة على ذلك تكليفه موسى المقبل بشراء دربيل من مدينة نابلس حسبما روى لي قبل وفاته. وكان الناس يقومون بتنظيف الرصاص القديم الذي توفر من الحرب العالمية الأولى. يقول توفيق أبو صفية: "كنا أطفالا صغارا وتوظفنا قي تنظيف الرصاص ومسحه (37).

قام فصيل فارس بالعديد من العمليات العسكرية إلى جانب أعمال قتل العملاء والجواسيس، كانت أولى بدايات الفعاليات أن توجهوا إلى مكان قريب من عزون على الطريق الواصل بين مدينة نابلس قلقيلية، وكان طريقا ترابيا تمر منه مركبات الجنود، والسيارات المدنية الفلسطينية، وهي قليلة ونادرة، (38).

عمل البريطانيون على خلق أوضاع سيئة في مختلف المجالات وخاصة على الصعيد الاجتماعي لخلق حالة تناحر عشائري ،وتوظيف وعزل مخاتير يعملون لصالحهم والتنافس على المخترة بين الحمولتين الكبيرتين عودة والشواهنة ،هذا ناهيك عن تحطيم الانتاج الاقتصادي للقرية العربية حماية الإنتاج الصهيوني وتشجيعه وتقديم المساعدات اللازمة لتنميته وازدهاره .

ورغم شيوع الأجواء الثورية في فترة ثورة 1936ـ 1939، لكن الأوضاع عادت القهقرى لأسباب مختلفة واعدم فارس عام 1941.

وثيقة عثمانية 

 

 

  وثيقة حول بلدة  كفرثلث في القرن السابع عشر الميلادي

سبب تحرير الحروف هو انه بالمجلس الشرعي المحرر المرعي اجله الله تعالى لدى سيدنا الحاكم المرعي محمد افندي الموقع خطه الكريم اعلا نظيره دام فضله وعلاه حضر كل واحد من الرجل المدعو صبح بن ابراهيم والرجل المدعو سليمان والرجل المدعو محمد الدرري من اهالي كفر ثلث الكاينة بناحية نابلس وكفلوا الرجل المدعو سليمان بن محمد بن علي عبدالكافي الحنبلي فيما عدت منه في حق نصارى الارمن بالقدس الشريف كفالة مرضية يأذن لهم في ذلك تصادقوا على ذلك كذلك وثبت مضمون ذلك لدى مولانا الحاكم الشرعي المشار اليه خلد الله النعم عليه ثبوتا شرعيا تحريرا في ثاني عشري من صفر الخير لسنة سبعة وخمسين والف.

شهود الحال

الشيخ شرف الدين

الشيخ زكريا الديري 

الشيخ مصطفى الدجاني 

الشيخ عفيف الدين الديري 

الشيخ نور الدين الشافعي كاتبه

سجل محكمة القدس الشرعية رقم 139، 22 صفر 1057هـ/ 28 آذار 1647م